هل عليّ إثم لكثرة تخيلاتي الجنسية؟ وما كيفية التخلص منها؟

أصل صلاح الإنسان حراسة الخواطر التي تخطر له.

  • التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

أنا فتاة عمري 22 سنة، مشكلتي في تخيل الرغبات الجنسية والرغبة بالزواج كثيرا، والحمد لله أنا ملتزمة بديني، ولا أشاهد الإباحيات ولا أمارس العادة السرية، لكن أتخيل كثيرا، فهل علي إثم في ذلك؟ وما نصيحتكم لي؟

وسؤالي الآخر: عندما أنتهى من الدورة الشهرية تأتيني حكة شديدة في منطقة الفرج، ما علاجها؟ وتنزل مني إفرازات بيضاء اللون وكريهة الرائحة وتكون مستمرة، فهل تجوز الصلاة بها؟ وكيف يتم التخلص منها؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يُغنيك بحلاله عن حرامه، ونسأله سبحانه وتعالى لنا ولك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

نشكر لك اهتمامك بدينك واهتمامك بمعرفة الحلال والحرام، وهذا دليل على وجود الخير فيك، ونتمنى لك دوام الصلاح والاستقامة، كما نسأل الله تعالى أن يعينك على ذلك ويثبتك عليه.

وقد أحسنت - أيتها البنت العزيزة - حين اجتنبت مشاهدة المناظر المحرمة واجتناب ممارسة العادة السرية، كل هذا - إن شاء الله - من أسباب تثبيت الله تعالى لك على الطاعة وتجنبيك للمعصية.

وأما سؤالك فسأُجيب عن الجانب الشرعي، فالتخيلات الجنسية لا خير من ورائها يُجنى، لكن إن كان السؤال عن الإثم من عدمه فإنها إذا كانت قاهرة لك تحصل لك من غير استدعاء منك أنت فلا إثم عليك في ذلك، لأن الله تعالى تجاوز لهذه الأمة ما حدثتْ به أنفسها، أما إذا كنت تستدعينها أنت بنفسك وتتخيلين أفعالا محرمة كالاستمتاع برجل أجنبي ونحو ذلك، فإن هذا من التمني المحرم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال: (والقلب يهوى ويتمنى) بعد أن عدَّد بعض خصال الزنى، وسمَّاها زنىً، وهي من مقدمات الزنى، فزنى اللسان النطق، وزنى العين النظر، إلى أن قال: (والقلب يهوى ويتمنى).

فهذا هو عمل القلب، أنه يهوى ويتمنى، فإذا تمنى الحرام وتصور الإنسان أنه يفعل الحرام واستدعى هذه الأفكار فإن هذا من الفكر المحرم، وقد نصَّ الفقهاء في كلامهم على تحريم أن يتصور الرجل أثناء مجامعته لزوجته أنه يُجامع امرأة أجنبية، فيتصور تلك الصورة المحرمة والمرأة المحرمة، فإنه بذلك يتشبه بحال المعصية ويرضى بها، وهذا حرام.

ولهذا فنصيحتنا لك أن تجاهدي نفسك للإعراض عن هذه الأفكار، والإعراض عنها أمر سهل يسير - بإذن الله تعالى -، واعلمي - بارك الله فيك - أن أصل صلاح الإنسان حراسة الخواطر التي تخطر له، فلا يسمح لنفسه بالانجرار وراء خواطر السوء، يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى – في فائدة عظيمة عنونَ لها بقوله: "قاعدة في ذكر طريق يُوصل إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال، وهي شيئان: أحدهما حراسة الخواطر وحفظها، والحذر من إهمالها والاسترسال معها، فإن أصل الفساد كله من قِبلها يجيء، لأنها هي بذر الشيطان والنفس في أرض القلب، فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات، ثم يسقيها بسقيه حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تُثمر الأعمال" انتهى كلامه رحمه اللهُ.

وهذه الكلمات اليسيرة من ابن القيم تبيِّن لك خطورة الأمر، وأن هذه الخواطر قد تجرك إلى ما لا تُحمد عاقبته، فادفعيها عن نفسك بقدر الاستطاعة.

وأما عن الإفرازات البيضاء التي تنزل منك فإنها لا تمنع الصلاة، وإذا كانت تنقطع قبل خروج وقت الصلاة وتعلمين زمن انقطاعها فالواجب عليك انتظار ذلك الوقت لتتوضئي وتصلي بطهارةٍ كاملة، فإن كانت لا تنقطع زمنًا يكفيك للطهارة والصلاة قبل خروج الوقت، أو كان نزولها مضطربًا، بمعنى أنك لا تعلمين هل تنقطع أو لا تنقطع، وقد يتقدم الانقطاع وقد يتأخر، فإنك في هذه الحالة تتوضئين بعد دخول الوقت، وتصلين بذلك الوضوء ما شئت من الصلوات، فإذا جاء وقت الصلاة الأخرى احتجت أن تُعيدي الوضوء مرة أخرى، وهكذا.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.