هل فشل الإسلاميون في الحكم أم أفشلوا ؟

إن المسؤولية كانت كبيرة والأحزاب الإسلامية في مجموعها كانت وليدة، والعمل السياسي ودهاليزه وكيفية إدارة شؤون دولة كانت غريبة عليهم.. وكان من الأفضل التدرج خطوة خطوة لأن الشعوب كانت تنتظر الكثير والسريع وحجم الإحباط عندها بعد عشرات السنين من الحرمان والاضطهاد كان بحجم انتظارها، وللحديث بقية.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - أحداث عالمية وقضايا سياسية -


بدأ يتردد على الألسنة الآن بقوة إثر الاحداث التي تشهدها بعض بلدان الربيع العربي بعض الأسئلة الهامة والحائرة والكاشفة أيضا وهي: هل فشل الإسلاميون في الحكم؟ أم أُفشلوا؟ وهل الفارق كبير ومؤثر بين الأمرين أم العبرة بالنتيجة النهائية؟هل تعجلوا الوصول للحكم؟هل وقعوا فريسة لكمين داخلي وخارجي؟هل يمكنهم تجاوز الأزمة؟العديد من الأسئلة بعد انقلاب مصر العسكري ومحاولات شبيهة في تونس وحملة شعواء في عدة بلدان ضدهم وممارسات إعلامية وضيعة لتشويه صورة الإسلاميين بل والإسلام نفسه أحيانا عن عمد أو عن غير عمد..


ولكن قبل أن نبدأ في الإجابة على هذه الأسئلة ينبغي أن نادر بسؤال أهم وهو هل حكم الإسلاميون حقا؟! إن المدقق فيما جرى في مصر وتونس يعلم جيدا أن الإسلاميين لم يحكموا أو بالأحرى لم يمكنوا من الحكم بعد تحالف قوى الشر عليهم من جميع الجهات من دولة عميقة ومعارضة علمانية وشرطة فاسدة..إن للحكم أدواته ولا يمكن أن تضع مسؤولا في عمل ما دون أدوات ثم تسأله لماذا فشل في عمله أو لم يحقق ما كان مطلوبا منه، من البديهيات عندما يتولى أحد الأشخاص إدارة شركة أن يجلس مع أصحابها ويطلب عددا من المساعدين وعدة تفويضات وصلاحيات حتى ينجح في عمله وإذا لم تتحقق يعلن عدم مسؤوليته عن النتائج وهو بالضبط ما كان يجب أن يحدث في هذه البلدان فكيف يحكم رئيس بدون شرطة تحمي البلاد من البلطجة والفساد وتهريب الأسلحة والمواد البترولية المدعومة؟ وكيف يحكم رئيس وليس عنده جهة تشريعية تصدر القوانين وتراقب الحكومة؟ وإذا جاءت طعنوا في شرعيتها وحلوها..كيف يحكم رئيس كثير من كبار الموظفين يعملون ضده في الخفاء وإذا تصدى لهم خرجوا عليه بسيف "الأخونة".. كيف يحكم رئيس والقضاء يفرج عن المتهمين بأعمال عنف وحرق رغم تصويرهم بالصوت والصورة..


كيف يعمل رئيس لدولة والإعلام الخاص والحكومي ضده يشوه من صورته ويلفق القصص عنه وعن أسرته وحزبه دون رقيب من قضاء أو نقابة أو جهة ما وإذا اتخذت إجراءات ضد أحد منهم صرخوا مطالبين "بالحرية" التي يمنعونها الآن عن غيرهم..كيف يحكم رئيس في أوضاع اقتصادية متردية بعد ثورة وسوء إدارة عسكرية ثم تستغل المعارضة هذه الظروف لتخويف الاستثمارات بالتظاهر المستمر الذي ينتهي دوما بأعمال عنف تسلط عليها الاضواء الإعلامية ليل نهار ..

نعم أخطأ الرئيس في عدة أمور من أهمها أنه لم يخرج على الشعب ليفضح الجميع بالأدلة والبراهين عن تآمر أجهزة الدولة ضده ويقوم بتطهير شامل لجميع الاجهزة مهما كانت ردود فعل المعارضة وتلفيقاتها وليستعين بالشعب على ذلك، موضحا أنه تآمر على الثورة نفسها وليس عليه، لقد كانت الكهرباء تنقطع بالساعات الطويلة وأهموه أن ذلك ضروري ولم يتثبت وصدقهم! إنه سوء اختيار للمسؤولين الصغار والكبار والذين كان بعضهم يعمل في دولة مبارك فكيف يثق فيهم؟!..

أخطأ الرئيس عندما استعان بأشخاص في مؤسسة الرئاسة ليس بينهم توافق وانسجام وليس عندهم الكفاءة الكافية لإدرة المرحلة الحرجة لإدارة البلاد، أخطأ عندما ارتعشت يده للتصدي لقيادات الداخلية الذين تركوا البلاد لقمة سائغة للبلطجية وأصحاب الأجندات..


إن البلاد بعد الثورات على الأنظمة العاتية تحتاج لإجراءات حاسمة ورادعة وإلا انهارت البلاد أو انتكست..لقد كانت هناك مؤامرة كبرى لا شك في ذلك ولكن الظروف ساعدتها للوصول لأغراضها فوضع البلاد الاقتصادي المتدهور وسيطرة الدولة العميقة على الكثير من إدارات البلاد والفشل في التخلص منها سهل من التآمر وكان المفترض إما التصدي بقوة وحسم وبتحالف واسع مع القوى الثورية الحقيقية إسلامية وغير إسلامية أو التمهل في الوصول للحكم وهو ما كنت أرجحه..

إن المسؤولية كانت كبيرة والأحزاب الإسلامية في مجموعها كانت وليدة، والعمل السياسي ودهاليزه وكيفية إدارة شؤون دولة كانت غريبة عليهم.. وكان من الأفضل التدرج خطوة خطوة لأن الشعوب كانت تنتظر الكثير والسريع وحجم الإحباط عندها بعد عشرات السنين من الحرمان والاضطهاد كان بحجم انتظارها، وللحديث بقية.



خالد مصطفى  - 25/9/1434 هـ