حصاد الثورة السورية (جراح وآمال)

منذ 2014-01-07

يمكن تلخيص حصاد الثورة السورية في نهاية عام 2013 بكلمتين اثنتين هما (جراح وآمال)، وعلى الرغم من كون الجراحات والآلام كثيرة وشديدة، وقد طغت على الأفراح وتجاوزت كل التوقعات والاحتمالات، إلا أن ذلك لا يعني أن نفقد التفاؤل والأمل بالله تعالى، ولا يعني أن نغض الطرف عن الإنجازات التي حصلت خلال هذا العام، وإن كان الثمن باهظًا وكبيرًا، فهكذا شأن الثورات وهذه هي طبيعتها.


يمكن تلخيص حصاد الثورة السورية في نهاية عام 2013 بكلمتين اثنتين هما (جراح وآمال)، وعلى الرغم من كون الجراحات والآلام كثيرة وشديدة، وقد طغت على الأفراح وتجاوزت كل التوقعات والاحتمالات، إلا أن ذلك لا يعني أن نفقد التفاؤل والأمل بالله تعالى، ولا يعني أن نغض الطرف عن الإنجازات التي حصلت خلال هذا العام، وإن كان الثمن باهظًا وكبيرًا، فهكذا شأن الثورات وهذه هي طبيعتها.

نعم لقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 130433 شخصًا (منذ انطلاقة الثورة السورية) في منتصف مارس 2011، غالبيتهم من المقاتلين في الجانبين المتحاربين، بحسب حصيلة جديدة أصدرها يوم الثلاثاء. وبالرغم من أن جميع الإحصاءات غير دقيقة نظرًا لاتساع نطاق الحرب وعدم وجود آليات تسمح بالوصول إلى العدد الحقيقي لعدد القتلى، بالإضافة إلى التكتم الشديد من قبل النظام السوري وأنصاره على البوح بعدد قتلاه في المعارك للحفاظ على الروح المعنوية لجنوده ومواليه، إلا أن هذه الإحصائية تعطينًا جانبًا من حجم المأساة والفاجعة، من خلال الأعداد الكبيرة من الشهداء والقتلى والجرحى والمفقودين.

وبحسب المرصد فإن عدد القتلى هم 46266 مدنيًا بينهم أكثر من سبعة آلاف طفل، و52290 من عناصر قوات النظام والمجموعات المسلحة الموالية لها، و29083 من مقاتلي المعارضة، بالإضافة إلى 2794 قتيلًا مجهولي الهوية، مضيفا أن من بين القتلى المدنيين 7014 طفلًا، و4695 أنثى فوق سن الثامنة عشرة. وقد فصل المرصد توزيع قتلى النظام السوري وأعوانه على الشكل التالي: 32013 من قوات النظام، و19729 من اللجان الشعبية وقوات الدفاع الوطني، و262 مقاتلًا من حزب الله، و286 مقاتلًا من الطائفة الشيعية من جنسيات غير سورية. وبينما أعداد المعتقلين السوريين في سجون ناظم الأسد بمئات الآلاف، أشار المرصد إلى وجود أكثر من 17000 معتقل فقط داخل سجون بشار، بينما ذكر أن لدى كتائب المعارضة أكثر من ستة آلاف أسير من القوات النظامية والمسلحين الموالين لها.

وعن مصدر معلومات هذه الإحصاءات ومصداقيتها يقول المرصد: إنه يعتمد على شبكة واسعة من المندوبين والمصادر الطبية في كل سوريا للحصول على معلوماته.

ومع كل هذه الأرقام المهولة عن الضحايا، والتي لم يحدث أن حصلت في أي حرب حديثة، ومع وجود أكثر من نصف مليون جريح سوري حسب إحصائية أخيرة للصليب الأحمر لم تذكر في حصيلة المرصد، ناهيك عن الإعاقات الجسدية والنفسية عند الأطفال والشيوخ والنساء، إلا أن ذلك لم يكن بلا ثمن، فقد حققت الثورة السورية بعض الإنجازات التي نرجو الله تعالى أن يكللها بالإنجاز الأهم والأعظم، ألا وهو النصر المبين من عند الله الكريم.

كانت أولى إنجازات هذه الثورة ونتائجها العظيمة، هو الانعتاق من عقدة الخوف والرعب الذي فرضه هذا النظام على الشعب السوري، ومواجهة ذلك الاضطهاد الممنهج لجميع مخالفيه ومناهضيه وخصوصًا من أهل السنة، والتمكن من محاربته عسكريا بمختلف أنواع الأسلحة التي أكرم الله بها الثوار، بعد أن كان الواحد من السوريين لا يحلم أن يقول لا في الانتخابات أو لأي مسؤول أمني هناك، فضلًا عن المواجهة ولو بالأيدي أو الأسلحة البيضاء.

كما أن من إنجازات هذه الثورة المباركة كشف القناع والغطاء عن الروافض الشيعة، الذين تستروا بدعاوى مقاومة أمريكا وإسرائيل، وتخفوا بمزاعم حب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم من كل ذلك براء، وقد مثل وقوفهم مع الطاغية بشار ضد ثورة الشعب السوري المسلم، الشعرة التي قصمت ظهر بعير مقاومتهم لإسرائيل، والمسمار الأخير في نعش أكذوبة الممانعة الشيعية للمشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة.

ولا ننسى المناطق الواسعة التي استطاع الثوار تحريرها من قبضة بشار، والتي تقدر بأكثر من 65% من مساحة سوريا، وذلك على الرغم من كون قبضتهم على تلك المناطق المحررة ما تزال غير كافية، بسبب عدم قدرتهم على مواجهة سلاح الطيران الأسدي، إلا أنه بلا شك إنجاز كبير لا بد من المحافظة عليه وتوسيعه.

ولعل من أهم إنجازات الثوار في سوريا هي محاولات التوحد والاجتماع، بعد الفرقة التي فرضها واقع وظروف الثورة السورية، والتي نشطت في الفترة الأخيرة ولله الحمد، ونرجو من الله أن تتواصل حتى نرى الجيش الموحد لجميع ثوار سوريا في مواجهة بشار وأعوانه.

وكان من بين أهم وآخر محاولات الوحدة تلك، اجتماع أكبر سبعة فصائل مقاتلة في سورية تحت راية واحدة باسم (الجبهة الإسلامية) وذلك بهدف إسقاط نظام بشار الأسد و(بناء دولة إسلامية راشدة)، وقد زاد من أهمية هذه الخطوة تأييد بعض علماء السعودية لها والدعوة لدعمها، وتأييد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أيضا، ودعوته لبقية الفصائل المقاتلة بسوريا الانضمام إليها لجمع كلمة المقاتلين تحت راية واحدة في مواجهة بشار.

(جراح وآمال) هي سنة من سنن الله تعالى في التغيير، ويكفينا صبرًا ومواصلة للقتال مواساة الله تعالى مصاب المؤمنين بقوله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 104].
 

  • 0
  • 0
  • 1,441

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً