الحياء.. كنزٌ مفقود!

منذ 2014-05-02

طالب جامعي يقتصر في صداقاته على زملائه من الذكور دون الإناث مع توفُّر الفتوة وحسن المنظر لديه.. ينظر له البعض على أنه معقَّد! والبعض الآخر على أنه غير مكتمل الرجولة! والقليل يرى فيه المروءة والحياء.

فتاة محتشمة تقتصر في كلامها داخل الجامعة على الفتيات، ولا ترفع طرف عينها عن الأرض في مشيتها وتتحدَّث بصوتٍ منخفض... يراها البعض إنطوائية! والبعض معقَّدة! والبعض فتاة رجعية! والقليل يرونها فتاة مهذَّبة متدينة تقية نقية.

يقتصر في مجال العمل على الحديث في العمل دون التطرُّق لما يخل بالأدب والذوق ولا يطيل الحديث مع النساء سواءً الزميلات أو المتابعات بالعمل.. ينظر له البعض أنه شخص غير اجتماعي وأنه لا يصلح لإقامة علاقة سليمة مع الجنس الآخر.. بينما ينظر له القليل أنه موظف مثالي صاحب خلق ودين ومروءة.

تقتصر في حديثها مع جاراتها على الكلام الطيب وتحرص على ما ينفعها وجاراتها في الدنيا والآخرة دون التطرُّق لعلاقتها بزوجها أو التطرُّق لما يُثير الغرائز في الحديث.. يجتنبها البعض ويرى البعض أن مجلسها غير مُفرِح.. ويحترمها القليل.

صور.. وصور.. وصور.. من حياتنا وغيرها الكثير...

وكل هذه الصور لعلاجها تحتاج لبيان الآتي:

عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ ممَّا أدرك النَّاس مِن كلام النُّبوَّة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت» (رواه البخاري: [6120]).

قال الخطَّابي: "قال الشَّيخ: معنى قوله «النُّبوَّة الأولى» أنَّ الحَيَاء لم يزل أمره ثابتًا، واستعماله واجبًا منذ زمان النُّبوَّة الأولى، وأنه ما مِن نبيٍّ إلَّا وقد نَدَب إلى الحَيَاء وبُعِث عليه، وأنَّه لم ينسخ فيما نسخ مِن شرائعهم، ولم يُبَدَّل فيما بُدِّل منها" (معالم السنن؛ للخطَّابي، ص: [4/109]).

قال ابن القيِّم: "خُلق الحَيَاء مِن أفضل الأخلاق وأجلِّها وأعظمها قدرًا وأكثرها نفعًا، بل هو خاصَّة الإنسانيَّة، فمَن لا حياء فيه، فليس معه مِن الإنسانيَّة إلَّا اللَّحم والدَّم وصورتهما الظَّاهرة، كما أنَّه ليس معه مِن الخير شيء" (مفتاح دار السَّعادة، ص: [1/277] بتصرُّف يسير).

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون -أو بضع وستُّون- شعبة، أعلاها: قول: لا إله إلَّا الله. وأدناها: إماطة الأذى عن الطَّريق. والحياء شعبة مِن الإيمان» (رواه مسلم: [35]).

قال الخطَّابي: "معنى قوله: «الحَيَاء شعبة مِن الإيمان» أنَّ الحَيَاء يقطع صاحبه عن المعاصي ويحجزه عنها، فصار بذلك مِن الإيمان" (معالِم السنن، ص: [4/312]).

وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «الحَيَاء لا يأتي إلَّا بخير» (رواه البخاري: [6117]، ومسلم: [37]).

قال ابن بطَّال: "معناه أنَّ مَن استحيا مِن النَّاس أن يروه يأتي الفجور ويرتكب المحارم، فذلك داعيةٌ له إلى أن يكون أشدَّ حياءً مِن ربِّه وخالقه، ومَن استحيا مِن ربِّه فإنَّ حياءه زاجرٌ له عن تضييع فرائضه وركوب معاصيه؛ لأنَّ كلَّ ذي فطرة صحيحة، يعلم أنَّ الله تعالى النَّافع له والضَّار والرَّزاق والمحيي والمميت، فإذا عَلِم ذلك فينبغي له أن يستحيي منه عزَّ وجلَّ" (شرح صحيح البخاري: [9/297]).

قال ابن رجب: "... «الحياء لا يأتي إلَّا بخير»: فإنَّه يكفُّ عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق، ويحثُّ على استعمال مكارم الأخلاق ومعاليها، فهو مِن خصال الإيمان بهذا الاعتبار" (جامع العلوم والحكم:[1/501]).

قال ابن حجر: "إذا صار الحَيَاء عادة، وتخَلَّق به صاحبه، يكون سببًا يجلب الخير إليه، فيكون منه الخير بالذَّات والسَّبب" (فتح الباري: [10/522]).

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 9
  • 0
  • 4,546

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً