لا تحزن - يُدركُ الصَّبُورُ أحْمَدَ الأمورِ (1)

منذ 2014-05-26

روى الأصمعيُّ عنْ أعرابيٍّ أنه قال: خفِ الشَّرّ منْ موضعِ الخيْرِ، وارجُ الخيْرَ منْ موضعِ الشَّرِّ، فرُبَّ حياةٍ سببُها طلبُ الموتِ، وموتٍ سببُه طلبُ الحياةِ، وأكْثَرُ ما يأتي الأمنُ من ناحيِة الخوْفِ.

  • يُدركُ الصَّبُورُ أحْمَدَ الأمورِ: رُوِي عنْ عبدِالله بنِ مسعودٍ: الفَرَجُ والروحُ في اليقيِن والرضا، والهمُّ والحزنُ في الشَّكِّ والسخطِ.
    وكان يقولُ: الصَّبُورُ، يُدركُ أحْمد الأمورِ.
    قال أبانُ بنُ تغلب: سمعتُ أعربيّاً يقولُ: منْ أفْضلِ آداب الرجالِ أنهُ إذا نزلتْ بأحدِهمْ جائحةٌ استعمل الصبر عليها، وألهم نفْسه الرجاء لزوالِها، حتى كأنه لصبرِه يعاينُ الخلاص منها والعناء، توكُّلاً على اللهِ عزَّ وجلَّ، وحُسْنِ ظنٍّ به، فمتى لزِم هذه الصفة، لم يلبثْ أن يقضي اللهُ حاجته، ويُزيل كُربيه، ويُنجح طِلْبتهُ، ومعهُ دينُه وعِرضُه ومروءتُه.

    روى الأصمعيُّ عنْ أعرابيٍّ أنه قال: خفِ الشَّرّ منْ موضعِ الخيْرِ، وارجُ الخيْرَ منْ موضعِ الشَّرِّ، فرُبَّ حياةٍ سببُها طلبُ الموتِ، وموتٍ سببُه طلبُ الحياةِ، وأكْثَرُ ما يأتي الأمنُ من ناحيِة الخوْفِ.

وإذا العنايةُ لاحظتْك عيونُها *** نَمْ فالحوادِثُ كلُّهُنَّ أمانُ

وقال قطريُّ بنُ الفجاءةِ:

لا يَرْكَنَنْ أحدٌ إلى الإحجامِ *** يوم الوغى مُتَخَوِّفاً لحمِامِ
فلقدْ أراني للرِّماحِ دريئة *** من عن يميني مرَّةً وأمامي
حتى خضبتُ بما تحدَّر مِن دمي *** أحناء سرْجي أو عنان لجامي
ثم انصرفتُ وقدْ أصبتُ ولم أُصبْ *** جذع البصيرةِ قارِح الإقدامِ


وقال بعضُ الحكماءِ: العاقلُ يتعزَّى فيما نزل به منْ مكروهٍ بأمرينِ:

  1. أحدهما: السرورُ بما بقي له.
  2. والآخر: رجاءُ الفَرَجِ مما نَزَلَهُ به.

والجاهل يجزعُ في محنتِهِ بأمرينِ:

  1. أحدهما : استكثارُ ما أوى إليه .
  2. والآخر : تخوُّفُه ما هو أشدُّ منهُ .

وكان يقالُ: المِحنُ آدابُ اللهِ عزَّ وجلَّ لخلقِهِ، وتأديبُ اللهِ يفتحً القلوب والأسماع والأبصار.
ووصف الحّسَنُ بنُ سَهْلٍ المِحن فقال: فيها تمحيصٌ من الذنبِ، وتنبيهٌ من الغفلةِ، وتعرُّضٌ للثوابِ بالصبرِ، وتذكيرٌ بالنعمةِ، واستدعاءٌ للمثوبةِ، وفي نظرِ اللهِ عزَّ وجلَّ وقضائِهِ الخيارُ.
فهذا من أحبَّ الموت، طلباً لحياةِ الذِّكْرِ.
{الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}.

عائض بن عبد الله القرني

حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة الإمام الإسلامية

  • 0
  • 0
  • 2,000
المقال السابق
حُسْنُ الظَّنِّ باللهِ لا يخيبُ
المقال التالي
يُدركُ الصَّبُورُ أحْمَدَ الأمورِ (2)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً