أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تدافع عن نفسها

منذ 2015-02-16

الحمد لله ذو الفضل والإحسان، والكرم والامتنان، القوي الذي لا يُغلب، والعزيز الذي لا يُذل، والعظيم الذي لا يقهر ولا يُهان، والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير، الرسول المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

الحمد لله ذو الفضل والإحسان، والكرم والامتنان، القوي الذي لا يُغلب، والعزيز الذي لا يُذل، والعظيم الذي لا يقهر ولا يُهان، والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير، الرسول المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد:

لقد خيم الحزن على جموع المؤمنين الصادقين في مشارق الأرض ومغاربها، لما تناقلته وسائل الإعلام الإسلامي والعربي والعالمي ما تفوه به هذا الزنديق الكافر، والخنزير النجس والأفاك الأثيم ربيب العهر والخنا والفجور زنديق لندن، بقايا نفايا النفاق القديم النتن المتجدد المدعو "ياسر الحبيب" وإن شئت، فقل: "العاسر البغيض" من السب والشتم والقذف والرمي بالبهتان لأمّنا أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق، والمبرأة من فوق سبع سموات الطاهرة النقية التقية الحصان الرزان، كريمة البيت البكري، وربيبة بيت النبوة الطاهر، وهذا المسخ القذر إنما يُعبر عن ديانة يدين بها فئام من أبناء الأمة المجوسية، وبقايا من أحفاد اليهود مع شرذمة قذرة من أحفاد المنافق الأكبر عبد الله بن أبي بن سلول، وقد تمتع هؤلاء بهؤلاء فأنتجوا لنا تلك الحفنة الآثمة التي جمعت الشر من جميع أطرافه، هؤلاء الذين يتسمون بالشيعة الروافض الإمامية الإثني عشرية أو الجعفرية أو غيرها بين طوائف الكفر والإلحاد والزندقة والردة عن دين الله - جل وعلا -، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم يلقونه، وعندها سيعلم الذين كفروا وظلموا أي منقلب ينقلبون.

وما تفوه به هذا البغيض الخبيث هو الكفر البواح، والردة الصريحة عن دين الله - جل وعلا - هو ومن على شاكلته من أهل الرفض والتشيع - قبحهم الله وقبح ما جاءوا به -.

وهذه الهجمة الشرسة المحمومة المحترقة التي قام بها هذا الخنزير النجس هي امتداد لأسلافه من أهل النفاق والردة بقيادة زعيمهم الأكبر الملعون عبد الله بن أبي بن سلول أكبه الله على وجهه في نار جهنم في أسفل سافل من أدراكها هو ومن سبقه ومن جاء بعده ونهج نهجه، وسار على دربه ونسج على منواله إلى قيام الساعة.

وأنا في هذه المقالة لا أدافع عن أمّنا عائشة - رضي الله عنها -، بل أستمع أنا وأنتم وجميع المسلمين إلى دفاعها هي بنفسها عن نفسها، نفسي لها الفداء - رضي الله عنها وأرضاها-.

وهذا الدفاع هي قصيدة نظمها أحد العلماء الأفذاذ، والعلماء الربانيين الإمام العلم كمال الدين عمر بن أحمد بن هبة الله العقيلي المؤرخ والمحدث والفقيه الأصولي والمشهور بابن العديم قاضي حلب - رحمه الله تعالى- ([1]).

حيث قال في مدح أمنا الصديقة بنت الصديق والمبرأة من فوق سبع سموات السيدة الطاهرة النقية عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - وعن أبيها وعن سائر الصحابة أجمعين، وبيان فضلها، والرد على من انتقصها، أو أبغضها، أو تكلم في عرضها الشريف الطاهر فقال منشداً:

ما شأن ُ أم المؤمنين وشاني *** هُديَ المحبُّ لها وضَلَّ الشَّاني

إنّي أقول مُبيِّناً عن فضلها *** ومُتَرجِماً عن قولها بلساني

يا مبغضي لا تأتِ قبرَ محمدٍ *** فالبيتُ بيتي والمكانُ مكاني

إنِّي خُصِصْتُ على نساءِ مُحمدٍ *** بصفاتِ برٍّ تحتهنَّ معاني

وسبقتُهن إلى الفضائل كُلِّها *** فالسَّبقُ سَبْقي والعِنانُ عناني

قُبِضَ ([2]) النَّبيُّ وماتَ بين ترائبي *** فاليومُ يَومِي والزَّمانُ زماني

زوجي رسولُ الله لم أر غيرهُ *** اللهُ زوَّجني به وحبَاني

وأتاهُ جبريلُ الأمينُ بصورتي *** فأحبّني المختارُ حين رآني

أنا بِكْرُهُ العذرا عندي سِرُّهُ *** وضجيعُهُ في منزلي قمرَانِ ([3])

وتكلّم اللهُ العظيمُ بحجَّتي *** وبراءتي في محكم القرآن

والله عظمني ([4]) وعظّم حُرمتي *** وعلى لسان نبيّه برّاني

والله في القرآن قد لعنَ الذي *** بَعْدَ البراءةِ بالقبيح رماني

والله وبخ من أراد تنقّصي *** إفكاً وسبّح نفسه في شاني

إنّي لمحصنة الإزار بريئة *** ودليل حُسن طهارتي إحصاني

والله أحصنني ([5]) بخاتم رُسْلِه *** وأذلَّ أهلَ الإفكِ والبهتانِ ([6])

وسمعت وحي الله عند مُحَمّدٍ *** من جبرئيل ونورُهُ يغشاني

أوحى إليه وكنتُ تحت ثيابهِ *** فحنا عليَّ بثوبه وحباني ([7])

مَنْ ذا يفاخرني وينكر صُحبتي *** ومحمد في حجره رباني؟

وأخذت عن أبويَّ دين مُحَمّدٍ *** وهما على الإسلام مُصْطحبانِ

وأبي أقام الدين بعد محمدٍ *** فالنصل نصْلي والسنان سناني

والفخرُ فخري والخلافَةُ في أبي *** حَسْبي بهذا مَفْخَراً وكفاني

وأنا ابنةُ الصِّديقِ صاحبَ أحمدِ *** وحبيُبه في السِّر ِّ والإعلانِ

نصر النّبِيَّ بمالِهِ وفعالِهِ *** وخروجِه مَعَهُ من الأوطان

ثانيه في الغار الذي سدَّ الكُوى *** بردائه أكرمْ به من ثان

وجفا الغِنَى حتى تخلّل بالعَبا *** زهداً وأذعن أيما إذعانِ

وتخللت معه ملائكةُ السَّما *** وأتته بشرى الله بالرضوانِ

وهو الذي لم يخشَ لومةَ لائم *** في قتل أهَلَ البغي والعداونِ

قتل الأُلى منعوا الزكاة بكفرهم ([8]) *** وأذلَّ أهل الكفر والطغيانِ

سَبَقَ الصحابة والقرابةَ للهُدى *** هو شيخُهم في الفضل والإحسان

والله ما استبقوا لنيل فضيلةٍ *** مثلَ استباق الخيلِ يوم رهانِ

إلا وطار ([9]) أبي إلى عليائها *** فمكانه منها أجلُّ مكانِ

ويلٌ لعبدٍ خان أل محمدٍ *** بعداوةِ الأزواج ِ والأختانِ

طوبى لمنْ والى جماعة َ صحبْهِ ([10]) *** ويكون من أحبابه العمرانِ ([11])

بين الصحابةِ والقرابةِ أُلفةٌ *** لا تستحيل بنزعة الشيطانِ

هم كالأصابع في اليدينِ تواصلاً([12]) *** هل يستوي كفٌّ بغير بنانِ

حصرت صدور الكافرين بوالدي *** وقلوبُهُمْ ملئت من الأضغانِ

حب البتول وبعلها لم يختلف *** من ملة الإسلام في اثنانِ

أكرم بأربعة أئمةِ شَرْعِنَا *** فهم لبيت الدين كالأركانِ

نُسِجَت مودَّتُهم سدى في لُحمة *** فبناؤها من أثبتِ البُنيانِ

الله ألّفّ بين ودِّ قلوبهم *** ليغيظَ كلَّ منافقِ طَعّان ([13])

رحماءُ بينهم صَفَتْ أخلاقُهم *** وخَلَتْ قلوبُهم من الشَنآنِ

فدخلوهم بين الأحبة كُلْفَةً *** وسِبابُهم سَبَبٌ إلى الحرمانِ

جَمع الإلهُ المسلمين على أبي *** واستبْدلوا من خوفهم بأمانِ

وإذا أراد اللهُ نصرةَ عبده *** من ذا يطبق له على خذلانِ؟!

مَنْ حبَّني فليجْتَنِب من سبَّني *** إنْ كان صان محبّتي ورعانِي

وإذا مُحِبِّي قد ألظّ ([14]) بمبغضي *** فكلاهما في البغض مستويانِ

وإني لطيبةٌ خُلقتِ لطيبٍ        *** ونساءُ أحمدَ أطيبُ النسوانِ

إني لأم المؤمنين فَمْنْ أبىَ *** حبي فسوفَ يبوءُ بالخسرانِ

الله حبَّبني لقَلْبِ نبيَّه *** وإلى([15]) الصراطِ المستقيمِ هداني

والله يُكرم من أرادَ كرامتي *** ويهينْ ربّي مَنْ أرادَ هواني

والله أسألهُ زيادةَ فضلهِ *** وحَمَدتُه شُكراً لِما أَوْلاني

يا مَنْ يوالي ([16]) بأهل بيت مُحَمّد *** يرجو بذلك رَحْمَةِ الرّحمانِ

صِلْ أمهاتِ المؤمنين ولا تَحِدْ *** عنا فتُسلب حُلَّةَ الإيمانِ

مَنْ ذا يفاخرُني ويُنْكِرُ صحبَتي *** ومحمدٌ في حجره ربّاني؟

إني لصادقةُ المقالِ كريمةٌ *** إيْ والذي ذلَّت له الثَّقلانِ

خُذْها إليك فإنّما هي روضةٌ *** محفوفةٌ بالروح والرَّيحانِ

صلّى الإلهُ على النَّبيِّ وآلِه *** فيهم تُشَمُّ أزاهرُ البستانِ ([17])

تَجْلَى النفوس إذا تلاها مسلم *** وعلى الروافض غضبة الرحمن ([18])

تمت القصيدة في فضل الصديقة بنت الصديق، وتم الدفاع عنها وهي -نفسي لها الفداء - لا تحتاج دفاعاً من أي أحد، يكفيها دفاع الواحد الأحد من فوق سبع سموات، وهو - سبحانه - في عليائه وكبريائه وسلطانه - جل وعلا -، ولكنه شرف يسوقه الله لكل من أراد الله به الخير لكي يدافع ويناضل ويذب عن عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعرض أزواجه الطاهرات النقيات رضي الله عنهن جميعاً.

اللهم إنك تعلم ما في قلوبنا من محبتك ومحبة رسولك - صلى الله عليه وسلم - ومحبة آل بيته الأطهار وصحابته الأخيار وقد جاءنا الخبر الصحيح عن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - أن المرء يُحشر مع من أحب فاللهم ندعوك باسمك الأعظم الذي إذا دُعيت به أجبت، وإذا سُئلت به أعطيت بأن تحشرنا مع إمامنا وحبيبنا وقدوتنا وقرة عيوننا محمد - صلى الله عليه وسلم - عبدك ومصطفاك، ومع آل بيته الطيبين وصحابته الغر الميامين، واجعل دفاعنا عن أمنا أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، ودفاعنا عن باقي الصحابة الكرام ومن قبل ذلك دفاعنا عن حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - اجعل هذا الدفاع في ميزان الأعمال، وادفع عنا بهذا الدفاع كل شر وسوء في الدنيا والآخرة إنك ولي ذلك والقادر عليه ومولاه وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ولا تزال حملتنا للدفاع عن العرض المقدس متواصلة ما دام فينا عين تطرف، وقلب ينبض ونَفَسٌ يخرج، فاللهم أعنا على ذلك يا قوي يا عزيز.

________

[1]. هناك بعض المصادر التي وقفت عليها تقول بأن صاحب هذه القصيدة هو العالم الأديب موسى بن عبد الله بن بهيج الأندلسي - رحمه الله تعالى -وفي الحقيقة الوقت لم يسعفني للتثبت من معرفة صاحب هذه القصيدة، ولعل ذلك يكون في وقت لاحق وعلى كل حال فالقصيدة ثابتة سواء كانت عن ابن العديم قاضي حلب، أو عن ابن بهيج الأندلسي. رحم الله علماؤنا أجزل لهم المغفرة والثواب والرحمة.

[2]. في بعض النسخ مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - بدل من قُبض والأول أولى، وكلاهما صحيح.

[3]. في بعض النسخ العمراني بدل من القمران وكلاهما صحيح.

[4]. في بعض النسخ والله خفّرني بدل عظمني والأول أولى.

[5]. في بعض النسخ: خصصني بدل أحصنني. والمثبت أولى.

[6]. في بعض النسخ: وأذل أهل الكفر والعصيان. والمثبت أولى.

[7]. في بعض النسخ خباني بدل وحباني والمثبت أولى.

[8]. في بعض النسخ بجهلهم بدلاً من كفرهم.

[9]. في بعض النسخ وصار بدلاً من وطار، وكلاهما صحيح.

[10]. في بعض النسخ صحبهم بدلاً من صحبه والمثبت أولى.

[11]. في بعض النسخ الحسنان بدلاً من العمران والمثبت أولى وأصح.

[12]. في بعض النسخ تواصلت بدلاً من تواصلاً وكلاهما صحيح.

[13]. في بعض النسخ " في بغض كل منافق طعان " والمثبت أولى.

[14]. في بعض النسخ: ألمَّ بدلاً من ألظَّ والمعنى واحد.

[15]. في بعض النسخ وعلى بدلاً من وإلى والمثبت أولى.

[16]. في بعض النسخ يلوذ بدلاً من يوالي والمثبت أولى.

[17]. في بعض النسخ فبهم تتم أزاهر البستان وكلا البيتين صحيح.

[18]. في بعض النسخ لا يوجد هذا البيت.


خالد بن حسين بن عبد الرحمن

  • 4
  • 0
  • 8,588

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً