فوارق - بين الهجر الشرعي لغاية الإصلاح وبين نبذ المخطىء

منذ 2015-08-27

و ‫ فارق‬ بين الهجر الشرعي لغاية الإصلاح وبين نبذ المخطىء ولفظه وحقرانه اتباعا لهوى النفس أو استسهالا وتكاسلا عن محاولة تغييره
إن هجر المخطيء ومقاطعته ليسا حلا دائما لكل مشكلة بل قد يزيدا الطين بلة ويجعلا المخطيء يزداد بعدا وتماديا في خطئه
لابد من تحديد المراد بالهجر أو مقاطعة من تراه مخطئا ولابد أيضا من التفريق بين فكرة العقوبة وبين محاولة الإصلاح 
ولو أن كل مخطىء تم عزله وإحاطته بجدران من العزلة والقطيعة فكيف يُتصور بلوغ الحق مسامعه أو تغييره يوما إلى الأفضل؟
نعم.. قد يكون الهجر مشروعا في حالات توجه بها رسائل للمخطىء وتنبهه إلى فداحة ما اقترف لكنها ليست الوسيلة الوحيدة ولابد ابتداءً أن يغلب على الظن تأثيرها
الترك والعزل والإعراض عن كل مخالف أو مخطىء : خيارات سهلة مريحة لكنها سهولة ظاهرية وراحة مؤقتة سرعان ما تزول حين يتضح تفاقم المشكلة وترسخها وسينتهي الأمر بمن اختاروا الإعراض والهجر وبمن تم هجرهم وإبعادهم إلى أن يكلم كل فريق منهم نفسه ويسمع فقط صدى صوته فمن أين يأتي تغيير وإصلاح ؟
قبل أن تقرر عزل مخالفك وبناء مزيد من الحواجز بينك وبينه فكر للحظات واسأل نفسك : 
- ثم ماذا بعد؟!
- ماذا بعد العزلة وإنشاء المزيد من الجزر المتباعدة التي لا يسمع سكان كل منها إلا صدى أصواتهم ولا يصلهم بداخل أسوارها أي نصح أو تصحيح؟ 
- ماذا بعد المزيد من العزة بالإثم والعناد الذي هو النتيجة الطبيعية لاستمرار لفظ المخالف الذي لن يجد إلا أحضان من يزينون له عمله ليرتمي فيها ؟
ربما يكون من حقرته أو لفظته ورفضت التواصل معه بحاجة إلى كلمة منك أو نصيحة بالحسنى وتوضيح وبيان لأشياء هي بالفعل غائبة عنه والحاجز الذي أقمته يمنعها عنه 
ما أسهل بناء الأسوار والحواجز التي يظن كل طرف أنها تحميه من آفات مخالفيه بينما هي كثيرا ما تمنع عنه وعنهم علاجا هم أحوج ما يكونون إليه 
قبل أن تجلد مخالفك بسياط الامتهان والاحتقار وتبني حوله الجدران العازلة جرب أن تمد له يدا وأن تبني بينكما جسرا وأن تفتح له نافذة ولو من باب "معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون".
محمد علي يوسف 
 

  • 0
  • 0
  • 1,075
المقال السابق
بين وجود الاحتياج الحقيقي وبين اصطناعه!
المقال التالي
‏فارق‬ بين كون الشيء صعبا وبين أن نظنه كذلك

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً