نصيحة الحبيب : تطاوعا ولا تختلفا

منذ 2015-10-08

نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذًا وأبا موسى الأشعري حينما بعثهما إلى اليمن فقال: { يسِّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تنفِّرا، وتطاوعا ولا تختلفا} [متفق عليه] .

قال الإمام النووي في  شرح مسلم (غالِب المصالح لا يتمّ إلا بالاتفاق ، ومتي حصل الاختلاف فات ) 

و لو تأملنا تبويب الإمام البخاري لهذا الحديث العظيم الجامع لوجدنا أن التبويب يحوي شرحاً جامعاً مانعاً و نصيحة ذهبية للأمة :
قال الإمام البخاري رحمه الله :
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه وقال الله تعالى  ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم  قال قتادة الريح الحرب 
 حدثنا يحيى حدثنا وكيع عن شعبة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده  أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن قال يسرا ولا تعسرا وبشرا   ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا . أهـ 

و لو رجعنا إلى تفسير قوله تعالى {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا}   حتى تكتمل الفائدة :
قال تعالى : 
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} . [الأنفال 46]

قال صاحب أضواء البيان :

نهى الله جل وعلا المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن التنازع ، مبينا أنه سبب الفشل ، وذهاب القوة ، ونهى عن الفرقة أيضا في مواضع أخر ، كقوله : {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} [ آل عمران 103 ] ، ونحوها من الآيات ، وقوله في هذه الآية : وتذهب ريحكم  أي : قوتكم . 

وقال بعض العلماء : نصركم ، كما تقول العرب : الريح لفلان ؛ إذا كان غالبا ، ومنه قوله : 
إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل عاصفة سكون
واسم " إن " ضمير الشأن . 

وقال صاحب الكشاف : الريح : الدولة ، شبهت في نفوذ أمرها ، وتمشيه بالريح في هبوبها ، فقيل : هبت رياح فلان ، إذا دالت له الدولة ، ونفذ أمره ، ومنه قوله : 

يا صاحبي ألا لا حي بالوادي     إلا عبيد قعود بين أذوادي 
أتنظران قليلا ريث غفلتهم     أم تعدوان فإن الريح للعادي 

قال السعدي   رحمه الله :
وأطيعوا الله ورسوله في استعمال ما أمرا به، والمشي خلف ذلك في جميع الأحوال. 

ولا تنازعوا تنازعا يوجب تشتت القلوب وتفرقها، فتفشلوا أي: تجبنوا وتذهب ريحكم أي: تنحل عزائمكم، وتفرق قوتكم، ويرفع ما وعدتم به من النصر على طاعة الله ورسوله. 

واصبروا نفوسكم على طاعة الله إن الله مع الصابرين بالعون والنصر والتأييد. 

أبو الهيثم

  • 3
  • 1
  • 16,815

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً