نصيحة واجبة لحزب النور

منذ 2015-10-27

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، « أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله ، وكان يُضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأُتي به يوما فأمر به فجُلد، فقال رجل من القوم: اللهم الّعنه، ما أكثر ما يُؤتى به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تلعنوه، فوالله ما علمت إنه يحب الله ورسوله»» [أخرجه البخاري] .
نجح أرباب المال والجاه السياسي وأتباعهم في ساحة العمل الإسلامي في تحويل المواقف السياسية للمخالفين لهم إلى خروج من الملة ، يسقط حق المسلم المخطئ المسيء ، على أخيه المصيب المحسن ، ولم يعد إثبات الإسلام للمرء بكلمة التوحيد وإقامة الصلاة وحب الله ورسوله ، وإنما بموقفه من بيان الانقلاب العسكري بمصر في الثالث من يوليو ، ومن فض اعتصام رابعة العدوية !
وإنا لنبرأ إلى الله من هذا الهراء ، وزيغ الأهواء المهلكة .
أحد البارزين وضع صورة الدكتور يونس مخيون وكتب عليها :
" أنجس أهل الأرض " ، ليقرأها عشرات الآلاف من القراء ، ولم أتناولها بالتعليق لأني على يقين من أن الأيام والليالي ستتولى المهمة كاملة ، وأن التألّي على الله الذي وسعت رحمته كل شيء معلوم العاقبة .
وأرجو أن يقرأ إخواننا في حزب النور مقالتي هذه جيداً وعلى رأسهم الدكتور يونس مخيون ، الذي كان على رأس الوفد البرلماني الذي زارني في محنتي في مارس 2012 ، وجلس على فراشي بجواري في زنزانتي مواسياً ومؤازراً ، وبذل ما استطاع من جهد لرفع الظلم عني .
وإنني بحق المسلم على أخيه المسلم ، الذي لا يسقط عنه الإسلام المنابذة بالسيف وإراقة الدماء ، بل تبقى الأخوة قائمة ، وسبيل الصلح واجبة قال عز وجل :
{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [ الحجرات (9، 10]
في ضوء ما سلف ، وفي ضوء ما لحق بكم أخيراً أقول :
إن ما حدث لكم من مذبحة إعلامية على يد غلمان النظام الذي كنتم جزءاً منه ودعمتموه ، والذين جاءتهم التعليمات بإنهاء وجودكم لانتهاء دوركم ؛ ليس غريبا ، بل لم يكن منتظراً غيره ، كما إنه ليس شرا محضاً ففي الشر بعض الخير .
لا داعي على الإطلاق أن تستسلموا لنصيحة مفادها : إن تكلفة الانسحاب من الانتخابات باهظة ، ولن تتحملوها لأن بقاء الحزب يمثل مظلة حماية لكوادر الحزب ! وأنكم ستفوزون ببعض المقاعد في المرحلة الثانية .
البقاء والحماية شيء جيد ؛ لكن متى كان البقاء يوماً مطلوباً لذاته ؟ ومتى كانت الحماية مقبولة على أي صورة ؟
إن البقاء في الحضيض ، والحماية التي يهبها شياطين الإنس من الذين لا تمخر سفنهم إلا في بحار الدماء ؛ لواجب على كل من يعلم أنه لن تموت نفس حتى تستوفي أجلها ورزقها أن يقول حيالها صباح مساء : رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين .
يا إخواننا في حزب النور : إن من كثّر سواد قوم فهو منهم ، ومن رضي بعمل قوم كان شريك من عمل به ، وإني أعتقد أنكم ما ترضون قتل إنسان بغير حق ولا اغتصاب عرضه ولا سجنه ، ولقد ذهبتم بعيداً في دعمكم للانقلاب ، وبقي الآن في ظل ما نالكم على يد غلمانه أن تقفوا مع أنفسكم وقفة صدق واعتصام بالضمير ، ومراجعة حقيقية للنفس ، وليس للتجربة والموقف ، وآمل وأرجو أن تسفر هذه المراجعة عن هذه القرارات العاجلة التالية :
·      يعلن حزب النور أنه أخطأ في المشاركة في الإجراءات التي لم تكن محل قبول ورضا الغالبية من الشعب المصري .
·      يقدم جميع قيادات ومسئولي حزب النور من مواليد الثمانينيات فما قبلها استقالتهم دون قيد أو شرط أو استثناء ، ويتولى شئون الحزب كوادر شبابية من مواليد التسعينيات تأسيساً لميلاد جيل جديد لا يكبله الماضي بأغلاله.
·      تعقد القيادة الجديدة للحزب مؤتمراً جماهيرياً وصحفياً تعلن فيه عن تجميد نشاط الحزب السياسي إلى أجل غير مسمى ، لظروف داخلية خاصة بالحزب ، وتعتذر عن مواصلة السباق الانتخابي الحالي.
·      تعلن القيادة الجديدة للحزب انفصاله الكامل عن أي كيانات دعوية .
·      تعلن القيادة الجديدة للحزب عن رؤية الحزب الجديدة ، وعن مشروعه الوطني بوضوح وتحديد لا عموميات فيه ولا التباس ، على أن يكون أول خطواته طي صفحة الماضي والبدء في علاقة جديدة مع الجميع .
أرجو الله أن يلهمنا رشدنا ، وأن يقينا شرور أنفسنا ، وألا يجعل منا عوناً للشياطين على إخواننا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

حسن الخليفة عثمان

كاتب إسلامي

  • 1
  • 1
  • 5,707

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً