وساوس التشدد

منذ 2016-02-12

وساوس التشدد درب من التنطع الزائد  و فتح لأبواب الشيطان على مصراعيها و من بعدها قد تغلق عليك تلك الأبواب بسبب ابتداعك فلا تستطيع منها فكاكاً إما لوقوعك في شراك الهوى وفخاخه و إما لوقوعك في فخاخ و شراك الوسوسة .
قال ابن القيِّم: (نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عن التَّشديد في الدِّين، وذلك بالزِّيادة على المشروع، وأخبر أنَّ تشديد العبد على نفسه هو السَّبب لتشديد الله عليه، إمَّا بالقَدَر، وإمَّا بالشَّرع، فالتَّشديد بالشَّرع: كما يشدِّد على نفسه بالنَّذر الثَّقيل، فيلزمه الوفاء به، وبالقَدَر: كفعل أهل الوسواس؛ فإنَّهم شدَّدوا على أنفسهم، فشدَّد عليهم القَدَر، حتى استحكم ذلك، وصار صفة لازمة لهم) [ إغاثة اللهفان] .
جاء في حديث عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ المتفق عليه : «أن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَقُولُ: لَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ، وَلَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، مَا عِشْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آنْتَ الَّذِي تَقُولُ ذَلِكَ؟» فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ» قَالَ قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ» قَالَ قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام، وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ» قَالَ قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «لَأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي» »
قال [الحافظ ابن حجر في فتح الباري] : قال النووي: معناه أنه كبر وعجز عن المحافظة على ما التزمه، ووظفه على نفسه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشق عليه فعله لعجزه، ولم يعجبه أن يتركه لالتزامه له، فتمنى أن لو قبل الرخصة فأخذ بالأخف.  
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: كان عبد الله بن عمرو لما كبر يقول: يا ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ربما عجز عن صوم يوم وفطر يوم. فكان يفطر أياما ثم يسرد الصيام أياما بقدرها؛ لئلا يفارق النبي صلى الله عليه وسلم على حال ثم ينتقل عنها. اهـ. 
أبو الهيثم 

  • 1
  • 0
  • 8,647

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً