مع القرآن - لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ

منذ 2016-02-15

أما الضر و النفع فهو بيد الله وحده
و أما النصر و الرفعة فهي من عند الله وحده 
و أما أعداء الإسلام عبر التاريخ  فدائما كيدهم إلى زوال و لو ارتفعوا مؤقتا فبمجرد عودة أصحاب الرسالة إلى منهجهم و رسالتهم الحقة يزول الباطل فوراً .
و هذا خطاب تحذير من الله و بيان إرادة الإضلال الكامنة في نفوس أهل الضلال و الكذب و البهتان و أن العاصم منهم هو الله وحده و منهجه و رسالته إلى أهل الأرض .
قال تعالى :
{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا } [ النساء 113 ] .  
قال السعدي في تفسيره : ذكر منته على رسوله بحفظه وعصمته ممن أراد أن يضله فقال: { وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ
و الضلال نوعان:
ضلال في العلم، وهو الجهل بالحق. وضلال في العمل، وهو العمل بغير ما يجب. فحفظ الله رسوله عن هذا النوع من الضلال كما حفظه عن الضلال في الأعمال.
وأخبر أن كيدهم ومكرهم يعود على أنفسهم، كحالة كل ماكر، فقال: { وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ } لكون ذلك المكر وذلك التحيل لم يحصل لهم فيه مقصودهم، ولم يحصل لهم  إلا الخيبة والحرمان والإثم والخسران. وهذه  نعمة كبيرة على رسوله صلى الله عليه وسلم تتضمن النعمة بالعمل، وهو التوفيق لفعل ما يجب، والعصمة له عن كل محرم.
ثم ذكر نعمته عليه بالعلم فقال: { وَأَنزلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } أي: أنزل عليك هذا القرآن العظيم والذكر الحكيم الذي فيه تبيان كل شيء وعلم الأولين والآخِرين.
والحكمة: إما السُّنَّة التي قد قال فيها بعض السلف: إن السُّنَّة تنزل عليه كما ينزل القرآن.
وإما معرفة أسرار الشريعة الزائدة على معرفة أحكامها، وتنزيل الأشياء منازلها وترتيب كل شيء بحسبه.
{ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } وهذا يشمل جميع ما علمه الله تعالى. فإنه صلى الله عليه وسلم كما وصفه الله قبل النبوة بقوله: { مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ } { وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى } .
ثم لم يزل يوحي الله إليه ويعلمه ويكمله حتى ارتقى مقاما من العلم يتعذر وصوله على الأولين والآخرين، فكان أعلم الخلق على الإطلاق، وأجمعهم لصفات الكمال، وأكملهم فيها، ولهذا قال: { وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا } ففضله على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من فضله على كل مخلوق  .
وأجناس الفضل الذي قد فضله الله به لا يمكن استقصاؤها  ولا يتيسر إحصاؤها  .

أبو الهيثم

 

  • 1
  • 0
  • 573
المقال السابق
فخ البهتان و الإثم المبين
المقال التالي
حواراتنا هل هي نجوى محرمة أم حلال؟

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً