ما لم تنشره الصحف المصرية عن تقرير الحريات الدينية الأمريكي

منذ 2010-11-25

رحبت الكنائس المصرية، وبعض المتشيعين، وعدد من الجماعة البهائية في مصر بما ورد من مزاعم في تقرير الخارجية الأمريكية عن حالة الحريات الدينية في مصر بقصد الضغط على الحكومة المصرية لتقديم مزيد من التنازلات السياسية بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية


رحبت الكنائس المصرية، وبعض المتشيعين، وعدد من الجماعة البهائية في مصر بما ورد من مزاعم في تقرير الخارجية الأمريكية عن حالة الحريات الدينية في مصر بقصد الضغط على الحكومة المصرية لتقديم مزيد من التنازلات السياسية بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، بالإضافة إلى إحداث نوع من عدم الاستقرار في الشارع المصري بين المسلمين والمسيحيين.

زعم التقرير -الذي حصلت " المصريون" على نسخة كاملة منه باللغة الانجليزية- أن نسبة أعداد المسيحيين في مصر تتراوح ما بين 8% إلى 12%، مؤكدا تركز الأغلبية العظمى من المسيحيين في محافظات الصعيد، والإسكندرية، والقاهرة، رغم أن الفاتيكان كان قد قدر هذه النسبة منذ اقل من عام بأنها لا تتعدى 4.5%!!

كما زعم التقرير أيضا أن عدد الشيعة في مصر يمثلون 1% من جملة عدد سكان مصر الذي يبلغ 86 مليون نسمة، كما قدر عدد اليهود بـ125 شخصا من كبار السن، كما استعرض التقرير تقديرات عددية لكافة الطوائف الدينية في مصر.

وزعم أيضا أن الحكومة تقيد حقوق الأفراد في الاعتقاد والممارسة الدينية رغم أن الدستور في مادته رقم 46 نصت على حرية المعتقد الديني، وممارسة الشعائر، وانتقد التقرير أن ينص الدستور على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، وان الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.

ودعا التقرير إلى ضرورة أن تسمح الحكومة بالتبشير للمسيحية بزعم أنه لا يوجد في الدستور، ولا في القوانين المصرية ما يمنع ذلك، وانتقدت اعتقال الشرطة في مصر لبعض الأفراد يقومون بأعمال تبشير، موجهة إليهم اتهامات منها التحريض على الفتنة، وازدراء الأديان السماوية، كما انتقد طرد الحكومة المصرية لعمال أجانب مشتبه في تورطهم في أعمال تبشيرية في مصر.

وطالب بضرورة عدم التقيد بقواعد الشريعة الإسلامية في الزواج، خاصة زواج المسلمة، والتي نصت الشريعة على ضرورة أن تتزوج المسلمة من مسلم، مستندا في ذلك بأن الشريعة لا تمنع زواج المسلم من امرأة غير مسلمة.

وطالب أيضا بضرورة سماح الحكومة المصرية بزواج المواطنين من ديانات وضعية أخرى، ولا يقتصر اعتراف الحكومة بالزواج فقط بين أفراد الديانات السماوية الثلاث اليهودية، والمسيحية، والإسلام.


وانتقد التقرير ما نصت علية الشريعة الإسلامية من قواعد الميراث التي نصت على أن المرأة المسلمة تحصل على نصف نصيب الرجل في الميراث، وانتقد حرمان الأرامل المسيحيات اللاتي كن متزوجات من مسلمين من حقوقهن في الميراث، باستثناء ما تنص عليه وصايا الزوج.

وأضاف التقرير منتقدا قواعد الشريعة الإسلامية قائلا: "بموجب الشريعة الإسلامية، المتحولين من الإسلام يفقدون جميع حقوقهم في الميراث لأن الحكومة لا توفر أية وسائل قانونية للمتحولين من الإسلام إلى المسيحية لتعديل سجلاتهم المدنية لتعكس وضعهم الديني الجديد".

ويزعم أيضا قائلا: "بعض المتحولين من الإسلام إلى المسيحية يلجئون إلى الحصول على أوراق هوية غير مشروعة، وغالبا عن طريق تقديم وثائق مزورة أو دفع رشوة لموظفي الأحوال المدنية، حيث تقبض الحكومة على هؤلاء الموظفين بتهم التزوير".

وخلص التقرير في هذه القضايا إلى ضرورة أن تعطل الحكومة المصرية كل قواعد الشريعة الإسلامية المتعلقة بالزواج والطلاق، والميراث في حالة الزواج المختلط بين المسلم وأي صاحب ديانة سماوية أو وضعية، كما طالب بتعطيل كل قواعد الشريعة أيضا المتعلقة بشأن المسلمين المتحولين من الإسلام إلى المسيحية.

كما استهجن التقرير سماح وزارة التربية والتعليم بارتداء الطالبات في المرحلتين الإعدادية والثانوية للحجاب بناء على آمر كتابي من ولى الأمر، وطالب بحظر ارتدائه على جميع الطلاب وان لا يقتصر حظر ارتدائه على تلميذات المرحلة الابتدائية فقط كما هو معمول به حاليا .

كما أشار التقرير بشكل استنكاري إلى ولاية الأزهر على الشأن الديني في مصر، وحق مجمع البحوث الإسلامية في منع أي كتب أو مطبوعات تسيء للدين الإسلامي.

وتناول التقرير ما سبق أن تعرض له في الأعوام السابقة بشأن ضرورة إصدار بطاقات الهوية للبهائيين والشيعة، وكذا للمرتدين عن الإسلام.

وانتقد الطريق خضوع 104 ألف و506 مسجد لوزارة الأوقاف، وتكلف الوزارة دفع رواتب الأئمة، في حين لا تساهم الوزارة في تمويل الكنائس المصرية.


كما نوه التقرير بقرار قال أنه صادر من زير الأوقاف في أبريل 2010 يفوض المحافظين بإزالة كافة "الزوايا" غير الخاضعة لوزارة الأوقاف.

وذكر أيضا بوجود نحو 20 ألف مسجد وزاوية غير خاضعة للأوقاف يتوجب على وزارة الأوقاف تطبيق قرار وزير الأوقاف السابق عليها، بما يعنى ضرورة إغلاقها وإزالتها.

ولم ينس التقرير أن يُذكر بما يسمى "المرسوم الهمايوني العثماني" الصادر سنة 1856 الخاص ببناء الكنائس في مصر، وهو المرسوم الذي تم إلغاؤه فعليا بصدور القرار الجمهوري رقم 291 لسنة 2005 الذي فوض المحافظين بإصدار الموافقات على بناء وترميم الكنائس بدلا من رئيس الجمهورية كما كان منصوصا علية في المرسوم السابق الإشارة له.

وتعرض التقرير إلى المضايقات التي يلقاها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المتمثلة في المنع من السفر، والاعتقالات، وأرجع ذلك إلى تخوفات الحزب الوطني من النشاط السياسي المتزايد لأعضاء الجماعة.

وأشار على استحياء إلى استمرار اعتقال أجهزة الأمن المصرية للمئات بل الآلاف من أعضاء الجماعات الإسلامية، وممارسة التمييز ضد المنتمين لطائفة شهود يهوه المسيحية، وطائفة الأحباش الإسلامية.

وقال التقرير إن الحكومة المصرية نصحت الصحفيين ورسامي الكاريكاتير في مصر بتجنب معاداة السامية، واتقد التقرير ما اسماه إصرار المسئولين الحكوميين على القول بأن التصريحات المعادية للسامية في وسائل الإعلام المصرية هي رد فعل للممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.

وكرر التقرير انتقاده لتقديم الإذاعة والتلفزيون لبرامج إسلامية، في حين لا تظهر البرامج المسيحية إلا مرة واحدة أسبوعيا على قناة النيل الثقافية الحكومية، وطالب بزيادة عدد أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان من المسيحيين والذي يبلغ عددهم الآن 5 أعضاء من أصل 25 عضو.

وطالب التقرير بضرورة قبول طلاب مسيحيين للدراسة في كليات جامعة الأزهر، منتقدا منع قبولهم، كما انتقد عدم ترشح أعداد كبيرة من الأقباط على قوائم الحزب الوطني، متناسيا إحجام الأقباط أنفسهم عن ممارسة السياسة، بالإضافة إلى أن عملية الترشح تحكمها اعتبارات عديدة لضمان المنافسة الجادة والفوز في مواجهة مرشحين آخرين.

وحاول التقرير أن يصور قرار الحكومة بذبح نحو 400 ألف خنزير -وفقا لما أورده التقرير- العام الماضي لمنع انتشار مرض أنفلونزا الخنازير على أنه قرار تمييزي ضد المسيحيين الذين يتملكون مزارع تربية الخنازير داخل المناطق العشوائية في مصر.

وكشف التقرير -دون أن يقصد - عن تدخل السفارة الأمريكية في القاهرة في الشأن الداخلي المصري، وبدور تحريضي مثير للفتنة الطائفية عندما كشف عن التقاء مسئولين من السفارة وأعضاء بالكونجرس، ومسئولين من الخارجية الأمريكية مع قيادات كنسية، وممثلين عن البهائيين، والشيعة، وجماعات ونشطاء حقوقيين، وإجراء حوارات ونقاشات حول قضايا تتعلق بالشأن الديني ومطالب البهائيين والمسيحيين في مصر.


كما كشف عن تدخل وضغوط من السفارة الأمريكية في مصر على المجلس الأعلى للآثار لإعطاء الأولوية ورصد الميزانيات لترميم والحفاظ على الآثار اليهودية والمسيحية في مصر، وإعطاء الطائفة اليهودية حق إدارة تلك الآثار.

كما أشار أيضا إلى وجود اتصال دائم لكبار المسئولين الأمريكيين بمكتب حقوق الإنسان في وزارة الخارجية المصرية، ومع غيرهم من المسئولين الحكوميين المصريين، والمحافظين والنواب البرلمانيين كلها تتعلق بالشأن الديني.

وأفرد التقرير لذلك الفصل الرابع من التقرير متحدثا عن سياسة الحكومة الأمريكية تجاه ملف الحريات الدينية في مصر كاشفا عن تدخل أمريكي سافر في الشأن الديني المصري.

فذكر أن كبار المسئولين الحكوميين على جميع مستويات الحكومة الأمريكية، بما في ذلك أعضاء الكونجرس، ووزير الدولة، والأمين العام المساعد لشؤون الشرق الأدنى، والأمين العام المساعد لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، والسفيرة الأمريكية بالقاهرة، وإدارة الدولة وغيرها من مسئولي السفارة يقيمون اتصالات رسمية مع مكتب حقوق الإنسان في وزارة الخارجية.


كما كشف عن مناقشة السفارة الأمريكية بالقاهرة باستمرار مسائل الحرية الدينية مع مسئولين حكوميين آخرين، بما في ذلك المحافظين وأعضاء بمجلس الشعب المصري.

وأشار إلى إجراء مسئولون في السفارة الأميركية حوارا نشطا مع قادة اليهود، والجماعات البهائية، والمسيحيين والمسلمين، وجماعات حقوق الإنسان، وناشطين آخرين.

وقال إن مسئولون في السفارة الأمريكية يحققون في شكاوى التمييز الديني الرسمي التي ترسل للسفارة، كما تناقش السفارة مسائل الحرية الدينية مع مجموعة من الأسماء والشخصيات العامة المصرية، بما في ذلك الأكاديميين ورجال الأعمال والمواطنين في المحافظات خارج القاهرة العاصمة.

وأضاف: "تتصدى السفارة الأمريكية لأي مقالات في وسائل الإعلام المصرية تكون معادية للسامية، وان السفارة الأمريكية تعقد من اجل ذلك لقاءات مع الصحفيين ورؤساء تحرير الصحف المصرية من أجل هذا الأمر".

واعترف التقرير بتمويل الولايات المتحدة الأمريكية عدة برامج ومبادرات تدعم الأنشطة في عدة مجالات ذات صلة مباشرة بالحريات الدينية في مصر، بما في ذلك تمويل برامج الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية التي تعمل مع منظمات قبطية، وجماعات المجتمع المدني، فضلا عن تقديم الدعم للمنظمات غير الحكومية التي تراقب وسائل الإعلام في البلاد لتواجدات الطائفية والتحيز.

كما كشف التقرير أيضا عن دعم الحكومة الأمريكية للقنوات العلمانية لتوسيع الثقافة العلمانية، كما كشف أيضا عن تدخل السفارة الأمريكية في القاهرة لإعادة صياغة المناهج التعليمية سواء المدرسة باللغة العربية، أو اللغة الانجليزية بما يخدم ما أسماه قضايا التسامح الديني، وهو التطوير الذي يستهدف تقليل محتوى المقررات الدينية سواء المقررة على طلاب التعليم الأزهري، أو التعليم العادي".


كما أشار إلى تمويل السفارة الأمريكية لمبادرة السلام في الشرق الأوسط (ميبي) وتقديمها عدد من المنح للبرامج التي تروج للحوار بين الأديان على سبيل المثال تمويل من مبادرة الشراكة الشرق أوسطية للحوار بين المسيحيين والمسلمين بعنوان "اقبلني كي أقبلك " في أسيوط وهي منطقة معروفة عن التوترات الطائفية.

وزعم التقرير أن المسيحيين والبهائيين يواجهون تمييزا على المستوى الشخصي والاجتماعي يتعلق في تولى الوظائف الحكومية، وبناء وترميم دور العبادة، وكذا تعرض بعض أفراد الشيعة، والقرآنيين، والمتحولون من الإسلام إلى المسيحية في مصر لمضايقات حكومية.

كما زعم أيضا بفشل الحكومة في التصدي لمرتكبي أعمال العنف ضد المسيحيين في مرسى مطروح ومركز فرشوط، كما زعم أيضا أن الحكومة فشلت مرة أخرى في إصلاح القوانين -وخاصة القوانين المتعلقة ببناء الكنائس وتجديدها-.

وانتقد مبادرة الحكومة بعقد جلسات الصلح بين المسلمين والمسيحيين زاعمة أن تلك الجلسات غير الرسمية ساهمت في خلق مناخ الإفلات من العقاب، ويشجع أعمال العنف ضد الأقباط، ويحول دون اللجوء إلى النظام القضائي.

ورغم توجيه التقرير العديد من الانتقادات للقضاء الإداري بشأن أحكام قضائية خاصة بالتحول من الإسلام إلى المسيحية وغيرها، إلا أنه رحب بأحكام قضائية أخرى صدرت لصالح أقباط، أو ضد مسلمين، فذكر على سبيل المثال قرار وزير التعليم العالي في يونيو 2010 بتعيين أستاذ القانون القبطي رابح رتيب بسطا في منصب نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة في جامعة بني سويف.

كما أشار إلى صدور حكم محكمة جنايات قنا بالسجن المؤبد على خمسة رجال مسلمين في 22 فبراير 2010 أدينوا بقتل اثنين من المسيحيين في قرية الحجازة بمحافظة قنا عام 2009.

وعد التقرير أحداث المصادمات الطائفية التي وقعت بين مسلمين ومسيحيين في عدد من محافظات الجمهورية سواء بسبب خلافات شخصية، أو بسبب مشاكل طائفية، معتبر تلك الأحداث على أنها عدم احترام من المجتمع المصري المسلم للحريات الدينية.


19-11-2010 م

 

المصدر: أحمد حسن بكر - المصريون
  • 0
  • 0
  • 4,639

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً