العاصفة الترامبية.. والسُّنن الإلهية

منذ 2017-01-21

عُدُّوا من الآن - وبواقع الحال- لهذا الرئيس المتعجرف المُختال.. مواقع سنن الكبير المُتعال..

لم يسبق للولايات المتحدة أن تبدو غير متحدة؛ مثلما هي عليه اليوم، بعد تنصيب قارون العصر(ترامب)، حيث لم يُعهد لرئيس من رؤسائها السابقين- الأربعة والأربعين- أن اجتمع عليه خصوم سياسيون وإعلاميون، في الداخل والخارج؛ كما هو حادث مع ذلك الرئيس، الذي سيقود أمريكا والعالم من فوق كرسي مهتز.. مع شعبية مهترئة .. لم تزد نسبتها عن 37% وسط قلق داخلي وأرق خارجي..!

لذلك فعلى كل المستويات وبحسب أغلب التوقعات؛ فإن أمريكا ستعيش في عهده بلا أصدقاء ..بل لن تستطيع أن تحصي الأعداء الألداء، فقد ناصب ترامب - قبل تنصيبه - العداء لنصف شعوب العالم، مع كونه لم يحظ بتأييد ثلثي شعبه...

• على المستوى الأمني القومي، الذي يأتي على رأس أولوياته الرئاسية، تعامل الرئيس الجديد مع منصبه الجديد وكأنه في مهمة انتحارية لا مهام رئاسية، ولأول مرة يخيم هاجس الاغتيال على مراسم الاستقبال والاحتفال وما بعدهما، بل لقد حذر رجل الاستخبارات الضليع فلاديمير بوتين نظيره وصديقه المليادير ترامب من الاغتيال، ولم يكن ذلك - على ما يظهر- مجرد تهويش أوتشويش، بدليل أن احتفالات التنصيب التي نُشر لتأمينها نحو 28 ألف عنصر أمني؛ لم تكن مسبوقة لرئيس في العالم..

حيث خصص ترامب غير الآمن على نفسه؛ سيارة مصفحة تزن ثماني أطنان، وبها كمية من دمه لاستعمالها حال تعرضه لهجوم، وإطاراتها مضادة للرصاص..وبها غاز مسيل للدموع، وملحق بها أنابيب للتزود بالأكسجين، وهي مصفحة من الأسفل لحمايتها من الانفجارات ، وبها أجهزة للرؤية الليلية كالدبابات..

• وعلى المستوى الشخصي والشعبي الداخلي؛ بدأت مبكرّا عمليات التربص والتحرش لإظهار ما خفي من فضائحة الأخلاقية، على يد من صمموا على اغتياله معنوياً.. ويساعدهم على ذلك سيرته الطويلة غير السوية ولا النقية مع الإعلاميين والفنانين الفاسدين، ففوق ما تواتر عن احتفاظ المخابرات الروسية بملفاته الفضائحية؛ فقد رفعت عليه بعض النساء الأمريكات دعوى قضائية، تتهمه فيها بالتحرش بها والنيل منها..!!

ولم تمنع الاجراءات الأمنية غير المسبوقة مئات المتظاهرين المعارضين له من الخروج الصاخب غير المعهود في كل العهود، لترد عليهم الشرطة الأمريكية بالغازات والهراوات على طريقة بلاد الانقلابات..

وللخوف من ردات الفعل الشعبية التي قد تخرج عن السيطرة، كان المحيط الذي ترجل فيه ترامب متبخترًا ومستعرضًا أمن وأمان أمريكا؛ قد أغلقته عناصر الأمن على مساحة سبع كيلومترات مربعة وسط واشنطن، ولم تسمح إلا للمشاة بدخولها بعد تفتيش دقيق..

• سياسياً..عادى ترامب الأكثرية المؤثرة مغرورا بالأقلية المتعثرة.. فهاجم المؤسسة الحاكمة التي جاءت به، مع شيوع الأنباء عن اختراق المخابرات الروسية للانتخابات الرئاسية، وأعاد الاعتبار لصقور المحافظين اليهود الجدد الذين سبق أن فاحت فضائحهم، وقرَّب غلاة الإنجيليين الصهيونيين المكروهين، واستعدى إعلاميين وسياسيين ورأسماليين وليبراليين، إضافه إلى تهكمه بالنساء، وبالملونين وذوي البشرة السوداء، حتى قاطعه 70 عضوا بالكونجرس خلال مراسم تنصيبه، وأوقع إدارته المقبلة في معركة تكسير عظام مع المهزومين المصدومين الديمقراطيين، فتسبب قبل أن يحكم الشعب في انقسامه وانشطاره إلى (مع) و(ضد)..وهو انشطار قابل للانفجار، كما دلت عليه هتافات المتظاهرين الثائرين..

• أما شرق أوسطياً؛ فلم يبرز ترامب اهتماما بغير أمن دولة اليهود، التي وعد بالمزيد من الانحياز لها والاصطفاف معها، بحسم أخطر الملفات وأعقدها لحسابها، وهي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشرقية، التي طالما خادع الغرب العرب بجعلها عاصمة رسمية للدولة الفلسطينية، وأما دولياً؛ فإنه يريد تفكيك الاتحاد الأوروبي، وهوغير مقتنع ببقاء حلف الناتو، ولا يُخفي كرهه للصين والصينيين، ويلوح بالتحالف مع الروس ضدهم وضد الإيرانيين .. ومع حملِهِ - رغم حمقه - للحقيبة النووية الأمريكية؛ فقد تعهد بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران مُجددا بذلك صراع الفرس والروم..

• أما الإسلاميون الذين يكرهم ترامب لعنصريته وعنجهيته وصهيونيته؛ فهو يريد التسوية بين من يُوصفون منهم تقليديا بـ (المعتدلين) كالإخوان المسلمين؛ وبين من يوصفون بالمتشددين، ليصمهم جميعا بوصف (الإرهابيين) متوعدا الجميع بالدمار والاسئصال مؤكدًا أنه سيوحد العالم ضدهم ويخلي الكرة الأرضية منهم..

لهذا ينبغي لهؤلاء الإسلاميين جميعا أن يقولوا له ولمن معه – بلسان الحال والمقال – بأن قريتك الظالمة، التي سيتضاعف في عهدك ظلمها الجالب لظلامها، سوف يحيق بها عما قريب عقابها، ويحق عليها قول ربها: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102] وعليهم أن يثقوا بأن قرية أو قارة قارون – أمريكا - ستشقى بـ (قارُومب) رئيسها، كما شقت بسلفه القديم دارُهُ التي خُسف بها، وعندها سيصبح الذين تمنوا بالأمس مكان الأمريكيين يقولون: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الكافرون} [القصص:82]...

عُدُّوا من الآن - وبواقع الحال- لهذا الرئيس المتعجرف المُختال.. مواقع سنن الكبير المُتعال.. فإما أن يُقال أويُغتال.. وإما أن يتردى بدار الكفر والفُجر - أمريكا - إلى مهاوي الزوال والارتحال..

  • 4
  • 0
  • 2,392

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً