مِن بَعْد ما قَنطوا

منذ 2017-01-22

تذكر واعتبر ففي الكتاب آياتٌ واعتبار، وما يمر عليك قومٌ إلا ولهم أسلاف مضوا، وما قيل فيهم هو ما يُقال في أعقابهم اليوم، وافقه عن الله خِطابه واصبر على حكمه وقَدره ـ مستمسكًا عاملًا مُناضلًا ـ حتى ترى وعده.

وإذا أعلن البشر عجزهم، وقالوا أن التقدير البشري يسير إلى القنوط، ولم يملك أحدٌ سببًا فتذكر جيدًا قوله تعالى حيث الغيث من السّماء بما لا يملك الناس من الأسباب ولا في مقدورهم {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ۚ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشعراء: 28].
وإذا زها الجبابرة واغترّ العوام وانكسر عموم الناس أمام سلطانٍ وبريقٍ محلّيٍ أو دوليٍ فتذكّر: {فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ۖ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّـهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ* فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [القصص: 79-82].
ولا يفوتك كلمة أولي العلم: {وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} [القصص جزء من الآية: 80] .. إذ لا بد مِن صبرٍ فقد تعلم ولا تَصبر، وإنما تتم الكرامة لمن فقِه وصبر.
وإذا بدت قوى الأرض ضخمةً حتى خدعت أصحابها فظنوا أنهم لا يُغلبون، ولم يعتبروا بمن قبلهم، ولا بالذي فوقهم تعالى فتذكر: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ} [فصلت: 15-16] .
تذكر واعتبر ففي الكتاب آياتٌ واعتبار، وما يمر عليك قومٌ إلا ولهم أسلاف مضوا، وما قيل فيهم هو ما يُقال في أعقابهم اليوم.. فقط لو اعتبرت وعرفت أن ما ضربه الله من قصصٍ لأشخاصٍ أو أقوام إنما هي نماذج بشريةٌ متكررة، ونفوسٌ تسلك نفس المسلك، وأفعالٌ كأفعال وطغيانٌ كطغيان ونسيانٌ كنسيان.. وعاقبةٌ كعاقبة.
لا يغرنك مشهد، ولا تقنطك مرحلة ضعف، وانظر إلى المنهج وعاقبته..
فافقه عن الله خطابه واصبر على حكمه وقدره ـ مستمسكًا عاملًا مُناضلًا ـ حتى ترى وعده.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

مدحت القصراوي

كاتب إسلامي

  • 2
  • 0
  • 2,011

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً