موقف المسلم مما تتعرض له بلاد الإسلام من تهديد الكفار

محمد الحسن الددو الشنقيطي

  • التصنيفات: الولاء والبراء -
السؤال: ما موقف المسلم مما تتعرض له البلاد الإسلامية الآن من تهديد الكفار؟
الإجابة: إن هذه الأمة أمة الجسد الواحد، ولذلك قال الله تعالى: {وأن هذه أمتكم أمة واحدة}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"، وقال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا"، وقد روي عنه أنه قال: "من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم"، والله تعالى يقول: {إنما المؤمنون إخوة}، ويقول: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، فلذلك لا بد أن يهتم المسلم بأمور المسلمين وأن يعتني بها وأن يعلم أنه إذا هدد الدين في أي بلد من البلدان فذلك تهديد له هو أين كان، ولهذا لا بد أن يكون المسلمون صفاً واحداً في وجه عدوهم، وأن يبذلوا طاقتهم، وأن يعلموا أن المعايير المادية والقوة التكنلوجية ليست سر الغلبة والقهر، بل سنة الله الماضية هي التي بينها بقوله: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين}، فإنما يغلب الناس بقوة العقيدة والتوكل على الله، ولهذا فالطائفة اليسيرة من بني إسرائيل الذين كانت لهم الغلبة وصف الله حالهم بأمرين، فقال تعالى: {قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله} إذاً هذا الجانب العقدي: يوقنون بأنهم ملاقوا الله، {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين * ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين} الدعاء واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى هو القوة الثانية بعد قوة العقيدة، ثم بعد هذا بذل الأسباب المادية التي يستطيعها الناس، وأنتم تعلمون أن أول يوم نصرت فيه هذه الأمة كان يوم بدر، وكان سلاح المسلمين محصوراً فليس لديهم من السيوف إلا ثمانية، وليس لديهم من الخيل إلا ثلاثة، وليس لديهم من الإبل إلا مائة ناقة، وهم ثلاثمائة مقاتل فقط، وقد جاءهم أكثر من ألف مقاتل وقد تزودوا بأنواع الزاد، وتسلحوا بأنواع العتاد، ومع ذلك هُزموا جميعاً، وكان يوم نصرٍ وعزٍ للإسلام وأهله.

فلذلك لا بد أن نعلم أن النصر بيد الله لا بأيدي الناس، وأن نعلم الله سبحانه وتعالى في سورة القمر قصَّ علينا الطريقة التي أهلك بها الذين كذبوا نوحاً -أصحاب نوح- أكبر الأمم واعتاهم وأقواهم، قص الله علينا طريقة إهلاكهم حين أمر السماء فتفجرت أبوابها بالماء المنهمر، وأمر الأرض فتفجرت عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر، وأخبرنا عن الطريقة التي أهلك بها الذين كذبوا هوداً حين سخر عليهم الريح العقيم ثمانية أيام حسوماً فلم تبقى لهم باقية، وقص علينا الطريقة التي أهلك بها الذين كذبوا صالحاً حين أرسل عليهم الصيحة فشقت أشغفة قلوبهم، وقص علينا الطريقة التي أهلك بها الذين كذبوا لوطاً حين أرسل عليهم الحاصب فحمل قريتهم حتى سمع أهل السماء أصوات كلابهم ثم ردها على الأرض، وقص علينا الطريقة التي أهلك بها الذين كذبوا موسى وهم فرعون وجنوده وكان ذلك في يوم الغد يوم العاشر من شهر المحرم، هذا يوم عاشوراء هو اليوم الذي أهلك الله فيه فرعون وجنوده وأنجى فيه موسى وبني إسرائيل، ولذلك كان يوماً عظيماً في حياة البشرية وتخلصها من طواغيت الأرض، فحين أمر الله البحر فانفلق خرج منه موسى وأصحابه وقد سلكوا طريقاً في البحر يبساً لا يخافون دركاً ولا يخشونه، ثم بعد ذلك جاء فرعون وجنوده فلما توسطوا في البحر أمره الله فالتطم عليهم فلم تبق منهم باقية بعد هذا.

قال: {أكفاركم خير من أولائكم} هل الكفار الذين يعاصرونكم ويخالطونكم خير من أولائكم الماضين؟ هل أمريكا الآن خير من الذين كذبوا نوحاً؟ من قوم نوح؟ أو من عاد؟ أو من ثمود؟ أو من أصحاب المؤتفكات؟ أو من فرعون وجنوده؟ {أكفاركم خير من أولائكم} ليسوا خيراً منهم، ونحن نوقن أن الله ما نقصت قدرته ولا نقصت قوته ولا نقص كيده لأعدائه، {أم لكم براءة في الزبر} أي هل عندهم من الله عهد أن لا يأخذهم بمثل ما أخذ به الآخرين أبداً ليس لديهم عهد من الله بذلك فما أقدر الله أن يأمر البر فيبتلع ما فيه، والبحر فيبتلع ما فيه، والجو فيبتلع ما فيه، والفضاء الخارجي فيبتلع ما فيه كل ذلك عنده سبحانه وتعالى.

فلذلك قال: {أكفاركم خير من أولائكم أم لكم براءة في الزبر * أم يقولون نحن جميع منتصر} إذا كان الأمر يقتصر على الدعاية الإعلامية، وكثرة العدة والعتاد: {نحن جميع منتصر * سيهزم الجمع ويولون الدبر} وهذه سنة الله الماضية، {سيهزم الجمع ويولون الدبر} ومع ذلك فليس ذلك بجزاء لهم فإنما الجزاء أخروي، لذلك قال: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.