هل يجوز للأخت الذهاب للمعسكرات الصيفية ؟

منذ 2006-12-01
السؤال: تعرفت على أخت من الركن من بلدي، وأحببت ذلك حتى أستطيع محادثتها بالتليفون وتكون علاقتنا في الله أقوى، كنت ومازلت إن شاء الله أظن بها الخير الكثير، وبعد رسالتين وجدتها بعثت لي بالتليفون الموبايل وقالت لي أنها في الإسكندرية، سعِدتُ كثيراً وأسرعت بالاتصال ويا ليتنى ما اتصلت؛ فإذا هي في معسكر وأصوات بنات بالضحك عالية .. دق قلبى وسألتها: وتذهبون البحر؟ قالت لي هم ينزلون وتعِبَت معهم. أنهيت المكالمة وأنا نادمة .. فقلبي قلق جداً عليها... وبعدها اتصلت ثانية وقلت لها: بصراحة، أنا قلقة عليك.. وكيف تسافرين هذا السفر بدون محرم؟ قالت لي: السفر يستغرق حوالي ساعتان ونصف، ونحن معنا مشرفات وهذه الصحبة آمنة، و أنا سألت شيوخ هناك .. وكانت لهجتها متضجرة وأنا أسمع هناك صوت الموج وشاب يحدث فتاة بجوارها. قلت لها: البحر؟ قالت: لا لا نفعل ...بعد أن أخبرتنى في المرة الأولى أن صحابتها نزلن!! أعطيتها رقم هاتف شيخ، وقلت لها اسألي فأخذته ..وأنهت المكالمة ومن كلامها كأنها لم تتقبل مني النصيحة ... بصراحة أكاد أبكي خوفاً عليها..وأتندم على أني تعرفت عليها؛ فهي مستاءة مني وأنا محتارة، فما الذي أستطيع فعله ؟
تعليق الشيخ:
هل يمكنكم أن تشرحوا لنا معنى معسكر بالضبط حتى تكون الصورة واضحة ؟
رد السائلة:
المعسكر عندنا في مصر شبه الجيش، ولكنه ترفيهي. يقام لبنات الكليات والشباب التابع للحزب الوطني. يدفع الشباب مبلغاً مالياً محدداً ويذهبون لبعض المناطق ويقيمون مخيمات ومعهم بعض المشرفين. يستيقظون من النوم مبكراً، ويقفون في طابور لأداء بعض التمارين ويتناولون الإفطار، ثم يكون لهم برنامج للذهاب إلى بعض المناطق. ثم تكون هناك ساعتان أو ثلاث في اليوم شخصية (أي تفعل فيها ما تريد)، و وقت الغذاء محدد. وفي آخر الليل تقام هناك بعض الندوات الثقافية، ثم يأتي وقت النوم. والمجموعة التي كانت هذه الأخت فيها، قابلت وزير الإعلام وابن الرئيس مبارك -جمال مبارك-، ولأنها عضوة في الحزب اشتركت في هذا المخيم مجاناً. وكان برنامجهم يتضمن الذهاب لبعض المناطق السياحية في الإسكندرية، وسألتها: وأين كنتم في المخيم؟؟ أجابت أن الشباب كانوا في الخيام، وهن كن في الأكاديمية البحرية، وهنا اكتشفت أن معهن شباب فعلاً وسألتها إن كانت سألت الشيخ؟؟ تحججت وقالت: لا ..كان هناك ظروف وانشغلت.
بصراحة أنا لم أعد أرتاح إليها؛ لأن الحزب لا يمكن أن تشترك فيه أخت، وكذلك فإنهم لا يسمحون لأي مختمرة أن تقابل هذه الشخصيات بالخمار، وهذه هي المعسكرات .. ومن المعروف عندنا أنها غير مناسبة لأخت.
الإجابة: بلا ريب، هذه المجمعات لا يجوز أن يكون المسلم جزءاً منها؛ فقد جمعت بين الانتساب إلى فساد العقيدة ـالحزب الوطني العلماني- ولا ريب ستكون الندوات الثقافية في إظهار الثقافة العلمانية أو صورة مشوهة عن الإسلام، وأيضاً فيها من فساد الأخلاق بالاختلاط، وما يترتب عليه من التشجيع على التبرج وآثاره، وكل مسلم مُعَظِّم لأمر الله، حريصٌ على تقواه، لا يمكن أن يكون في هذه المجمعات، ولكن هذه الأخت التي استدرجها الشيطان بحاجة إلى من يرشدها إلى الصواب، وقد لا تكون مشكلتها الحاجة إلى معرفة الحكم الشرعي، ولكن الحاجة إلى إرادة التقوى، لأن المعصية قد تأتي من قِبَل عدم العلم، وقد تأتي من قِبَل عدم الإرادة، وكلاهما يسمى جهلاً، لأن من عصى الله لأنه لا يعلم أحكامه جاهل، ومن عصاه مع علمه بأحكامه غير أنه لا يريد الانقياد إليها جاهل أيضاً، الأول جاهل بأحكام الله، والثاني جاهل بعظمة الله تعالى، ولهذا قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} قال العلماء: كل من عصى الله فهو جاهل، ولهذا قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}. ولهذا كتب ابن القيم كتابه (مفتاح دار السعادة ومنشور ولايتي العلم والإرادة) فلا يكفي العلم حتى يكون مع إرادة الخير، وإنما قيل الإرادة وليس العمل، لأن الإرادة أصل العمل إذا وجدت ترتب عليها العمل، وإذا تخلَّف العمل لسبب خارجي، كان مريد الخير كمن عمل، يُثاب على مجرد إرادته. ولهذا قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، فالحكمة تُلقى لمن يجهلها، والموعظة الحسنة هي لمن يعلم ولا يعمل بعلمه، والجدال لمن قامت لديه شبهات فهو بحاجة إلى جدال، وهذه الثلاثة أصناف الناس الذين هم بحاجة إلى الدعوة في كل زمان ومكان. والحاصل أن هذه الأخت بحاجة إلى الموعظة الحسنة، إلى موعظة تحيي قلبها، وبعد ذلك، فالله تعالى هو هادي القلوب سبحانه والله أعلم.

حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية

  • 0
  • 0
  • 28,735

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً