غسل الفرج باليمين

منذ 2013-02-26
السؤال:

في بداية مرحلةِ البلوغ تعوَّدتُ أثناءَ الاغتِسال فقط أن أغسِل فرْجي باليمين، وقد علمْتُ أنَّ الاستِنجاء باليمين منهيٌّ عنه، فهل غسْل الفَرْج باليمين له نفْس الحكم؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقدِ اتَّفق أهل العلم على أنَّ اليد اليُسرى تُستخْدَم في الاستِنْجاء للبوْل والغائط، وأنَّ استِخْدام اليُمنى في ذلك منهيٌّ عنْه؛ لما ثبت في الصَّحيحَين عن أبي قتادة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليْه وسلَّم قال: "إذا بال أحدُكم، فلا يأخُذنَّ ذكرَه بيمينِه، ولا يستنجِ بيمينِه، ولا يتنفَّس في الإناء"، وفي روايةٍ: "لا يُمسكنَّ أحدُكم ذكرَه بيمينِه وهو يبول، ولا يتمسَّح من الخلاء بيمينِه، ولا يتنفَّس في الإناء"، وفي أُخرى: "نَهى أن يتنفَّس في الإناء، وأن يمسَّ ذكره بيمينِه، وأن يستطيبَ بيمينِه".

وعن سلمان رضي الله عنه قال: "نَهانا أن نستقبِل القِبلة بغائطٍ أو بولٍ، أو أن نستنجيَ باليمين، أو أن يستنْجيَ أحدُنا بأقلَّ من ثلاثةِ أحجار، أو أن يستنجيَ برجيعٍ أو عظْم" (رواه مسلِم وأبو داود والتِّرمذي).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كانتْ يدُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم اليُمنى لطهورِه ولطعامِه، وكانتِ اليُسرى لخلائِه وما كان من أذًى" (رواه أبو داودَ، وصحَّحه الألباني).

قال النووي: "قد أجْمع العُلماء أنَّه منهيٌّ عنه -يعني: الاستِنْجاء باليمين- ثُمَّ الجماهير على أنَّه نَهْي تنزيهٍ وأدبٍ، لا نَهْي تَحريم، وذهب بعضُ أهل الظَّاهر إلى أنَّه حرام، وأشار إلى تَحريمه جماعةٌ من أصحابِنا". اهـ.

أمَّا غسل الفرج أو مسه عموما باليمين في غير الاستنجاء، فمحل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من جعل النَّهي مختصًا بِحال الاستنجاء والبول فقط، ولا يعمُّ كلَّ الأحوال العاديَّة، وقد أشار الإمامُ البخاري في ترجَمته للحديث المذْكور؛ حيثُ قال: "باب لا يُمسِك ذكرَه بيمينِه إذا بال".

قال الحافظ في "الفتح": أشار بِهذه الترجمة إلى أنَّ النَّهي المطلَق عن مسِّ الذَّكر باليمين - كما في الباب قبله- مَحمولٌ على المقيَّد بحالة البَول، فيكون ما عداه مباحًا.

وقال بعضُ العُلماء: يكون ممنوعًا أيضًا من باب الأوْلى؛ لأنَّه نَهى عن ذلك مع مظنَّة الحاجة في تلك الحالة، وتعقَّبه أبو محمد بن أبي جمْرة بأنَّ مظنَّة الحاجة لا تختصُّ بِحالة الاستِنْجاء، وإنَّما خصَّ النهي بِحالة البول من جهة أنَّ مُجاور الشَّيء يُعْطى حكمَه، فلمَّا منع الاستنْجاء باليمين منع مسَّ آلتِه حسمًا للمادَّة؛ ثم استدلَّ على الإباحة بقوله صلَّى الله عليْه وسلَّم لطلْق بن علي -حين سأله عن مسِّ ذكرِه-: "إنَّما هو بضعةٌ منك"، فدلَّ على الجواز في كلِّ حال، فخرجتْ حالة البول بِهذا الحديث الصَّحيح، وبقي ما عداها على الإباحة". اهـ.

وعليه؛ فيَجوزُ مس الذكر باليمين في الغسل وغيره، لكن مجرد مسٍّ فقط، ولا يجوز غسل الفرج باليمين لأنه من الاستنجاء المنهي عنه،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 20
  • 5
  • 129,116

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً