زوجتي تطلب الطلاق لتعلقها برجل آخر!

منذ 2014-10-22
السؤال:

تقدَّمتُ لخطبة فتاةٍ سُمعتُها طيبةٌ، تقدَّم إليها الكثيرون لكنها لم تقبلْ، إذ كانوا يرغبون في تزويجها لطالب علمٍ مستقيمٍ، تقدَّمتُ لها، ولم تُبْدِ رفضًا مبدئيًّا، سوى بعض التردُّد؛ بسبب أنها أكبر مني بأشهر قليلة، ثم وافقتْ ووافَقَ أهلُها.

قبل العُرس فوجئتُ بأنها تُصَرِّح لي بأنها ترفُض الزواج مني، ولم يكنْ في مَقْدرتي التراجع وقتئذٍ، فأبلغتُ أهلها بما قالتْ، فقرَّروا المُضِي في العُرس.

أكمَلْتُ العُرس، وكانتْ تُرسل إليَّ رسائلَ تهديدٍ بأنها لن تسلمني نفسها، ولا ترغب في هذا الزواج.

وبالفعل تم الزواج، ورفضتْ تسليم نفسها، بل رفضتْ أن تُصَلي ركعتي السنة والدعاء، وطلبت النوم وحدها في غرفةٍ مستقلةٍ!

كانت قاسية جدًّا في الأيام الأولى من الزواج، ولم تنزعْ خمارها؛ لأنها ترى أن هذا الزواج باطلٌ بِزَعْمِها.

ناقشتُها في الأمر وبمساعدة أهلها نزعتْ خمارها، وصارتْ تنام معي في غُرفةٍ واحدةٍ، لكن كلٌّ منَّا في سريرٍ وحده، وكانتْ لا تطيعني، وتخرج وحدها رغم أنها طالبة علمٍ شرعي!!

مع الأيام عرفتُ أنها كانتْ ترغَب في الزواج من أستاذ جامعي تقدَّم لخطبتها، لكن أهلها رفضوه؛ لأنه غير مستقيمٍ ومدخنٌ.

شككتُ في أنها ربما تكون على علاقةٍ به، ودخلت الوساوسُ قلبي؛ لأنها كانتْ تَتَكَلَّم في الهاتف كثيرًا، وتخرج بدون إذني، ولا تُطيعني، كما أنها ناشز، ولم أدخُلْ بها أو ألمسها، زيادة على ذلك الأذى الذي رأيتُه منها، خاصة أمام أهلها.

كلَّمْتُها برِفْقٍ، وأخبرتها بأننا إن لم نتفقْ خلال شهرين وتُصبحْ زوجةً كاملةً صالحةً فسنفترق!

بدأتْ تتحسَّن مُعاملتها، لكن ما زال الشكُّ يُراودني، حتى راقبتُها في مرة ووجدتُها لم تذهب لعمَلِها، وتأخَّرتْ عنه فقابلتُها، وواجهتُها بالأمر حتى اعترفتْ بأنها ما زالتْ على علاقةٍ بالرجل، وتنتظر الطلاق بعد شهرين!

ذكَّرْتُها بالله، وعدم جواز ما تفعل، فوَعَدَتْني بالتوبة، وبأنها ستُصلح حالها، ثم فُوجئتُ بعد انتهاء الشهرين بهروبها لبيت أهلِها، وأنها تريد الطلاق بحجة أننا لم نتفقْ!

أخبرتُ أهلها بكلِّ ما حدث بيننا، وما تفعلُه، وعلاقتها بالرجل، فانهارتْ أمها، وبعد فترة اتصل أهلها بي، وأخبروني بأنها تابت مما فعلتْ.

بدأت الوساوس تزداد لديَّ؛ إذ مرَّ على زواجنا ثلاثة أشهر ولم أدخلْ بها، وهي ترفُض تسليم نفسها لي، فأخاف ألا تكونَ عذراء، وترفض لهذا السبب، هذه مجرد وساوس فقط.

أنا لا أريد طلاقها، وأريدها زوجةً صالحةً؛ لأني أعلم أنها طيبة، لكن قلبَها مشغول بآخر، وهذا ما يجعلها تتعامل معي هكذا.

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فشكَر الله لك -أيها الأخ الكريم- ذلك الخُلُق النبيل، والتصرُّفات المسؤولة، وصبَّرك على زوجتك، وأرجو مِن الله العليِّ الأعلى أن يجعلَ هذا السلوك الذي سلكتَه، وهذه الأخلاقَ الرفيعة التي تتحلى بها سببًا لسعادتك في دنياك وآخرتك، وأن يُصلحَ لك زوجك.

فاستمِرّ -أيها الحبيب- على ما أنت عليه مِن خُلُقٍ حسنٍ، وأداءٍ للحقوق التي عليك، وأما زوجتك فنصيحتُنا لك أن تبذلَ كل ما في وُسْعِك لإصلاحها؛ حفاظًا على بيتك، وبرًّا بأسرتها المفجوعة فيها، وذلك أمرٌ غايةٌ في الأهمية، تسترخص في سبيله الجهد، والوقت المبذول.

نحن نُوافقك على أن زوجتك قد جرَّها الشيطانُ، وأوْقَعَها في حبائله، وزيَّن لها سوء العمل، وغرَّها بسعادةٍ زائفةٍ ظنتْ أنها سوف تجدها بعد الطلاق، وهي لا تُدرك المآسي والأحوال التي قد تَؤُول إليها؛ إذا ما أجَبْتَها أنت إلى الطلاق، أو إذا ما رفع الله ستره عنها، وبدَا للخلْق بعض ما علمته عنها.

فلا تتعجَّلْ إلى إجابتها، وحكِّمْ عقلك فيما أنت فيه، ولتسْعَ في إصلاحها بقدْرِ الاستطاعة، فذكِّرْها بالله تعالى، وحاولْ أن تستعينَ بمَن له تأثيرٌ عليها مِن أهلها، كأمها، ولا بأس عليك أن تخبرهم بما جرَّها إلى اتخاذ هذا القرار، وأنها وقعتْ فرسيةً سهلةً للشيطان، ليُعينوك على إصلاحها بقدْرِ الاستطاعة.

ذكِّرْها بعواقب الأمور؛ فهي بحاجةٍ إلى مَن يُبَصِّرها بأنها تُدَمِّر حياتها، وتُنهي سعادتها، وتقتل مستقبلها، وهي لا تُدَمِّر حياتها وحدها، إنما تَجْني على أهلها أيضًا.

فإذا استيقظتْ مِن غفْلَتِها، وأدركتْ قبيح فعلِها، وشؤم ما هي مُقْدِمة عليه؛ فإن ذلك قد يَرُدُّها إلى صوابها، وحاوِلْ أن تطرحَ عليها هذا النوع مِن الوعظِ والتذكيرِ، وأن تُذَكِّرَ أهلها بأن يُذكروها به؛ فلعل الله -عز وجل- أن يَرُدَّها إلى صوابها.

أكثِرْ مِن دعاء الله تعالى لها بالصلاح والاستقامة، وأحسن إليها، فإذا بذلتَ ما في وسعك في إصلاحها، ثم رأيتها -لا قدَّر الله- مُصِرَّةً على ما هي عليه، باقيةً على حالها، سادرةً في غيِّها، فلا تُكلِّفْ نفسك أكثر مِن هذا، واتركْها؛ فلا خير فيها، وسيُخْلِف الله -عز وجل- عليك بمن هي خيرٌ منها؛ قال تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 130].

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته أن يُقدِّر لك الخير حيث كان، ويرضيك به.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 4
  • 15
  • 21,223

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً