حكم إهداء ثواب العمل الصالح لعموم المسلمين

منذ 2015-05-08
السؤال:

يوجد شخص أحرم من الميقات ونوى أجر هذه العمرة للمسلمين، فهل عمرته مقبولة؟ وهل يصل الأجر للمسلمين؟

الإجابة:

الحمد لله تعالى
إهداء ثواب الأعمال الصالحة لحي أو ميت من المسلمين، مما قد وقع فيه الخلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى، وقد سبق الكلام عن هذه المسألة في الموقع، وترجيح القول بأنه لا يصل إلى الميت ثواب شيء من الأعمال إلا ما دلت النصوص على وصوله، كالصدقة والدعاء؛ لقول الله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}.
ومن باب أولى في المنع: إهداء ثواب العمل الصالح لعموم المسلمين، بل ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن هذه الطريقة في الإهداء: لم ترد عن أحد من السلف.
فقد سئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: عن رجل كلَّما ختمَ القرآنَ أو قرأ شيئًا منه يقول: اللّهمَّ اجعلْ ثوابَ ما قرأتُه هديةً مني وَاصِلةً إلى رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو إلى جميعِ أهلِ الأرضِ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها.
فهل يجوز ذلك أو يُستحبُّ؟ وهل يَجبُ إنكارُ ذلك على فاعلِه؟ وهل فَعَلَه أحدٌ من علماء المسلمين؟
فكان مما قال: "... فإهداءُ ثواب القرآنِ إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو إلى جميع أهل الأرض، هو مثلُ إهداءِ ثواب الصيام التطوع، والصلاة التطوع، ونحوهما، ومثلُ إهداء ثواب الصدقة والعتق والحج، على أحد القولين، إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسائر المسلمين، ولم يَبلُغْنا أن أحدًا من السلف والصحابة والتابعين وتابعيهم كان يَفعلُ ذلك، وأقدمُ مَن بَلَغَنا أنه فعلَ شيئًا من ذلك عليُّ بن الموفَّق أحدُ الشيوخ من طبقةِ أحمد الكبار وشيوخِ الجنيد ..... .
لكن .. إهداء ثواب الأعمال إلى جميع الناس ما سمعتُ أحدًا فَعَلَه، ولا سمعتُ أن أحدًا كان يُهدِيْ إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلاَّ ما بَلَغَني عن علي بن الموفَّق ونحوه، والاقتداءُ بالصحابة والتابعين وتابعيهم أولى، فينبغي للإنسان أن يفعلَ المشروعَ من الصلاة عليه والتسليم، فهذا هو الذي أمر الله تعالى به ورسولُه صلى الله عليه وسلم وفي السنن عنه «أَكثِرُوا على من الصلاة يومَ الجمعة وليلةَ الجمعة، فإن صلاتكُم معروضة عليَّ» ...
وفي فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي - من الآثار ما يَضِيْقُ هذا الموضع عن ذكره، وكذلك الدعاءُ للمؤمنين والمؤمنات والاستغفار لهم هو الذي جاء به الكتاب والسنة، قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} .... فالأفعال الشرعية هي التي ينبغي للمؤمن أن يتحرَّاها. والله تعالى أعلى وأَعلم" انتهى من (جامع المسائل لابن تيمية :4/209- 213).

وعليه: فلا يشرع إهداء ثواب العمرة لجميع المسلمين، لكن هذا الشخص الذي فعل هذا نسأل الله تعالى أن يجزيه خيراً على حسن نيته، وينبغي أن لا يعود إلى ذلك، وأن يقتصر على ما شرعه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال شيخ الإسلام: "فالأفعال الشرعية هي التي ينبغي للمؤمن أن يتحرَّاها".

والله تعالى أعلى وأعلم.

  • 2
  • 0
  • 16,744

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً