زوجي متعدد العلاقات

منذ 2016-12-02
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجةٌ منذ أربع سنوات، بدأت المشكلةُ منذ أيام الخطوبة عندما علمتُ مِن بعض الناس أن خطيبي له علاقات عديدة غير شرعية، فسألتُ خطيبي عن ذلك، فأنكر هذا الكلام، وقال: لم يحدث شيء من هذا، وأقسم على ذلك!

تزوجتُه، وبعد الزواج فُوجئتُ بأن لديه هاتفًا غير الأساسي، عليه أرقامٌ لفتيات وشباب شاذِّين! وهو يتواصل معهم، وبينه وبينهم رسائل كلها فَواحش، ومِن كثرة العصبيَّة كسرتُ الهاتف.

عندما عاد سألني: لم كَسَرْتِ الهاتف؟ ولامني أني فتشتُ في هاتفِه، وللأسف لِضَعْفِي أمامه وحبِّي له مرَّت المشكلةُ بعدما قاطعني مدةً طويلة، ثم تصالحنا.

فتحتُ حاسوبه الشخصي مرة، وصُدِمْتُ بما وجدتُ مِن المحادَثات، فذهبتُ لأهلي غاضبةً مما رأيتُ، فخيرني والدي بين الإكمال معه أو الترك، ورفضتْ أمي أنْ أُطَلَّق بسبب الحمل في ذلك الوقت.

واجهتُه بما رأيت على الجهاز فأنكر، وقال: إنَّ مَن فعَل ذلك قريب له؛ لأنه أعطاه الجهاز ثم استرده مرة أخرى، ولا يعرف ماذا فعل به؟!

المشكلة أني أضْعُف أمامه، وأذهب إليه وأصالحه، وأعتذر له عما بدَر مني، فقررتُ ألا أفتشَ في أغراضه، ووكلتُ أمري إلى الله!

والآن تأتيني انتكاسات شديدة، وأتذكَّر ما يفعله مع النساء، وقد وجدتُ هاتفًا له مليئًا بالرسائل الجنسية، فأخذتُه وأخفيتُه.

ولا أعلم ماذا أفعل؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:

فتعلمين أيتها الابنةُ الكريمةُ أنه ليس في مَكارم الأخلاق أدقُّ ولا أخفى ولا أعظمُ مِن النصيحة، حتى جَعَلَها الشارعُ مُعْظَم الدين؛ فقال رسول الله: «الدين النصيحة»، ومِن ثم تعيَّن على المستشار الصراحةُ والصدقُ، فلا يكتم عيبًا مما يراه ويسأل عنه إلا بيَّنه، وإلا كان قد خان الأمانة لمن أفضى إليه بسره ليشير عليه بما يراه صوابًا، ولا يكتمه، فإن الكتمانَ ضررٌ محضٌ وغشٌّ وخيانةٌ.

وانطلاقًا مِن هذا الأصل الشرعي الجامع أقول لك: إنَّ إدمان زوجك لتلك العلاقات المحرَّمة، وإصراره على الذنب شيءٌ لا تستقيم معه الأسرةُ ولا تقوم؛ فشُؤْمُ المعاصي عمومًا وتلك المعاصي المتعلقة بالأعراض خُصوصًا تَمْحَقُ البركة، وتُزيل النِّعَم، وتحلُّ بها النِّقَم، وقد ساعَدَ على تفاقم المشكلة مع الأسف أيتها الابنة الكريمة سلبيتك الشديدة، وضعْف شخصيتك أمام زوجك، وقد يكون ما دفَعَك لهذا شدة حبك وتعلقك به، وعدم تحمُّل البُعد عنه، وهذا أمرٌ لا تُلامِين عليه، ولكن بشرط ألا يؤثِّرَ سلبًا على الحفاظ على أسرتك، وأخذ مواقف حاسمة أمام نزوات وانحرافات زوجك، والتي لم تنقطعْ قبل وبعد الزواج.

وقد عرَف زوجك نقطةَ ضعفك، فإذا بدا منك اعتراضٌ أو أي ردّ فعلٍ قلَب لك ظهر المِجَنّ، وخاصَمَك حتى تعودي أدراجك وتعتذري له، وهذا الضعفُ يعود عليكم جميعًا بالضررِ، وكان الواجبُ عليك عكس ذلك، فإنَّ مَوَدَّتَهُ وحبَّهُ تُوجب له حُرمة وحقًّا، ومِن حقِّه نصحه، والسعي في هدايته إلى مَصالح آخرته، وإنقاذه من مستنقع الآثام، وكما قيل: صديقُك مَن صدقك لا مَن صدّقك، والحبيبُ الحقُّ هو مَن سعى في عمارة آخرة حبيبه، وحفظ دنياه، والسعي في مَصالح آخرتهم وهدايته للطريق القويم.

ولْتَحْذَرِي - رعاك الله - مِن أن يَحْمِلَك طلب الوجاهة عند زوجك، ودوام المنزلة عنده، والخوف من خصامه - لا يدفعك كلُّ هذا أن تتركي معركة الإصلاح، فالخبثُ إذا كَثُرَ عَمَّ العقابُ الصالحَ والطالحَ، وإذا لم يُؤْخَذْ على يده أوشك أن يَعُمَّكُمْ الله تعالى بعقابه لا قدَّر الله؛ كما قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} [النور: 63].

هذا؛ ومما يُعينك على مُواجَهة زوجك، ويُقَوِّي قلبك، إخلاصُ النية لله؛ فإن الله تعالى يقول: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز} [الحج: 40]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم} [آل عمران: 101]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، واصْبِري واحتسبي؛ فالأجرُ على قدْر النصب.

فإن لم يرْعَوِ زوجك فيجب إدخال أطراف مِن عقلاء الأقارب أو غيرهم لرَأْبِ الصدع، والعمل على وضْعِ حدٍّ لنزق زوجك.

أصلح الله زوجك، ويسَّرَ لكما الخير حيث كان.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 4
  • 0
  • 17,998

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً