المرض دروس وعبر

منذ 2013-06-13

كثيراً من الناس قد يواجه المرض لكنه ينسى الصبر عليه وينسى ما في المرض والبلايا من فوائد جمَّة في الدنيا والأخرى. فإن الله تعالى لم يخلق شيئاً إلا وفيه نعمة ولولا أن الله خلق العذاب والألم لما عرف المتنعمون قدر نعمة الله عليهم.




وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ





تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ
إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً







وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ

ما يصيب المؤمن من وصبٍ ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه

لا تسبوا الحمى فإنها مكفرة للذنوب والخطايا

لا يزال البلاء بالمؤمن في أهله وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة


ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب، وما يدفع الله عنه أكثر

إذا أردا الله بعبد الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة

ما من مسلم يصيبه أذىً من مرض فما سواه إلا حط الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها





إن الصالحين يشدد عليهم وإنه لا يصيب مؤمناً نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة

الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر



وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ



إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ



وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

إذا مات ابن العبد قال الله لملائكته وهو أعلم قبضت ابن عبدي قالوا: نعم فيقول وهو أعلم: فماذا قال؟ فيقولون: حمدك واسترجع فقال: ابنو لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد



يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ

لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ

عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً لـه، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً لـه وليس ذلك إلا للمؤمن

قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَنَامن يرد الله به خيراً يصب منه



فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ



إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنةما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة

رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ

إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ







 

يا مدعي الكبر إعجاباً بصورتـــه *** انظر خلاك فإن النتن تثريب

لو فكر الناس ما في بطونهم *** ما ادعى الكبر شبان ولا شيب


فالعبد يجوع كُرها ويمرض كرهاً ويموت كرهاً ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً. فمن كانت هذه طبيعته فلماذا يتكبر ولماذا يتغطرس: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ . الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} [الانفطار:6-7]. {كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ} [المعارج:39].

وقال ابن القيم رحمه الله: "لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلاً أو آجلاً".

سادساً: من فوائد المرض معرفة العبد ذله وحاجته وفقره إلى الله، فأهل السماوات والأرض محتاجون إليه سبحانه فهم الفقراء إليه فهو الغني سبحانه، ولولا أن سلّط على العبد هذه الأمراض والبلايا لنسي نفسه ونسي خالقه.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مصيبة تقبل بها على الله خير لك من نعمة تنسيك ذكر الله".


قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر:15].

سابعاً: من فوائد المرض أن فيه مساواة تامة، فهي سنة الحياة فلا يفرق المرض بين غنيٍ ولا فقير ولا يعرف فقيراً ولا عزيزاً الناس سواء والمرض لابد للجميع، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13].

ثامناً: من فوائد المرض أنه يهمس في قلوبنا قائلاً: "بنيتك يا ابن ادم ليست من الصلب والحديد، بل من مواد ضعيفة قابلة للتحلل والتفسخ فدع عنك الغرور واعرف عجزك وتعرف على أصلك وافهم وظيفتك في الحياة الدنيا".

تاسعاً: المرض يجعلك تتأمل فيمن ابتلاهم الله بأشد منك، فيجعلك هذا تصبر وتحمد الله على ما أنت فيه وترضى بما قسمه الله لك.

ولقد كان الصالحون يفرحون بالمرض والبلاء ويعدونه نعمة كما يفرح الواحد منا بالرخاء، قال صلى الله عليه وسلم: «وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء».

ولما كان الأنبياء والصالحون هم أحب الخلق إلى الله تعالى كان بلاؤهم أشد من غيرهم، فعن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً، قال: «الأنبياء ثم الأقل فالأقل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابةً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة» (رواه الترمذي، وهو صحيح).

وهذا نبيكم سيد الخلق أجمعين كان أشد الناس بلاءً حيث يشتد عليه المرض أكثر من غيره حتى قالت عائشة رضي الله عنها: "ما رأيت أحداً أشد عليه الوجع من رسول الله" (رواه البخاري ومسلم).

وقال أبو سعيد: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فوضعت يدي عليه فوجدت حره بين يدي فوق اللحاف فقلت: يا رسول الله ما أشدها عليك؟ قال: «إنا كذلك يضعف لنا البلاء ويضعف لنا الأجرة»، قلت يا رسول الله: أي الناس أشد بلاء؟ قال: «الأنبياء»، قلت: ثم من؟ قال: «الصالحون، إذ كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يحويها (يجمعها)، وإن أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء».

اللهم اجعلنا من عبادك الصابرين وقوي إيماننا وارفع درجاتنا وتقبل صلاتنا ولا تميتنا إلا وأنت راضٍ عنا يا رب العالمين.

هذا وصلوا ـ عباد الله ـ على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56].