ضوابط في زينة المرأة

منذ 2014-03-22

عُني الإسلام بزينة المرأة مراعاةً لأنوثتها، وتلبيةً لنداء الفطرة فيها، فرخص لها ما لم يرخص للرجل، فأبيح لها الحرير والتحلي بالذهب دون الرجال. لكن هناك شروط وضوابط لزينة المرأة.

الإسلام دين الفطرة واليسر، والإنسان مفطور على حب الزينة والجمال، وقد شرع الله لعباده التزين والعناية بالمظهر بل طلب منهم ذلك عند كل مسجد، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، وعُني الإسلام بزينة المرأة مراعاةً لأنوثتها، وتلبيةً لنداء الفطرة فيها، فرخص لها ما لم يرخص للرجل، فأبيح لها الحرير والتحلي بالذهب دون الرجال. والزينة من حيث استعمالها تنقسم إلى:

 

- زينة مباحة: كل زينة أباحها الشرع، وأذن فيها للمرأة، مما فيه جمال للمرأة وعدم ضرر بالشروط المعتبرة، ويدخل في ذلك: لباس الزينة، والحرير، والحلي والطيب، ووسائل التجميل الحديثة.

 

- زينة مستحبة: وهي كل زينة رغب فيها الشارع، وحث عليها ويدخل في هذا القسم سنن الفطرة: كالسواك، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، والاستحداد، ونحو ذلك.

 

- زينة محرمة: وهي كل ما حرم الشرع وحذر منه مثل: النمص ووصل الشعر، أو كان فيه تشبه بالرجال، أو بالكفار.

 

ومن الضوابط الخاصة بزينة المرأة:

ستر الزينة والبعد عن التبرج وتجنب إظهارها للرجال الأجانب، ومراعاة القصد والاعتدال والبعد عن الإسراف، ومراعاة حدود الزينة أمام النساء.

 

- ضوابط زينة وتجميل الشعر:

1- قص الشعر:

طول شعر المرأة ووفوره زينة وجمال وبهاء، وهذا أمر معروف منذ القدم، وإذا احتاجت المرأة إلى قصه مثل أن تعجز عن مؤنته، ويشق عليها كلفته فلها أن تقصه إذا كان هذا ليس فيه تشبه بالفاسقات والكافرات أو الرجال، ولا يكون في ذلك تلاعب واتباع للموضات، وقد ورد أن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن قد قصصن شعورهن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: "دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أَنَا وَأَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ فَسَأَلَهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْجَنَابَةِ فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ قَدْرِ الصَّاعِ فَاغْتَسَلَتْ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا سِتْرٌ وَأَفْرَغَتْ عَلَى رَأْسِهَا ثَلَاثًا، قَالَ: وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ" (أخرجه البخاري: [251]، ومسلم: [320]، واللفظ له).

 

2- حلق شعر الرأس:

الحلق أخذ الشعر كله وإزالته بالموسي، وحلق المرأة رأسها لا يجوز إلا عند الضرورة وتقدر الضرورة بقدرها، لأن حلقه من غير ضرورة يعتبر مثلة في حق المرأة، وفيه أيضًا تشبه بالرجال، إذ أن الحلق من خصائصهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» (أخرجه أبو داود: [1693])، وعن عائشة رضي الله عنها أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تَحْلِقَ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا (أخرجه الترمذي: [915])، وقال: "والعمل على هذا عند أهل العلم".

 

3- نمص الشعر من الوجه والحاجبين:

النمص: النمص لغةً: رقة الشعر ودقته حتى تراه كالزغب، والنمص: نتف الشعر، والنامصة: هي التي تُزيِّن النساء بالنمص، والمتنمصة: المُزيَّنة بالنمص. ونتف شعر الوجه والحاجبين لا يجوز، فعن عَلْقَمَةَ قَالَ: "لَعَنَ عَبْدُ اللَّهِ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ: مَا هَذَا؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ وَفِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}" (أخرجه البخاري: [5939]، ومسلم: [2125])، والنمص والنتف سواء، ولا يختص النمص بالحاجبين بل يشمل أخذ الشعر من الوجه، قال ابن الأثير: "النامصة التي تنتف الشعر من وجهها"، لكن إذا نبت للمرأة شعر في شاربها أو لحيتها أو خدها فلا بأس بإزالته لأنه خلاف المعتاد وهو مشوه للمرأة. وكذلك إذا طال شعر الحاجب ونزل على العين فيزال ما يؤذي منه، ومن الأمور المحدثة في النمص أن تزيل المرأة كامل الحاجب وتضع خطاً مكانه، وكل هذه الأمور سواء الإزالة الكاملة أو التخفيف منهي عنها.

 

3- وصل الشعر:

وصل المرأة شعرها لا يجوز ففي الحديث: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ» (أخرجه البخاري: [5933]، ومسلم: [2127])، ويدخل في ذلك لبس ما يسمى بالباروكة، إلا لمن بها عيب كأن تكون المرأة قرعاء ليس على رأسها شعر فلا حرج من استخدام الباروكة لستر العيب.

 

4- صبغ الشعر:

صبغ الشعر لتغيير الشيب مشروع بل مسنون، إذ ثبتت مشروعيته بالأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم دون فرق في هذا بين الرجل والمرأة، فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ» (أخرجه مسلم: [2103])، وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ» (أخرجه البخاري: [3462]، ومسلم: [2103]).

 

5- تعلية الشعر فوق الرأس:

وهو من الأمور المستحدثة التي وردت علينا من نساء الغرب، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم -وهو من معجزات النبوة- عن صنفين لم يرهما من أهل النار، فقال فيما يرويه عنه أبو هريرة: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» (أخرجه مسلم: [2128]).

 

ضوابط في تجميل الوجه:

1- العدسات الملونة:

عرفت العدسات في مجال علاج قصر النظر، واستخدمت على نطاق واسع في مجال التجميل والزينة، وخاصة الملون منها، ويجوز لبس العدسات عند الحاجة بقصد العلاج، وأما استخدامها بهدف الزينة فقط، فمن أهل العلم من منع ذلك لما فيه من تغيير خلق الله، والتلبيس مع عدم وجود الحاجة إلى ذلك، ومن أهل العلم من أباح استخدامها لأن الأصل في الأشياء الإباحة والحل ولكن هذا مقيد بقيود وشروط الزينة عمومًا بحيث لا يكون في لبسها مضرة ولا تشبه، ومن غير تبذير ولا إسراف.

 

2- الرموش الصناعية:

الرموش الصناعية هي نوع من الزينة المستحدثة تضعها المرأة فوق جفن العين فوق رموشها الطبيعية، لتبدو رموشها غزيرة طويلة، وتستخدم مادة مخصوصة لتثبيتها. ولا يجوز استخدام هذه الرموش لدخولها في الوصل المنهي عنه، ولأنه قد ثبت من الناحية الطبية أن المادة التي تستخدم في صناعة الرموش الصناعية، وكذا المادة المثبتة لها تسبب حساسية مزمنة بالجلد والعين وتؤثر على الرموش الطبيعية ونموها الطبيعي.

 

3- في الأسنان وتجميلها:

وشر الأسنان وهو ترقيقها وتحديدها وتفليجها لا يجوز، وفي الحديث: «لعن المتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله» (أخرجه البخاري: [5939]، ومسلم: [2125])، وعن أبي ريحانة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوشر والوشم (أخرجه النسائي: [8/149]).

 

4- استخدام المساحيق والأصباغ:

يجوز استخدام المساحيق وأدوات التجميل إذا لم يكن فيها مضرة وحصل هذا بقصد واعتدال، والأطباء ينصحون بعدم استخدام أدوات التجميل عمومًا والمكياجات إلا في حالات قليلة وعدم المواظبة على استخدامها لأن فيها مواد كيميائية تؤثر على نضارة البشرة وحيويتها في المستقبل، وغالبًا ما تؤدي إلى ظهور التجاعيد مبكراً في البشرة.

 

5- الوشم:

الوشم: هو غرز إبرة أو نحوها في الوجه أو الذراع، ثم يحشى الموضع بمادة كالكحل أو غيره ليخضر الموضع أو يزرق. وهو محرم، وفي الحديث لعن الواشمات والمستوشمات، ومما استحدث من أساليب الوشم: أن يحدد شكل العينين والشفتين ثم ينقش عليها بالإبر ويحشى الموضع باللون المطلوب، فتصبح العينان كحيلتين على الدوام، وتصبح الشفتان دائمتي الحمرة، وهذا الفعل ينطبق عليه حكم الوشم.

 

6- طلاء الأظافر:

طلاء الأظافر يسمى لدى العامة (موناكير)، وهو مادة سائلة ملونة لزجة تصبغ بها المرأة أظفارها، فتجف بعد فترة مكونة طبقة عازلة تمنع وصول الماء في الوضوء، وهذا الطلاء إن لم يكن فيه مضرة فيراعى إزالته عند كل وضوء وغسل ليصل الماء إلى البشرة. وتركه أولى، وقد أشار بعض الأطباء إلى أن الطلاء المستمر يضر بالأظافر، وقد يؤدي إلى تشققات بها.

 

التزين عن طريق عمليات التجميل:

التجميل المستعمل في الطب ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: الجراحة التي يحتاج إليها الإنسان لوجود عيوب خَلْقية ولد بها الإنسان كالتصاق أصابع اليدين أو الرجلين، أو عيوب ناشئة عن الآفات المرضية التي تصيب الجسم أو العيوب الطارئة على الجسم كالتشوهات الناشئة عن الحروق والحوادث، فهذه العيوب يجوز إجراء العمليات الجراحية لإزالتها.

 

القسم الثاني: الجراحة التجميلية التي يقصد بها تحسين المظهر وتحقيق صورة أجمل وأحسن، ومن ذلك ما يسمى بعمليات تجديد الشباب، وعمليات تجميل الأنف بتصغيره أو تغيير شكله عمومًا، وتجميل الثديين بتصغيرهما إن كانا كبيرين أو تكبيرهما إن كانا صغيرين، وتصغير الشفة الغليظة وتكبير الشفة الرقيقة، ونحو ذلك، وشد تجاعيد الوجه ليظهر صاحبه وكأنه أصغر بكثير من سنه الحقيقي، وهذا النوع من الجراحة مشتمل على تغيير خلق الله، والعبث به حسب الهوى والرغبة، وهو داخل في عموم قوله سبحانه وتعالى حكاية عن إبليس: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119]، وفي حديث ابن مسعود السابق: «والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله» (أخرجه البخاري: [5939]، ومسلم: [2125]).

 

التزين والتجمل بالمطعوم:

المواد المطعومة مثل: الحبة السوداء، وزيت الزيتون وعسل النحل، وغيرها هي غذاء للبدن وتستخدم للعلاج وقد تستخدم بغرض التجميل والتحسين المحض مثل وضع القناعات للوجه بغرض تغذية الوجه وتخفيف تجاعيده وخشونته، وإعادة رونقه ونضارته ونعومته، فإذا كانت هذه المواد داخلة في مواد أخرى مصنعة مثل المراهم والمحاليل فلا إشكال في ذلك، وأما إذا كانت خالصة فإن احتيج إليها مما لا يعد امتهانًا فلا بأس بذلك، والله أعلم.

 

محمد بن عبد الله القناص

المصدر: موقع الدرر السنية