يا من توصم المرأة بنقصان العقل

منذ 2014-03-31

المرأة نصف عقل..! كلمة يتشدق بها الكثيرون من الرجال مستندين إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يترك لكل من طوعت نفسه بإهانة المرأة مجال لذلك..

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المرأة نصف عقل..!

كلمة يتشدق بها الكثيرون من الرجال مستندين إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للب الرجل الحازم، من إحداكن، يا معشر النساء» (صحيح البخاري:1462)، مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يترك لكل من طوعت نفسه بإهانة المرأة مجال لذلك، حيث سألته إمرأة: "وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟"، فقال صلوات الله وسلامه عليه: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها» (صحيح البخاري:304).

إذا تأملنا الحديث نجد أن اتصاف المرأة بذلك لم يكن نقصان منها ومن شأنها، بل هي أشياء كتبها الله عليها خارجة عن إرادتها، وليس نقصان من شأنها أبدًا، فسبحانه أعطاها من العاطفة والحنان أكثر بكثير من الرجل، فغلب العاطفة على العقل، في حين أن الرجل يُحَكْم عقله أكثر، فعقله غالب على عاطفته، وما جعلها الله هكذا إلا لتربيتك أيها الرجل الذي تستهين بها، وفي كل مجال توصمها بالنقصان في العقل..

فالمرأة أيها الرجل تتحمل الكثير والكثير في الحمل والرضاعة وتربية الأبناء، مما لا يتحمله الرجال الأقوياء..
هذه المرأة التي تجلس بين أصدقائك توصمها بالنقصان! هي من أرضعتك عامين كاملين من جسدها وتحملت نقصان المعادن والفيتامينات التي في دمها وعظامها، لتنشا أنت كامل البنيان والعقل، تحملت آلام العظام وغيره من الآلام في كل جسدها كي تخرج أنت للدنيا رجل يشار له بالبنان..

يقول تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان:14]، أيها الرجل تمعن في تلك الآية جيدًا وانظر من الذي كُرم بالذكر فيها؟ إنها الأم، تلك المرأة هي من خصها الله بالذكر في الأية، بالرغم أن البداية التوصية بالوالدين، ومع ذلك لم يخصك أنت بل خصها هي بالذكر لما تتحمله وتعاني منه بحملك ورضاعك وتربيتك..! فهل هناك تكريم أكثر من هذا يا من توصمها في مجالسك بالنقصان.

وتعالى لننظر للسنة المطهرة، يقول عليه أفضل الصلوات والسلام عندما سأله رجل بأحق الناس بصحبته، قال: «أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك» (صحيح ابن حبان:901)، أريت أيها الرجل لقد خصها الرسول عليه الصلاة والسلام بالذكر ثلاثا، أما أنت فمرة واحدة، هذا لأن الحبيب يعلم عظم شأنها ودورها في الحياة، وما تلاقيه لتخرج أنت وغيرك للحياة..

فإن كنت ترى أنها ناقصة العقل نقصان يهينها، فلماذا أنت مكتمل العقل قوي البنيان مع أن كل لحمك وعظامك من لبنها وجسدها هي؟ هل نسيت أن نموك وتكوينك منها هي، أنسيت أن ثقافتك وأفكارك أخذتها من جلوسك معها في سنينك الأولى من حياتك، تلك السنون التي مهدتك للخروج لمعترك الحياة لتتحمل مشاقها..

أنسيت انها الحضن الوحيد الذي تلقي بهمومك في صدرها عندما تُسد الأبواب في وجهك، فتمسح على رأسك فيزال كل همك وتستمر حياتك سعيدة؟! أنسيت أن هذه المرأة مستعدة كل الاستعداد أن تضحي بحياتها لتنجيك من أي سوء يمسك؟! أنسيت أيها الرجل أن هذه المرأة هي الزوجة التي تسكن إليها وترعاك وتتحمل غضبك، وتفرح لفرحك بعد أمك؟! أنسيت أنها هي من تنجب لك الأولاد وترعاهم حتى يكبروا، ثم تقطف أنت ثمرة هذا الجهد عندما يكون لأبنائك شأن في الحياة؟!

هذه هي المرأة التي توصمها بالنقصان، فهل تستطيع أنت تحمل ما تتحمله، والقيام بما تقوم هي به؟! 

أم سارة

كاتبة إسلامية من فريق عمل موقع طريق الإسلام