مِن أقوال المُفسِّرين .. في مُوالاةِ المُشركين - التقيَّة
التقيَّة؛ بالقول والظاهر لا العمل والباطن: {إلَّا أن تتَّقوا منهم تُقاةً}: "وقال جَمعٌ كثيرٌ من العلماء: "التقيَّة إنما هي مُبيحة للأقوال، فأما الأفعال فلا"...
من خلال قول اللهِ الكريم: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ}.
* التقيَّة؛ بالقول والظاهر لا العمل والباطن.. {إلَّا أن تتَّقوا منهم تُقاةً}:
- "وقال جَمعٌ كثيرٌ من العلماء: "التقيَّة إنما هي مُبيحة للأقوال، فأما الأفعال فلا" (ابن عطيَّة في تفسيره).
- "أي: تخافوا منهم محذورًا، فأظهروا معهم المُوالاة باللسان دون القلب؛ لدفعه. وعن الحسن: تقيَّة باللسان، والقلب مُطمئن بالإيمان" (القاسمي).
- "أي: إلَّا مَن خاف في بعض البلدان أو الأوقات، مِن شرِّهم، فله أن يَتقيهم بظاهرِه لا بباطنِه ونيَّته، كما حكاه البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: إنا لنُكشِّر -نضحك- في وجوهِ أقوامٍ وقلوبنا تلعنهم".
وقال الثوري: قال ابن عباس رضي الله عنهما: "ليس التقيَّة بالعمل، إنما التقيَّة باللسان... وكذا قال أبو العالية، وأبو الشعثاء والضحاك، والربيع بن أنس" (ابن كثير في تفسيره).
- "وفي ذلك دليل على جواز الموالاة لهم، مع الخوف منهم، ولكنها تكون ظاهرًا لا باطنًا... ابنُ جرير، وابنُ أبي حاتم.. من طريق العوفي عن ابن عباس، في قوله: {إلَّا أن تتَّقوا منهم تُقاةً}؛ قال: التقيَّة باللسان، مَن حُمِل على أمرٍ يتكلَّم به، وهو معصية لله؛ فيتكلَّم به مخافة الناس، وقلبه مطمئن بالإيمان، فإن ذلك لا يضره، إنما التقيَّة باللسان.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم، وصحَّحه، والبيهقي في سُننه عنه في الآية قال: "التقاة: التكلُّم باللسان، والقلبُ مطمئنٌ بالإيمان، ولا يَبسط يدَه فيَقتُل، ولا إلى إثمٍ، فإنه لا عذر له".
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن أبي العالية في الآية قال: "التقيَّة باللسان، وليس بالعمل" (الشوكاني في تفسيره).
- "إلَّا أن تكونوا في سُلطانهم، فتَخافوهم على أنفسكم، فتُظهروا لهم الولايةَ بألسنتكم، وتُضمِروا لهم العداوة، ولا تُشايعُوهم على ما هُم عليه، من الكفر، ولا تُعينوهم على مسلمٍ بفعل... وقال عكرمة: ما لم يُهرق دمَ مسلمٍ، وما لم يَستحل مالَه" (الطبري في تفسيره).
- "ذهبت طائفةٌ من العلماء، إلى أن الرُّخصة إنما جاءت في القول، وأما في الفعل فلا رخصة فيه؛ مثل أن يُكرهوا على السجود لغير الله، أو الصلاة لغير القبلة، أو قتل مسلمٍ أو ضربه، أو أكل ماله، أو الزنا وشُرب الخمر وأكل الربا... وأجمع العلماء على أن مَن أُكرِه على قتل غيره.. أنه لا يجوز له الإقدامُ على قتله، ولا انتهاك حُرمته بجَلدٍ أو غيره، ويصبر على البلاء الذي نزل به، ولا يحلّ له أن يفدي نفسَه بغيره، ويسأل الله العافية في الدنيا والآخرة" (القرطبي في تفسيره).
* فوائد حول التَّقيَّة:
الأولى: في مشروعية التَّقيَّة، حال اليقين والجزم، لا الظنّ والوهم: "إلَّا أن تَخافوا منهم أمرًا خطرًا مجزومًا به، لا كما خافَه نصارى نجران، وتوهَّمه حاطب. فحينئذٍ يُباح إظهار المُوالاة" (البقاعي في نظم الدُّرر).
زاد ابنُ عطيَّة في أمر حاطب رضي الله عنه: "وكان من أفاضل المهاجرين، وخُلَّص المؤمنين، إلا أنه تأوَّل".
وزاد ابن كثير أيضًا: "فعلَ ذلك مُصانعةً لقريش، لأجل ما كان له عندهم مِن الأموال والأولاد".
الثانية: في كون بعض السَّلف؛ لم يرَ التقيَّة بعد الإسلام: "وخالفَ في ذلك؛ قومٌ من السلف، فقالوا: لا تقيَّة بعد أن أعزَّ اللهُ الإسلام" (الشوكاني في تفسيره).
الثالثة: تفسير بعض السلف للتقيَّة، بالقرابة: "إلا أن يكون بينك وبينه قرابة" (الطبري في تفسيره).
تقبَّل الله منِّي ومنكم.. وبَصَّرنا بالحق والهُدَى!
أبو فهر المسلم
باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله
- التصنيف: