اللياقات الست - (7) اللياقة البدنية

منذ 2015-03-29

من المفيدِ أن يعرف الإنسانُ جسمَه؛ ليعرفَ كيف يعتني به ويتعاملُ معه، وهناك كتبٌ مبسَّطة لغير المختصِّين، ألَّفها أطباءُ مختصُّون.

من المفيدِ أن يعرف الإنسانُ جسمَه؛ ليعرفَ كيف يعتني به ويتعاملُ معه، وهناك كتبٌ مبسَّطة لغير المختصِّين، ألَّفها أطباءُ مختصُّون، وقد ظهرَتْ في المكتبةِ العربية بعضُ الكتب المفيدة، سواءٌ كانت مترجمةً أم موضوعة بالعربية ابتداءً، وينبغي التأكدُ قبل اقتناء أيٍّ منها أن تكونَ موثوقة بها، جديرة بالاعتماد عليها، وقراءةُ هذه الكتب نافعةٌ جدًّا، لكنها لا تجعلُ قارئها مختصًّا، ولا تخوِّلُه أن يُطبِّبَ نفسَه.

وسنتحدَّثُ باختصار عن الإنسانِ في حال صحته، وفي هذه الحال تتحصلُ له اللياقة البدنية عن طريق: الغذاء الأمثل، والرِّياضة البدنيَّة الجيِّدة.

وفي حال مرَضِه، وفي هذه الحال قدَّمنا له عشرَ نصائح قيِّمة، نرجو أن ينتفعَ بها غايةَ الانتفاع.

أولًا: في حالة الصحة:

تقوم صحةُ الإنسان على ركنين: الغذاء الجيِّد، والرِّياضة الجيدة.

[أ]- الغذاء الأمثل:
ما قيل آنفًا عن الكتب التي يُنصَحُ باقتنائها، ليعرِفَ الإنسانُ جسمَه، يقال في الكتبِ الجيدة التي يُنصَح الإنسانُ بقراءتها ليعرف: ماذا يأكُلُ، وكيف يأكُلُ.

ومشكلة الغالبية العظمى من الناس أنهم لا يجهَلون ما يجب فعله، لكنهم لا يطبِّقون ما يعلمون، من أمثال النصائح التالية:

• لا تملأ أكثَرَ من ثُلُث معدتك.
• لا تُدخِلِ الطعامَ على الطعام.
• تجنَّبِ الدهون، والمِلْح، والسكَّر.
• تجنَّبِ المشروباتِ الغازية، والمشروبات ذوات النكهات والألوان الصناعية.
• أكثِرْ من الخضروات الطازجة والفاكهة... إلخ.


[ب]- الرياضة المناسبة [1]:

أدَّت ظروفُ الحياة المعاصرة إلى قلَّة الحركة، والخمولِ لدى كثرة كاثرة من الناس، نجَم عن ذلك عددٌ من الأمراض، أُطلق عليها اسم: "أمراض العصر"، أو "أمراض النمط المعيشي"، أهمها: السِّمْنة، وداء السُّكَّري، وأمراض الأوعية الدموية؛ (جلطة القلب والدماغ)، وارتفاع ضغط الدم، وهشاشة العظام، وأنواع من الأورام السَّرطانية... إلخ، وتزايَدَتْ كلفةُ العلاج، الأمرُ الذي حتَّم التوعيةَ بأهمية ممارسة الرِّياضة البدنية للوقاية من كثيرٍ من المشكلاتِ الصِّحية بإذنِ الله.

لقد أصبَحَتْ "قلة النشاط البدني" مشكلةً تزدادُ في الانتشار في الدول المتقدمة والدول النامية بشكل يدعو إلى القلق، وفي بيانٍ لمنظَّمة الصحة العالمية إحصاءٌ يُفيد أن نسبة الذين لا يزاولون نشاطًا بدنيًّا كافيًا تتراوح بين 60 و80 في المائة من عدد السكان، وأن الأمراضَ المزمِنة تسبَّبت عام 2001 في 60 في المائةِ من عدد الوَفَياتِ، وأن الكلفة لضَعْف النشاط البدني عام 2000م بلَغت في سويسرا 2.4 مليار فرنك سويسري، وفي بريطانيا 2.6 مليار جنيه إسترليني! أما في منطقةِ الخليج فتتراوحُ نسبةُ الإصابة بمرض السُّكَّري بين 20% و25% من عددِ السُّكان!
 

ما الذي يستفيد من ممارسة الرِّياضة البدنيَّة؟
الجسم كله: الخلايا، والقلب، والرِّئتان، والعضلات، والجهاز الهضمي، والدَّم، والغدد الصُّم، والدِّماغ، والجِلد، والعظام، والمفاصل، والشَّرايين، ونظام المَنَاعة، والصحة النفسية.

وفي الصحةِ النَّفسية تؤدِّي ممارسةُ الرِّياضة بشكل جيِّد إلى: خفضِ التوتُّر، وتحسين العادات اليومية، وتحسين النَّوم، والإحساس بالسعادة، وبتقدير الذَّات، وزيادة القُدرة على الابتكار، واتِّخاذ القرارات، وحلِّ المشكلات، وإلى زيادةِ القدرة على التخلُّص من العادات السلبية، وبصفةٍ عامة إلى تحقيقِ حياة أفضلَ.
 

وفيما يلي جدول مختصر يعطي فكرةً عن الفَرْق بين الإنسان النشيط والإنسان الخامل:

الإنسان النشيط
الإنسان الخامل

- زيادة الكتلة العضلية في الجسم نِسبيًّا.
- قلة الكتلة العضلية في الجسم نسبيًّا
- نسبة أقل من الشحوم.
- نسبة أكثر من الشحوم.
- توتُّر العضلات وقوتها.
- ارتخاء العضلات وضعفها.
- الأوتار والأربطة حول المفاصل أقوى.
- الأوتار والأربطة حول المفاصل أضعف.
- مفاصل قويَّة ومرِنة.
- مفاصل ضعيفة ومحددة المرونة.
- كثافة العظام أعلى.
- كثافة العظام أقل.
- ضغط الدمِ أقل.
- ضغط الدم أعلى.
- سرعة التخلُّص من الجلوكوز في الدمِ.
- بطء التخلُّص من الجلوكوز في الدم.
- قلة لُزُوجة الدمِ، وخطورة التجلُّط أقل.
- زيادة لزوجة الدم، وخطورة التجلُّط أعلى.
- الاستهلاك الأقصى للأوكسجين مرتَفِع.
- الاستهلاك الأقصى للأوكسجين منخفِض.
- أنزيمات الطاقة الهوائية نشيطة.
- أنزيمات الطاقة الهوائية أقل نشاطًا.
- عدد ضرَبات القلب أثناء الراحة أدنى.
- عدد ضرَبات القلب أثناء الراحة أعلى.
- حجمُ الدمِ في ضربةِ القلب الواحدة أعلى.
- حجم الدم في ضربة القلب الواحدة أدنى.
- حجم الدم أكبر.
حجم الدم أقل.
- عضلة (بطة) الساق ضخمة.
- عضلة (بطة) الساق صغيرة.

يجبُ أن تكون الرياضةُ البدنية جزءًا من الحياةِ اليومية للإنسان، ومع أن ما يحتاج إليه كلُّ فردٍ يختلف عن غيرِه حسب العمر، والحالة الصحية، ونوعية الرياضة البدنية، فإنَّ الغالبية العظمى من الناسِ تحتاج إلى ممارسة الرياضة البدنية من 30 إلى 60 دقيقة في اليوم، في حدود (5) مرات في الأسبوع، تتراوحُ فيها ضربات القلب بين 60 و80 في المائة مِن الحدِّ الأقصى لضربات القلب، ويُحسَب عدد الضربات كما يلي:

(220) - (عمر الإنسان) = عدد ضربات القلب، فإذا كان عمر الشخص (20) سنة مثلًا، فإنَّا نطرحُ (20) من (220)، هكذا:
220-20 = 200، وتُضرَب 200 في (0.6) أو (0.8)
فتكون النتيجة: 200 × 0.6 = 120 ضربة في الدقيقة.
200 × 0.8 = 160 ضربة في الدقيقة.

أي إن ضرباتِ قلب هذا الشابِّ البالغ من العمر عشرين سنة ينبغي أن تتراوحَ بين 120-160 ضربة في الدقيقة خلال مدة التَّمرين.
 

وفيما يلي خمس خطوات عملية ينصح به المختصُّون للوصول إلى اللياقة البدنية عن طريق ممارسة الرياضة [2]:

الخطوة الأولى: حدِّدْ مستوى لياقتك الحالية:
المراد باللياقة: قوَّة العضلات، والمُرونة، وقوَّة القلب والرئتين، وتكوين الجسم.

لتحديد مستوى لياقتك عليك أن تعرِفَ وتسجِّلَ النقاط التالية:

[1]- عدد ضرباتِ القلب قبل أن تمشيَ مسافة (1.5 كم) تقريبًا، وبعد المشي.

[2]- الوقت الذي تستغرقُه لقَطْع هذه المسافة.

[3]- كم مرةً تستطيعُ أن تمارسَ تمرين ضغط الذِّراعين على الأرض.

[4]- كم تستطيع أن تنحنيَ عندما تكون جالسًا على الأرض، وساقاك ممدوتانِ إلى أمامك.

[5]- محيط خَصْرك على مستوى السُّرَّة.

[6]- مشعر كتلة جسمك (Your body mass index). وهو وزن الجسم ÷ مساحة الجسم بالمتر المربَّع.


الخطوة الثانية: اختَرْ برنامج اللياقة الذي يناسبُك؛ عند اختيار برنامج اللياقة الخاصّ بك، راعِ الأمورَ التالية:

[1]- هدفك من التدريب الرياضي: أهو إنقاص الوزن، أم المشاركة في مسابقة للجري، أم المحافظة على صحتِك بعد أن وصلتَ الأربعين؟! إن وضوحَ الهدف يحدِّد نوعيةَ البرنامج الذي تريده.

[2]- اختَرْ رياضة تحبها وتستمتعُ بممارستها؛ فذلك أدعى للاستمرار فيها.

[3]- ضَعْ خطة لبرنامج اللياقة الذي تختاره: فإذا كنتَ مبتدئًا مثلًا فابدأ بحذرٍ، وتقدَّمْ ببطء، وإذا كانت لديك حالة صحية معيَّنة، فاستشِرْ طبيبك أو اختصاصي العلاج الطبيعي قبل البَدْء، ليساعدَك على اختيارِ البرنامج المناسِب لك.

[4]- أكثرُ الناس يشكُون من عدم وجود الوقت لديهم، وهذا في الغالب وهمٌ من الأوهام، ولحلِّ هذا الإشكال، انظُرْ إلى موعد ممارسة الرِّياضة كما تنظُرُ إلى أي موعدٍ آخَرَ عليك الالتزامُ به.

[5]- نوِّعْ نشاطَك: فامْشِ مرة، واسبَحْ مرة، والعبِ الكرة حينًا، ومارِسِ الحركات الرياضية المعروفة في منزلِكَ حينًا آخَرَ، واصعَدْ واهبِطِ الدَّرجَ، أو تمرَّنْ بالأثقال الخفيفة، وهكذا... وهذا التنويعُ يجنِّبُك الضغطَ المستمرَّ على عضلات ومفاصلَ معينة، وإهمالَ أخرى.

[6]- استرِحْ، بعض الناس يبدَؤون بحماس، فيبالغون بالتمرين، ثم يتوقَّفون إذا أحسُّوا بألَمٍ في عضلاتِهم، اترُكْ وقتًا لجسمِكَ كي يرتاحَ فيه؛ كأن تبدأَ بممارسةِ الرِّياضة يومًا بعد يوم.


الخطوة الثالثة: استعدَّ!

اشترِ الحذاءَ المناسب، سجِّل في النادي الذي وقَع عليه اختيارك، اشترِ الجهازَ المناسبَ لك بعد مشورةِ المختصِّين، حدِّد رفاقَ المشي إذا كنت ستمشي وضَعُوا البرنامجَ الذي ستلتزمون به... إلخ.


الخطوة الرابعة: ابدَأْ!

[1]- ابدَأْ على مَهلٍ، وتقدَّم بالتدريج، وخذ وقتًا كافيًا للإحماءِ والتبريد، (بالمشي المعتدل أو بتمديد العضلات)، ثم ارفَعْ سرعتَك بحيث تستطيع التمرينَ لمدة عشر دقائق تشعُرُ فيها بتعبٍ معتدل لا يصلُ إلى حدِّ الإرهاق.

إذا صعُب عليك الحديثُ في أثناء التمرينِ، فخفِّف من شدَّتِه، وعندما تتحسَّن لياقتُك، زِدْ وقتَ التمرين من دقيقةٍ إلى خمسِ دقائقَ في كل مرة، وليكن هدفُك أن تتمرَّنَ يوميًّا ما لا يقلُّ عن نصف ساعة.

[2]- قسِّمِ التمرينَ إذا دعَتْ لذلك الحاجة: يعني إذا تمرَّنْتَ (10) دقائق (3) مرات في اليوم، فسوف تحقِّقُ فائدةً جيدة إن لم تستطِعْ أن تجدَ نصف ساعة متَّصِلة.

[3]- نوِّعْ رياضتَكَ إذا ملَلْتَ من التكرار.

[4]- استمِعْ إلى جسمِكَ؛ فإذا شعرتَ بالألم، أو الدوخة، أو الغَثَيان، أو انقطاع النَّفَس، فقد يكون تمرينُكَ أشدَّ من طاقتِك، فاسترِحْ.

[5]- إذا شعرتَ بوعكة صحيَّةٍ، فتوقَّف عن التمرين حتى تستردَّ عافيتَك، ثم ابدَأْ من درجة أدنى من التي كنتَ فيها.


الخطوة الخامسة: أعِدْ قياسَ مستوى لياقتِكَ:

[1]- أعِدْ قياس مستوى لياقتِكَ بعد (ستة أسابيع من بدايتِك، ثم مرَّةً كل ثلاثة أشهر)، وبناءً على ذلك قد تجدُ من الأفضل زيادةَ مدةِ التدريب؛ لتحافظَ على لياقتِكَ، أو لتتقدَّمَ.

[2]- إذا فقدتَ حماسَك للاستمرار، فابذُلْ كلَّ ما في وُسعِكَ لتُشعِلَ جَذوةَ الحماسةِ في نفسِك من جديد؛ سجِّل مثلًا في نادٍ رياضي، أو التزِمْ بالتمرينِ مع بعض الأصدقاءِ.

 

___________________
[1]- هذا الفصل مستفادٌ من كتاب: "صحتك في المشي"، تأليف الطبيب الدكتور: صالح بن سعد الأنصاري، مدير عام الصحة المدرسية في وزارة التربية والتعليم السعودية، والأمين العام لكرسي اليونسكو للتربية الصحية وتدريب المعلِّمين.

[2]- ترجمتها من موقع: mayoclinic.com بعنوان: (Fitness programs).

أحمد البراء الأميري

دكتوراة في الدراسات الإسلامية من جامعة الإمام محمد بن سعود.

المقال السابق
(6) اللياقة الاجتماعية
المقال التالي
(8) اللياقة المالية