حالات الاستبدال الرباني والحقيقة وراءه

منذ 2015-04-24

الأمان هو أن تقف في جانب الحق حتى لو بدا مهيضًا أو منكسرًا إلى حين، فكل هذه الموازين والتقلبات مؤقتة، والأمور تتغير، وما زالت أنهار الحياة جارية تتقلب أمواجها، والباطل خفيف وبيء، ومليء بالثقوب! فلا يخدعنك أحد أن الباطل مستقر، بل ابق مع الحقيقة التي أخبرك الله تعالى بها.

هدد تعالى عباده المؤمنين بالاستبدال في ثلاث حالات:
الأولى: الردة عن هذا الدين، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:54].

والثانية: التولي عن نصر هذا الدين وإعلاء كلمته، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ، إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} [التوبة:38-39].


والثالثة: التولي عن الإنفاق من أجل هذا الدين، قال تعالى: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [سورة محمد:38]. 

فمن تولى عن هذا الدين وعقيدته، أو تولى عن نصره، أو تولى عن الإنفاق من أجله، فلن يضر إلا نفسه.
تبقى الحقيقة واضحة عندما تلمس وترى آثار عمل يد الله تعالى، وتعلم أن هذا الكون ليس متروكًا عبثًا ولا سدى، بل هناك رب فوق العرش لا يترك الحياة للباطل وإنما يدفع مرة بعد مرة: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة من الآية:251].

وتبقى الحقيقة كذلك من وراء هذا الاستبدال وهي أن هذا الدين ماضٍ في طريقه ليحدث في الأرض ما شاء الله تعالى من أقدار، وأنه غالب ولا بد، يتشرف به وبنصره والإنفاق من شاء الله له الرفعة، ويخذل عنه وعن نصره والإنفاق من أجله من سقط من عين الله تعالى..

فعندما يسقط من يسقط ويتراجع من يتراجع يتولى الله تعالى الدفع بنبت آخر، ليبقى للحق مدافعوه، ويبقى الباطل في حال انزعاج دائم من كرّ الحق عليه.. هذه هي حقيقة الأمور حتى لو بدا لوهلة أن الباطل مطمئن.. {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء من الآية:18].

وبالتالي فالأمان هو أن تقف في جانب الحق حتى لو بدا مهيضًا أو منكسرًا إلى حين، فكل هذه الموازين والتقلبات مؤقتة، والأمور تتغير، وما زالت أنهار الحياة جارية تتقلب أمواجها، والباطل خفيف وبيء، ومليء بالثقوب! فلا يخدعنك أحد أن الباطل مستقر، بل ابق مع الحقيقة التي أخبرك الله تعالى بها.
فاللهم استعملنا ولا تستبدلنا، ويسر لنا واحمِنا، ويسر إليك طريقنا.. ربنا.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

مدحت القصراوي

كاتب إسلامي