تركه ما لا يعنيه

منذ 2016-02-11

الترفيه عن النفس و الترويح عنها من المطلوبات الشرعية التي تعين على الطاعة ولكن في حدود الشرع و الأخلاق .
فالترويح بفضول الكلام الذي يصل إلى الوقوع في الغيبة و النميمة و التدخل في شؤون الغير أو انشغال الإنسان بما في يدغيره حتى يقع في الحسد عياذا بالله .
أو الزيادة في النظر المباح للطبيعة الخلابة و المناظر الجالبة للقلب راحة و فرحاً لو زاد حتى وصل إلى التمتع بالمحرمات فهذا ممنوع لا مرغوب .
و من هنا سد الشرع الباب الموصل إلى تلك المحرمات مع إبقاء باب الترفيه مفتوحاً في حدود ترويح النفس و إزالة العنت عنها .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» . [رواه الترمذي وابن ماجه و ابن حبان و صححه الألباني] .
جاء في شرح الأربعين النووية بالشبكة الإسلامية شرحاً مبسطاً واضحاً : 
والتَرك المقصود في هذا الحديث يشمل أمورا كثيرة ، منها ترك فضول النظر ، لما في التطلع إلى متاع الدنيا من إفساد للقلب ، وإشغال للبال ، يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في تفسير قوله تعالى : { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه } [ طه : 131]  : " أي: لا تمد عينيك معجبا، ولا تكرر النظر مستحسنا إلى أحوال الدنيا والممتعين بها، من المآكل والمشارب اللذيذة، والملابس الفاخرة، والبيوت المزخرفة، والنساء المجملة، فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا، تبتهج بها نفوس المغترين، وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين، ويتمتع بها - بقطع النظر عن الآخرة - القوم الظالمون، ثم تذهب سريعا، وتمضي جميعا، وتقتل محبيها وعشاقها، فيندمون حيث لا تنفع الندامة " .

ومن الأمور التي يشملها الترك في الحديث : ترك فضول الكلام ، ولغو الحديث ؛ لأنه يتعلق بجارحة خطيرة ، ألا وهي جارحة اللسان ، يشهد لما قلناه ما جاء في الرواية الأخرى لهذا الحديث : ( إن من حسن إسلام المرء قلة الكلام فيما لا يعنيه ) رواه أحمد .

وقد امتدح الله عباده المؤمنين بقوله : { والذين هم عن اللغو معرضون }  [المؤمنون : 3] ، فمن صان لسانه عن فضول القول ، سَلِمَ من انزلاقه فيما لا يحبه الله ويرضاه ، وحمى منطقه من الغيبة والنميمة ، ولذلك حث الشرع في مواطن كثيرة على لزوم الصمت إلا بما فيه ذكر الله تعالى ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، قال الله عز وجل : { لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس } [النساء : 114]  . 
فاللهم حبب إلينا الإيمان و زينه في قلوبنا .
أبو الهيثم 

 

 

 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.