تذوق المعاني - [4] أذكار الصلاة - الاستعاذة
«الرجيم»: وصف له، وهو مفعول في معناه على وزن فعيل، قيل: سُمِّي بالرجيم لأنه أتى إبراهيم عليه السلام وهاجر وإسماعيل في منى، فاستعطف إبراهيمَ حتى لا يذبح ولده، فقال: "أعوذ بالله منك" فرجمه، ثم استعطف هاجر على ولدها فقالت: "أعوذ بالله منك" فرجمته، ثم استعطف إسماعيل عليه السلام على نفسه، فقال: "أعوذ بالله منك" فرجمه"، فصار الرجم من مناسك الحج إلى يوم القيامة.
اتَّفق المفسِّرون أن الاستعاذة ليست من القرآن، وأشهر صِيغها الواردة في السُّنة: « ».
«: أي ألتجئ وأعتصم وأتحَصَّن بالله من أذى الشيطان الرجيم، و« » فعل مضارع يُفيد الاستمرار عكس الفعل الماضي الذي يفيد الانقطاع، والمعنى كأن الله تعالى يأمرنا بالمداومة على الاستعاذة؛ لأن الشيطان عَدُوٌّ مبين لا يَملُّ ولا يَكلُّ مِن سعْيه لإضلال الإنسان؛ قال سبحانه: {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة من الآية: 168]، وقال على لسانه: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:16-17].
»«أصل الأسماء الحسنى وأعظمها، وهو المعبود الذي يتقرَّب إليه العباد بشتى الطاعات حبًّا وتعظيمًا.
»:وأما « »: فهو الكافر الجِنِّي أو الإنسيُّ المُحارِب للإسلام مشتقٌّ من شَطَن؛ أي: بعُد.
«وصف له، وهو مفعول في معناه على وزن فعيل، قيل: سُمِّي بالرجيم لأنه أتى إبراهيم عليه السلام وهاجر وإسماعيل في منى، فاستعطف إبراهيمَ حتى لا يذبح ولده، فقال: "أعوذ بالله منك" فرجمه، ثم استعطف هاجر على ولدها فقالت: "أعوذ بالله منك" فرجمته، ثم استعطف إسماعيل عليه السلام على نفسه، فقال: "أعوذ بالله منك" فرجمه"، فصار الرجم من مناسك الحج إلى يوم القيامة.
»:وقيل: سُمِّي بالرجيم؛ لأنه يسترق السمع في السماء فترجُمُه الملائكة؛ قال سبحانه: {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} [الحجر:18]، وقيل: وُصف بذلك لأن أتباعه يرجمونه في النار.
وأما الهمز والنفث والنفخ، فالهمز: جنس من الجنون يُقال له: الموتة، والنفث: الشِّعر القبيح، والنفْخ: الكِبر، فعن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه، أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة، قال عمرو: "لا أدرى أي صلاة هي"، فقال: « » ثلاثًا، « »، قال: نفثه: الشِّعر، ونفخه: الكبر، وهمزه: الموتة (أخرجه أبو داود [1/615] ح: [760]، وابن ماجه ص [164] ح: [807]، وأحمد [7/302] ح: [16739]، وغيرهم).
ومن تفسير ابن كثير أن معنى « »، أي: أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي ، أو يصدني عن فعل ما أمرت به ، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه؛ فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله؛ ولهذا أمر الله تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه، ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجن لأنه لا يقبل رشوة ولا يؤثر فيه جميل؛ لأنه شرير بالطبع ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه، وهذا المعنى في ثلاث آيات من القرآن لا أعلم لهن رابعة، قوله في الأعراف: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199]، فهذا فيما يتعلق بمعاملة الأعداء من البشر، ثم قال: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف:200]، وقال تعالى في سورة المؤمنون: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ . وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ . وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ} [المؤمنون:96-98]، وقال تعالى في سورة حم السجدة: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ . وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت:34-36].
والشيطان معناه في لغة العرب مشتق من شطن إذا بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كل خير، وقال سيبويه: "العرب تقول: تشيطن فلان إذا فعل فعل الشيطان". والشيطان مشتق من البعد على الصحيح؛ ولهذا يسمون كل ما تمرد من جني وإنسي وحيوان شيطاناً، قال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام من الآية:112].
والرجيم معناه: فعيل بمعنى مفعول، أي: أنه مرجوم مطرود عن الخير كله، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ} [الملك من الآية:5].
وقال تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ . وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ . لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ . دُحُورًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ . إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات:6-10].
وقال تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ . وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ . إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ} [الحجر:16-18]، إلى غير ذلك من الآيات.
وقيل: رجيم بمعنى راجم؛ لأنه يرجم الناس بالوساوس والربائث والأول أشهر.
سهام علي
كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.
- التصنيف:
- المصدر: