أحكام في زينة المرأة

منذ 2004-02-21
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

يطلب من المرأة أن تفعل من خصال الفطرة ما يختص بها ويليق بها من قص الأظافر وتعاهدها، لأن تقليم الأظفار سنة بإجماع أهل العلم لأنه من خصال الفطرة الواردة في الحديث ولما في إزالتها من النظافة والحُسن. وما في بقائها طويلة من التشويه والتشبه بالسباع وتراكم الأوساخ تحتها ومنع وصول ماء الوضوء إلى ما تحتها. وبعض المسلمات قد ابتلين بتطويل الأظافر تقليداً للكافرات وجهلاً بالسنّة.

ويطلب من المسلمة توفير شعر رأسها ويحرم عليها حلقه إلا من ضرورة. قال الشيخ محمّد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في مجموع الفتاوى: "وأما شعر رءوس النساء فلا يجوز حلقه لما رواه النسائي في سُننه بسنده عن علي رضي الله عنه، ورواه البزار بسنده في مسنده عن عثمان رضي الله عنه، ورواه ابن جرير بسنده عن عكرمة رضي الله عنه قالوا: « نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها » . والنهي إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يقتضي التحريم ما لم يرد له معارض. قال ملا علي قاري في المرقاة شرح المشكاة: "قوله: « أن تحلق المرأة رأسها » وذلك لأن الذوائب للنساء كاللحى للرجال في الهيئة والجمال".

وأما قص المرأة شعر رأسها فإن كان لحاجة غير الزينة- كأن تعجز عن مؤنته أو يطول كثيراً ويشق عليها- فلا بأس بقصه بقدر الحاجة. كما كان بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يفعلنه بعد وفاته لتركهن التزين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم واستغنائهن عن تطويل الشعر.

وأما إن كان قصد المرأة من قص شعرها هو التشبه بالكافرات والفاسقات أو التشبه بالرجال فهذا محرم بلا شك للنهي عن التشبه بالكفار عموماً وعن تشبه المرأة بالرجال.

وإن كان القصد منه التزين فالذي يظهر لي أنه يجوز.

قال الشيخ محمّد الأمين الشنقيطي- رحمه الله- في أضواء البيان :"إن من العرف الذي صار جارياً في كثير من البلاد بقطع المرأة شعر رأسها إلى قرب أصوله سنة إفرنجية مخالفة لما كان عليه نساء المسلمين ونساء العرب قبل الإسلام. فهو من جملة الانحرافات التي عمت البلوى بها في الدين والخلق والسمت وغير ذلك".

ثم أجاب عن حديث: "أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة. بأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصرن رؤوسهن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لأنهن كن يتجملن في حياته ومن أجمل زينتهن شعورهن، أما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فلهن حكم خاص بهن لا تشاركهن فيه امرأة واحدة من نساء جميع أهل الأرض وهو انقطاع أملهن انقطاعاً كلياً من التزويج ويأسهن منه اليأس الذي لا يمكن أن يخالطه طمع. فهن كالمعتدات المحبوسات بسببه إلى الموت، قال تعالى: { وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إنّ ذلكم كان عند الله عظيماً } [الأحزاب: 53]. واليأس من الرجال بالكلية قد يكون سبباً للترخيص في الإخلال بأشياء من الزينة لا تحل لغير ذلك السبب. كما لا يجوز للمرأة أن تطيع زوجها إذا أمرها بذلك لأنه طاعة لمخلوق في معصية الخالق".

فعلى المرأة أن تحتفظ بشعر رأسها وتعتني به وتجعله ضفائر، ولا يجوز لها جمعه فوق الرأس أو من ناحية القفا . قال الشيخ محمّد بن إبراهيم: "وأما ما يفعله بعض نساء المسلمين في هذا الزمن من فرق شعر الرأس من جانب وجمعه من ناحية القفا أو جعله فوق الرأس كما تفعله نساء الإفرنج- فهذا لا يجوز لما فيه من التشبه بنساء الكفار".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف. لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا » . [رواه مسلم].

وقد فسر بعض العلماء قوله: « مائلات مميلات » : بأنهن يتمشطن المشطة الميلا، ويمشطن غيرهن تلك المشطة. وهذه مشطة نساء الإفرنج ومن يحذو حذوهن من نساء المسلمين.

وكما تمنع المرأة المسلمة من حلق شعر رأسها أو قصه من غير حاجة فإنها تمنع من وصله والزيادة عليه بشعر آخر، لما في الصحيحين: « لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة » .

والواصلة: هي التي تصل شعرها بشعر غيرها. والمستوصلة: هي التي يعمل بها ذلك. لما في ذلك من التزوير.

ومن الوصل المحرّم لبس الباروكة المعروفة في هذا الزمان. روى البخاري ومسلم وغيرهما: أن معاوية رضي الله عنه خطب لما قدم المدينة وأخرج كبة من شعر فقال: ما بال نسائكم يجعلن في رؤوسهن مثل هذا؟! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « ما من امرأة تجعل في رأسها شعراً من شعر غيرها إلا كان زوراً » . والباروكة شعر صناعي يشبه شعر الرأس، وفي لبسها تزوير.

ويحرم على المرأة المسلمة إزالة شعر الحاجبين أو إزالة بعضه بأي وسيلة من الحلق أو القص أو استعمال المادة المزيلة له أو لبعضه، لأن هذا هو النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعلته، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم النامصة والمتنمصة. والنامصة: هي التي تزيل شعر حاجبيها أو بعضه للزينة- في زعمها-. والمتنمصة: هي التي يفعل بها ذلك. وهذا من تغيير خلق الله الذي تعهد الشيطان أن يأمر به بني آدم حيث قال كما حكاه الله تعالى عنه: { ولآمُرنَّهم فليُغيرُنَّ خلق الله } [الأنبياء: 119].

وفي الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: « لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عزّ وجلّ". ثم قال: "ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عزّ وجلّ؟! » يعني قوله: { وما آتاكم الرَّسولُ فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } [الحشر: 7].

ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره.

وقد ابتلي بهذه الآفة الخطيرة التي هي كبيرة من كبائر الذنوب كثير من النساء اليوم حتى أصبح النمص كأنه من الضروريات اليومية. ولا يجوز لها أن تطيع زوجها إذا أمرها بذلك لأنه معصية.

ويحرم على المرأة المسلمة تفليج أسنانها للحُسن بأن تبردها بالمبرد حتى تحدث بينها فرجة يسيرة رغبة في التحسين. أما إذا كانت الأسنان فيها تشويه وتحتاج إلى عملية تعديل لإزالة هذا التشويه، أو فيها تسوس واحتاجت إلى إصلاحها من أجل إزالة ذلك فلا بأس، لأن هذا من باب العلاج وإزالة التشويه ويكون ذلك على يد طبيبة مختصة.

ويحرم على المرأة عمل الوشم في جسمها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواشمة والمستوشمة.

والواشمة: هي التي تغرز اليد أو الوجه بالإبر ثم تحشو ذلك المكان بالكحل أو المداد،

والمستوشمة: هي التي يفعل بها ذلك. وهذا عمل محرم وكبيرة من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعلته أو فعل بها، واللعن لا يكون إلا على كبيرة من الكبائر.

أما حكم الخضاب للنساء وصبغ الشعر فقد قال الإمام النووي في المجموع: "أما خضاب اليدين والرجلين بالحناء فمستحب للمتزوجة من النساء للأحاديث المشهورة فيه".

يشير إلى ما رواه أبو داود: أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها عن خضاب الحناء فقالت: لا بأس به ولكني أكرهه فإن حبِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره ريحه. ورواه النسائي: وعنها رضي الله عنها قالت: « أومأت امرأة من وراء ستر بيدها كتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده وقال: ما أدري أيد رجل أم يد امرأة ؟! قالت: بل يد امرأة. قال: لو كنت امراة لغيرت أظفارك » يعني بالحناء [أخرجه أبو داود والنسائي]. لكن لا تصبغ أظفارها بما يتجمد عليها ويمنع الطهارة كالصبغة المسماة "بالمنوكير".

وأما صبغ المرأة شعر رأسها فإن كان شيباً فإنها تصبغه بغير السواد لعموم نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصبغ بالسواد. قال الإمام النووي في رياض الصالحين: باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بالسواد. وقال في المجموع: "ولا فرق في المنع من الخضاب بالسواد بين الرجل والمرأة، هذا مذهبنا". أما صبغ المرأة لشعر رأسها الأسود ليتحول إلى لون آخر فالذي أرى أن هذا لا يجوز لأنه لا داعي إليه لأن السواد بالنسبة للشعر جمال وليس تشويهاً يحتاج إلى تغيير، ولأن في ذلك تشبهاً بالكافرات.



ويباح للمرأة أن تتحلى من الذهب والفضة بما جرت به العادة وهذا بإجماع العلماء، لكن لا يجوز لها أن تظهر حليها للرجال غير المحارم بل تستره خصوصاً عند الخروج من البيت والتعرض لنظر الرجال إليها لأن ذلك فتنة. وقد نهيت أن تسمع الرجال صوت حليها الذي في رجلها تحت الثياب فكيف بالحلي الظاهر؟ قال تعالى: { ولا يضْرِبْن بأرجلهنَّ ليُعلم ما يُخفين من زينتهنَّ } [النور: 31]. والله أعلم.



دار القاسم: المملكة العربية السعودية_ص ب 6373 الرياض 11442
هاتف: 4092000/ فاكس: 4033150
البريد الالكتروني: sales@dar-alqassem.com
الموقع على الانترنت: www.dar-alqassem.com
المصدر: دار القاسم

صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية