أعلام وأقزام .. يوسف شاهين (6)
عندما نتطرق لأزمة الثقافة العربية المعاصرة لا نقصد التجريح أو التشهير، بل المقصود عرضٌ لمسيرة النخبة المثقفة التي تضخمت في الإعلام العربي (مصر نموذجاً)، وأخذت حيزاً وزخماً كبيراً، فرَصدُ واقع هذه النخبة يشير إلى أن وراء الأكمة شيئاً ماكراً يدبر لهذه الأمة، سواءًا كان هذا التدبير داخلياً أو خارجياً، إلا أن المحصلة أن أكثرية هذه النخبة المثقفة لم تكن على المستوى المطلوب الذي يرضاه الدين والعقل والعرف، وأنها أقحمت المجتمع العربي في أمور منافية لعقيدتنا الصافية وأعرافنا الراقية وتقاليدنا السامية، بل وصَدَرَت لنا من غُثاء الغرب الفكري والسلوكي الكثير والكثير، في الوقت الذي كنا في أشد الحاجة لنتعرف على مقومات النهضة العالمية، والاستفادة من خبرات الشعوب المتقدمة في مسيرتها التنموية، في إطار ثوابتنا الدينية الإسلامية الغالية
عندما نتطرق لأزمة الثقافة العربية المعاصرة لا نقصد التجريح أو التشهير، بل المقصود عرضٌ لمسيرة النخبة المثقفة التي تضخمت في الإعلام العربي (مصر نموذجاً)، وأخذت حيزاً وزخماً كبيراً، فرَصدُ واقع هذه النخبة يشير إلى أن وراء الأكمة شيئاً ماكراً يدبر لهذه الأمة، سواءًا كان هذا التدبير داخلياً أو خارجياً، إلا أن المحصلة أن أكثرية هذه النخبة المثقفة لم تكن على المستوى المطلوب الذي يرضاه الدين والعقل والعرف، وأنها أقحمت المجتمع العربي في أمور منافية لعقيدتنا الصافية وأعرافنا الراقية وتقاليدنا السامية، بل وصَدَرَت لنا من غُثاء الغرب الفكري والسلوكي الكثير والكثير، في الوقت الذي كنا في أشد الحاجة لنتعرف على مقومات النهضة العالمية، والاستفادة من خبرات الشعوب المتقدمة في مسيرتها التنموية، في إطار ثوابتنا الدينية الإسلامية الغالية
الشهرة والرحيل
نال (يوسف شاهين) عدة جوائزٍ أهمها جائزة السعفة الذهبية من «مهرجان كان» السينمائي عن كل أعماله، حصل على الجائزة الذهبية من مهرجان قرطاج 1970، حصل على جائزة الدب الفضي في برلين عن فيلمه «إسكندرية ليه»، منح مرتبة ضابط في لجنة الشرف من قبل فرنسا.
وقدم في مشوار حياته السينمائية 37 فيلم طويل وخمسة أفلام قصار، وتتلمذ على يديه مخرجين من أمثال علي بدرخان وخالد يوسف، ومن أشهر وأضخم أفلامه الناصر صلاح الدين.
أصيب يوسف شاهين بنزيف في المخ، ودخل في غيبوبة، وأدخل مستشفى الشروق بالقاهرة، ثم نقل بطائرة إسعافٍ ألمانية خاصة إلى المستشفى الأمريكي بباريس حيث أجريت له عملية جراحية، ثم نقل إلى القاهرة مرة أخرى لمستشفى القوات المسلحة بالمعادي، واستمرت غيبوبة إلى أن فارق الحياة، عن عمر يناهز 82 عاماً.
ومن طريف المواقف خبر يقول:
،،، أعلنت السفارة المصرية في باريس أن المخرج المصري الكبير يوسف شاهين (82 عاما) الذي ادخل الاثنين إلى أحد مستشفيات ضواحي باريس أصبح وضعه الصحي الثلاثاء 16-6-2008 "في حالة حرجة للغاية"، فيما قامت الممثلة المصرية حنان ترك بقراءة القرآن لـ"رقيته".
وأصدر الرئيس مبارك تعليمات بعلاج المخرج يوسف شاهين علي نفقة الدولة تقديراً لإسهامه المتميز في صناعة السينما المصرية، كما طالب مبارك د. حاتم الجبلي، وزير الصحة، بمتابعة علاج شاهين في فرنسا، وإحاطته بالرعاية اللازمة معرباً عن تمنياته بأن يتجاوز الأزمة الصحية.
والمستشفى الأمريكي في نويي مستشفى خاص يضم 197 سريراً، ويجمع أعلى الخبرات الطبية الفرنسية والأمريكية لتقديم رعاية المرضى من أفضل الخدمات الصحية بحسب موقعه الالكتروني،،،.
هذا في الوقت الذي يعالج فيه آلاف المصريين الكادحين في مستشفياتٍ مصريةٍ غاية في رداءة الخدمة، وعقاقير التأمين الصحي التي يعلم الجميع أنها منعدمة الفاعلية.
ومن الطرائف أيضا قول الناقد الفني (طارق الشناوي): "وصية يوسف شاهين أنه يخرج من مسجد عمرو مكرم.. وهو كان يحب الشيخ محمد رفعت وكثير من المصريين كانوا يحبون الشيخ رفعت .. وطلب أنه يخرج من المسجد على صوت محمد رفعت، وكأنه يخرج مشهد وفاته، والبعض أعتقد أنه أسلم".
وكشف المخرج (عمر زهران) عن وصية يوسف شاهين بأن يخرج جثمانه من مسجد عمر مكرم٬ وأكد أنه بعد دفنه في مدافن أسرته٬ دار بينه وبين المخرج خالد يوسف حديثٌ حول حقيقة الوصية الخاصة بخروجه من مسجد عمر مكرم بميدان التحرير٬ فأكد له خالد يوسف أن المعلومة صحيحةٌ، وأن المخرج يوسف شاهين أوصى بذلك، لكن من الصعب تنفيذ الوصية لأسباب أكد زهران أنها تخص عائلته وأسرته.
وثالثة الطرائف: تناقل معلومات عن حب الراحل شاهين للشيخ الشعراوي وتفسيره للقرآن الكريم، واحتفاظه بمصحف نادر مترجم للغة الفرنسية التي كان يجيدها كاللغة الأم، وطلبه أن تخرج جنازته من مسجد عمر مكرم ويقرأ فيها القرآن وليس من الكنيسة.
ويقول (رمسيس مرزوق) أشهر مصوري السينما المصرية، والذي عمل مع شاهين طوال 40 عاماً من الإنتاج السينمائي: "أما عن مشاهدته لتفسيرات الشيخ الشعراوي الشهيرة للقرآن الكريم ومتابعته لها، فيؤكد رمسيس على أنه شخصياً كان يتابعها، قائلاً: لقد كان الشعراوي شخصاً ذا حضور وقدرة على التفسير وهذا لا يعيب شاهين في تعلقه برؤية هذه الحلقات التلفزيونية، شاهين كان مهتماً طوال الوقت بدارسة الأديان الأخرى والثقافات المختلفة، والإسلام بالقطع شغل حيزاً كبيراً في تفكيره، لكنه لم يعتنق الإسلام حتى وفاته، لأن شخصية شاهين كانت «لا دينية» بالمعني المفهوم للتعمق في الدين، فلم نره يذهب يوماً إلى الكنسية أو إلى الجامع، ولكنه كان إنسانيا بالدرجة الأولى ومؤمن بالله عز وجل". !!!
وقبيل وفاته زار يوسف شاهين لبنان، ووعده وقتها رئيس بلدية زحلة مسقط رأسه بأنه سيطلق اسمه على أحد الشوارع في منطقة زحلة. وعند وفاة شاهين قامت كنائس لبنان بصلوات له في مناطق عدةٍ لكن أغلبيتها كانت في زحلة. وأقيم له قداس في كاتدرائية القيامة ببطريركية الروم الكاثوليك بالعباسية بقلب القاهرة.
وصف الرئيس الفرنسي آن ذاك (نيكولا ساركوزي) بأنه "مُفكر صاحب استقلاليّةٍ كبيرة، وهو مُدافع كبير عن تزاوج الثقافات"!!!.
ومن اللافت أن محرك البحث «جوجل» احتفى بالذكرى الـ 89 لميلاد المخرج العالمي يوسف شاهين ـ بوضع صورته في صفحته الرئيسية، الذي يأتي متزامناً مع الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير.
وقد تجاهل جوجل الاحتفاء لأول مرة بذكرى الثورة، التي قد احتفل بها عندما أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك ونظامه، وقامت بوضع علم مصر وكتابة "ذكرى ثورة 25 يناير"، وقد احتفل بها على مدار الثلاثة أعوامٍ الماضية، إلا أن هذا العام (2015) لا يوجد أي مراسم للاحتفاء من قبل الدولة المصرية وجوجل أيضاً.
خالد سعد النجار
كاتب وباحث مصري متميز
- التصنيف: