حكم الصيام قبل رمضان

منذ 2017-05-04

أرجح الأقوال في المسألة: أن من كان يصوم قبل منتصف شعبان فله أن يصوم بعده من غير كراهية لأن ذلك هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومن لم يكن يصوم قبل منتصف شعبان فيكره له الصيام بعد منتصفه لهذا الحديث، إلى أن يبقى منه يوم أو يومين فيكون صيامها محرما كما تقدم.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين؛ إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه». متفق عليه [1].

 يتعلق بهذا الحديث فوائد:

الفائدة الأولى: دل الحديث على النهي عن الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين، وهذا النهي يفيد التحريم لعدم ما يصرفه عن ذلك إلى الكراهية، ويشمل النهي صوم يوم الشك، وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في تحديد يوم الشك، وفي حكم صومه، والصحيح أنه يوم الثلاثين من شعبان مطلقًا، سواء أكان في ليلته غيم أو غبار أم لم يكن، والصحيح من أقوال العلماء رحمهم الله أنه لا يجوز صيامه لهذا الحديث، ويؤيده حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: «من صام اليوم الذي يشك فيه الناس فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم». (رواه الأربعة وصححه الترمذي والدار قطني) [2].

 

الفائدة الثانية: ورد النهي عن الصيام إذا انتصف شهر شعبان، وذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان النصف من شعبان فامسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان». ( رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه ابن حبان) [3]، ومفهوم قوله صلى الله عليه وسلم:«لا تقدموا» يدل على إباحة الصيام قبل رمضان بثلاثة أيام فصاعدًا، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في الجمع بين هذين الحديثين، مع حدوث صيامه صلى الله عليه وسلم لأكثر شعبان [4]، وأرجح الأقوال في المسألة: أن من كان يصوم قبل منتصف شعبان فله أن يصوم بعده من غير كراهية لأن ذلك هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومن لم يكن يصوم قبل منتصف شعبان فيكره له الصيام بعد منتصفه لهذا الحديث، إلى أن يبقى منه يوم أو يومين فيكون صيامها محرما كما تقدم.

 

الفائدة الثالثة: لا يدخل في النهي عن الصيام قبل رمضان كل ما كان من الصيام المعتاد الذي يصومه الشخص، فهذا جائز، وله أمثلة منها:

أولاً: من كان يصوم يومًا ويترك يومًا.

ثانيًا: إن كان يصوم الإثنين والخميس.

ثالثًا: من كان يصوم أكثر شعبان، ويدل على هذا ما جاء عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: «ما رأيت رسول صلى الله عليه وسلم صام شهرين متتابعين، إلا إنه كان يصل شعبان برمضان» . رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه [5]، وهذا من الصيام المعتاد الداخل في الاستثناء الوارد في الحديث، قال مجاهد رحمه الله: إذا كان رجل يديم الصوم فلا بأس أن يصله [6].

رابعًا: من بقي عليه قضاء شيء من رمضان، فيجب عليه صيامه ما بقي شيء من شهر شعبان.

 

الكاتب: الشيخ عبد الرحمن بن فهد الودعان الدوسري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] رواه البخاري في كتاب الصوم، باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم ولا يومين 2/ 676 (1815)، ومسلم في كتاب الصيام، باب لا تقولوا رمضان بصوم يوم ولا يومين 2/ 762 (1082)، وهذا لفظه، ولفظ البخاري "لا يتقدمن أحدكم".

[2] رواه أبو داود في كتاب الصوم، باب كراهية صوم يوم الشك 2/ 300 (2334)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية صوم يوم الشك 3/ 70 (686)، وهذا لفظه، والنسائي في كتاب الصيام، باب صيام يوم الشك 4/153 (2188)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في صيام يوم الشك 1/ 527 (1645)، قال الترمذي حديث حسن صحيح، وقال الدار قطني: إسناده حسن صحيح ورواته كلهم ثقات (سنن الدار قطني 2/ 157)، وصححه ابن خزيمة 3/204 (1914)، وابن حبان 8/ 351 (3585)، وابن الملقن في البدر المنير 5/ 691، وابن حجر (تغليق التعليق 3/ 141).

[3] رواه أحمد 2/442، وأبو داود في كتاب الصوم، باب في كراهية ذلك 2/ 300 (2337)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهة الصوم في النصف الثاني من شعبان 3/ 115 (738)، والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 209، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه ابن حبان 8/ 355 (3589)، (3591)، وقال ابن القيم: هو حديث على شرط مسلم (حاشية على سنن أبي داود 6/ 330)، وقال ابن القطان: صحيح (بيان الوهم والإيهام 2/ 187)، وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط مسلم (صحيح أبي داود 7/ 101 (2025).

[4] رواه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم شعبان 2/ 695 (1868)، (1869)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان 2/ 810 (1156).

[5] رواه أحمد 6/ 300، وأبو داود في كتاب الصوم، باب فيمن يصل شعبان برمضان 2/ 300 (2336)، والنسائي في كتاب الصيام، ذكر حديث أبي سلمة في ذلك 4/ 150(2175)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في وصال شعبان برمضان 1/ 528 (1648)، وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط الشيحين (صحيح سنن أبي داود 7/ 100 (2024)).

[6] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 2/ 285 (9037)