الله وحده سَجن مبارك

منذ 2011-04-16

نعم فالكثير من الناس كان يفكر ويجتهد في تفكيره ويقول أن نظام مبارك أقوى نظام عربي لأنه ولأنه و لأنه .... فيذكر أسباب القوة ولا يذكر الله


من كان يتخيل في مصر بل في العالم كله أن يسجن مبارك ؟؟

الإجابة : لا أحد
فقد خرجت الثورة في 25 يناير بمطالب فعاند مبارك فزادت المطالب وزاد العناد والطغيان وتم توجيه البلطجية لقتل الشرفاء من المتظاهرين فزاد الإصرار وطالبت ثورة الشعب برحيل مبارك فتنحى مبارك ولكن بقي  يخطط هو وعصابته لكلابه في كل مكان فخرجت الثورة تطالب بمحاكمة مبارك وعصابته وظلت تصر على طلبها حتى تحقق الحلم وسجن مبارك في حالة هي الأولى في مصر منذ قرنين من الزمان منذ عهد أسرة محمد على التي أسست الاستبداد العلماني في مصر وجلبت الأجانب وخرابهم لمصر وتبعها انقلاب يوليو فألغى الملكية الشكلية وظل الحكم أكثر فساداً واستبداداً من الملكية واستقر الأجانب في عصب النظام السياسي في مصر
التاريخ يقول أن الثورة المصرية ليس لها مثيل وأنها كأسباب لا تحقق ولا ربع مطالبها والمتأمل لسنن الله في الحياة مع الطواغيت والظالمين والمتأمل لدعاء المظلومين يعلم أن الله وحده أسقط النظام بقدرته فسبحانه وتعالى سخر الأسباب وبقدرته جعل الطاغية يسقط نظامه كقطعة ثلج ذابت مع أول حرارة وهو النظام الذي تم بنائه كجبل من الصلب القوى
ما حدث في مصر يدفع للإيمان أكثر بالله وهو درس أن لا تستغرقنا الأسباب عن التعبد لرب الأسباب بما أمر فسبحانه القائل "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ [الشعراء : 227]"

نعم فالكثير من الناس كان يفكر ويجتهد في تفكيره ويقول أن نظام مبارك أقوى نظام عربي لأنه ولأنه و لأنه ....  فيذكر أسباب القوة ولا يذكر الله ولكن عندما حان الوقت لأمر الله بعد ثلاثين عام من ظلم مبارك و اجتهد المظلومون في الدعاء وكان يوم الجمعة المبارك فارتفعت الأكف بالدعاء والتضرع تبتهل إلى الله أن يرحل الظالم ونزلت الأمطار يوم 11 فبراير فاجتمعت الأسباب الموجبة لإجابة الدعاء فتنحى ورحل الطاغية عن حكم مصر وماذا لو لم يدعو الناس هل سيتحقق الرحيل لا والله إنما هي الأسباب التي هيأها الله.
ومنها أن قرار جماعة الإخوان المسلمين بالنزول للمظاهرات ثم الوقوف مع الثورة بكل قوتها هو توفيق من الله وحده وإلا  لو راجع أي مراقب طريقة القرار في الجماعة لا يصدق أن يصدر مثل هذا القرار لا من الإخوان ولا من أي جماعة لو تكررت الأحداث مائة مرة ولكنه التوفيق من الله لقيادتها فالله وحده هو الموفق أما الأسباب عند الجماعة فهي لا تدفع مطلقاً لمثل هذه المغامرة التي خرجت عن كل عقل ولو فشلت الثورة لأعدم مبارك الإخوان كلهم في حفلة وليس محاكمة لن تستغرق دقائق
وليتأمل كل منصف الثورة في مصر ويوم الجمعة وكيف تحققت إنجازات الثورة من يوم الجمعة

 الظاهر يقول أنه التجمع المليوني والحقيقة تقول ماذا لو تجمعوا مليونيا ً يوم الأحد هل ستتحقق منجزات للثورة أشك في ذلك فمن حكمته أن يتوجه الشعب إلى يوم الجمعة المبارك للتظاهر والتجمع وهو يوم عظيم ومبارك عند المسلمين اعتبره بعض الشافعية أفضل من يوم عرفه وذكر فيه الإمام ابن القيم في فضله  21 وجهاً  منها أنه يوم عيد المسلمين وتكفر فيه السيئات وهو الذي قال فيه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن"  فيه ساعة الإجابة، لا يسأل الله عبْدٌ مُسْلمٌ فيها شيئا إلا أعطاه إياه." أخرجاه في (الصحيحين ) إلى آخر ما ذكر العلامة ابن القيم في فضل يوم الجمعة لكن الشاهد أنه أفضل أيام المسلمين لما فيه من طاعة وعبادة وبركة وإجابة دعاء .
وفد حاول مبارك وعصابته في الجمعة الأخيرة 8 ابريل أن يجهضوا الثورة للمرة الثانية كما حدث في موقعة الجمل فانقلب السحر على الساحر فسارع بآخر ثعبان فرعوني له برسالته الصوتية لقناة العربية فجاء سم ثعبانه في نحره بدلاً من أن يكون سماً في عنق الثورة .
من الذي فعل ذلك ؟ من الذي حرك قلوب العباد لكره مبارك ومن قبل كانوا يسبّحون بحمده ؟
من الذي جعل الناس تنتبه لمؤامرته ؟
من الذي جعل كل مؤامرة له ترتد في نحره مع ما يملكه من أسباب القوة ؟ حتى جاء وزير عربي يعرض مليارات من أجل بقاء مبارك خارج السجن فرفض طلبه من الذي وجّه عباده لرفض طلب الوزير العربي ومصر تمر بمشكلة اقتصادية من ؟
من الذي أعطى الشجاعة للنائب العام لإصدار قرار سجن مبارك وهو الذي عينه مبارك من ؟
من الذي أعطى المجلس الأعلى القدرة على تنفيذ قرار سجنه ومبارك هو الذي عينهم؟
من الذي جعل الضباط والجنود يسارعون في تنفيذ أمر القبض عليه وعلى أولاده وهم الذين كانوا من أيام مضت بإشارة منهم يحركون الجيوش من ؟
الإجابة الوحيدة تقول بأعلى صوت إنه الله إنه الله رب السموات والأرض

 "أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" [الأعراف : 54]الأعراف : 54.
لقد سجن مبارك قيادات الإخوان والجماعات الإسلامية وبذل المحامون كل الأسباب لإخراجهم من سجنهم ففشلت الأسباب وعندما جاء أمر الله خرجوا جميعاً ودخل مبارك وولديه وعصابته السجن فمن أدخله السجن وأخرجهم ؟

 إنه الله وليس النائب العام ولا المجلس الأعلى إنما هم أسباب وعباد في ملكوت رب العباد ولا يعنى ما ذكرت إغفال الأسباب
وأذكر عندما سمعت الخبر وكنت في الشارع حبست دموعي وأخذت أقول في نفسي يا الله أحمدك يا رب أن جعلتني عبد مسلم لك الحمد على نعمة الإسلام يا رب أعنى على شكر نعمتك أن عرفتني عبوديتك و علمتني الإيمان بك وحدك لا شريك لك يا رب لك الحمد على أن تفضّلت وأنعمت علىّ وعافيتني من الركون للظالمين اللهم لك الحمد على نعمة سجن مبارك وعصابته فهو أكبر درس إيماني  محسوس ومشاهد للمسلمين ولكل الحركات والجماعات الإسلامية ليتعلموا جميعاً أن الأسباب و الاجتهادات وكل ما يملكه العقل والجهد الإنساني لا يساوي  شيء أمام الإيمان بالله و اتباع طريق محمد صلى الله عليه وسلم والسير عليه لا نفترق عنه قيد أنملة
والحمد لله الذي أسقط النظام وحده والحمد لله الذي سجن الطاغية مبارك الذي ظن أن لا يقدر عليه أحد وتلك عاقبة الظالمين
ممدوح إسماعيل محام وكاتب
عضو مجلس النقابة العامة للمحامين
مقرر اللجنة العامة لحقوق الإنسان Elsharia5@hotmail.com

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام