أي الأيام هو يوم عاشوراء؟

شهر المحرم: فضائل وأعمال (6)

 الحلقة السادسة: الإنباء بتعيين يوم عاشوراء

أي الأيام هو يوم عاشوراء؟

قد تبدو الإجابة للوهلة الأولى سهلة واضحة، بأن نقول: عاشوراء هو يوم العاشر من المحرم. لكن الأمر ليس كذلك!

فقد اختلف العلماء في تعيين هذا اليوم:

فكان ابن عباس – رضي الله عنهما – يرى أنه يوم التاسع، نعم، كما قرأت الآن، يوم التاسع، لكن كيف؟

في صحيح مسلم عن الحكم بن الأعرج، قال: انتهيت إلى ابن عباس رضي الله عنهما، وهو متوسد رداءه في زمزم، فقلت له: أخبرني عن صوم عاشوراء، فقال: «إذا رأيت هلال المحرم فاعدد، وأصبح يوم التاسع صائما»، قلت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه؟ قال: «نعم».

قال الإمام النووي:هذا تصريح من ابن عباس بأن مذهبه أن عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم.

ويبدو – والله أعلم – أن ابن عباس أخذ ذلك من قوله عليه الصلاة السلام: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع»، فكأنه رأى أن ثواب الصيام أصبح في يوم التاسع بدلا من العاشر، لأنه ليس في الحديث لأصومن التاسع والعاشر، وإنما النص على التاسع فقط.

أما جمهور العلماء من السلف والخلف فذهبوا إلى أن عاشوراء هو يوم العاشر من المحرم، كما هو ظاهر الأحاديث، ومقتضى اللفظ (عاشوراء).

وفهم الجمهور أن قوله عليه الصلاة والسلام «لأصومن التاسع»: هو إضافة إلى يوم العاشر، فيكون المعنى: سنصوم العاشر، ومعه التاسع مخالفة لليهود والنصارى.

فنخرج من ذلك بأن الأفضل والأكمل للمستطيع أن يصوم التاسع والعاشر، وذلك لسببين:

الأول:أن النزاع قائم بين العلماء في تحديد اليوم الذي فيه الفضل، والأولى للحريص على الثواب أن يصوم اليومين خروجا من الخلاف.

الثاني:أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي ندب إليه أمته، هو صيام التاسع مع العاشر، تمييزا للمسلم عن غيره، والمحب يقتفي أثر من أحب، فيكون من علامات محبته: اتباع هديه وطريقته.

ولكن هل يصام يوم الحادي عشر أيضا مع عاشوراء، كما يقول ابن القيم – رحمه الله – أم لا؟

إجابة هذا السؤال، مع تحديد مراتب صيام هذا اليوم؛ هو موضوع الحلقة القادمة بإذن الله...

ختاما:احرصوا على الصيام غدا الأربعاء، وبعد غد، وانشروا هذه السنة بين أهليكم وأصحابكم، فكم من غافل عن فضل هذا اليوم، وكم من عالم بفضله، جاهل بمجيء وقته، فلا تحرموا أنفسكم الأجر، فــ (من دل على هدى كان له مثل أجر فاعله).