مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا

منذ 2018-01-30

{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } [ الأحزاب 62 – 68]

{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} :

أبعد الله عز و جل عن رحمته و رضوانه كل من ابتعد و استكبر عن رسالته و شريعته فعاداها و عادى أهلها وأبغضهم و صد عن سبيل الله.

كل من كفر و أنكر آيات الله ونقض عرى الإيمان لعنه الله في الدنيا و إن أعطاه مال قارون و لعنه في الآخرة وأعد له سعيراً , فلا تغتر بعطاء الله لكافر أو طاغية فقد أعطى قارون من الكنوز شيئاً عجيباً رغم كفره و طغيانه و عدائه لموسى عليه السلام.

سيرون بأم أعينهم مصيرهم الأسود المحتوم يوم تقلب وجوههم في النار, ساعتها ستحل الحسرات محل الكبر و الخيلاء و لكن هيهات أن ينفع ندم ساعتئذ ولات حين مندم.

عند معاينة العذاب الذي لا يطاق سيتمنى الجميع لو أطاعوا الرسل و استمعوا للكلمات و آمنوا بها و عملوا بما فيها و دعوا إليها غيرهم ولكن فات وقت العمل و حل وقت الحساب و آن أوان العقاب.

ساعتها سيطلب كل من أطاع الكبراء في ضلالهم أن يضاعف الله العذاب لمن أضلوهم, و كان والله الأجدر بهم أن يفيقوا قبل وقت الندامة.

{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } [ الأحزاب 62 – 68]

قال السعدي في تفسيره:

{ {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ} } أي الذين صار الكفر دأبهم وطريقتهم الكفر باللّه وبرسله، وبما جاءوا به من عند اللّه، فأبعدهم في الدنيا والآخرة من رحمته، وكفى بذلك عقابًا، { {وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} } أي: نارًا موقدة، تسعر في أجسامهم، ويبلغ العذاب إلى أفئدتهم، ويخلدون في ذلك العذاب الشديد، فلا يخرجون منه، ولا يُفَتَّر عنهم ساعة.

ولَا يَجِدُونَ وَلِيًّا فيعطيهم ما طلبوه { {وَلَا نَصِيرًا } } يدفع عنهم العذاب، بل قد تخلى عنهم الولي النصير، وأحاط بهم عذاب السعير، وبلغ منهم مبلغًا عظيمًا،

ولهذا قال: { { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} } فيذوقون حرها، ويشتد عليهم أمرها، ويتحسرون على ما أسلفوا.

{ {يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ } } فسلمنا من هذا العذاب، واستحققنا، كالمطيعين، جزيل الثواب. ولكن أمنية فات وقتها، فلم تفدهم إلا حسرة وندمًا، وهمًا، وغمًا، وألمًا.

{ {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا} } وقلدناهم على ضلالهم، { {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ } }

كقوله تعالى { {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بعد إذ جاءني} } الآية.

ولما علموا أنهم هم وكبراءهم مستحقون للعقاب، أرادوا أن يشتفوا ممن أضلوهم، فقالوا: { {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } } فيقول اللّه لكل ضعف، فكلكم اشتركتم في الكفر والمعاصي، فتشتركون في العقاب، وإن تفاوت عذاب بعضكم على بعض بحسب تفاوت الجرم.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
يسألك الناس عن الساعة
المقال التالي
لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله