العشر الأول من ذي الحجة 2-3
برحمته سبحانه وبكرمه فى الخير يعاملنا ويجازينا على خير أعمالنا وإذا وقعنا فى الشر بضعف نفوسنا وقوة شيطاننا ثم ندمنا على ما كان منا غفر الرحمن لنا أسوء ما عملناه
فى يوم عرفة الحكيم العليم سبحانه يذكر الملائكة بكلمة قالوها وآدم عليه السلام منجدل فى طينته حين قال لهم ربهم ( {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} )
كان جواب الملائكة فى ذلك اليوم ( {قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} )
عندها كان جواب العليم الحكيم ( {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} )
عندما يأتى يوم عرفة من كل عام الله سبحانه ينادى ملائكته فيتباهى أمامهم بعباده وقصاده ..
قالت عائشة رضي الله عنها يوم عرفة يوم المباهاة قيل لها وما يوم المباهاة يا أم المؤمنين ؟
قالت رضي الله عنها ينزل الله تبارك وتعالى يوم عرفة إلى السماء الدنيا فيدعو ملائكته ويقول انظروا إلى عبادي شعثا غبرا بعثت إليهم رسولا فآمنوا به وبعثت إليهم كتابا فآمنوا به يأتونني من كل فج عميق يسألوني أن أعتقهم من النار فقد أعتقتهم ..
قالت أم المؤمنين فلم ير يوم أكثر أن يعتق فيه من النار من يوم عرفة ..
نسأل الله تعالى أن يكتب لنا العتق والنجاة من النار ..
يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهم أيام أكل وشرب ..
روى الإمام أحمد فى مسنده :
من حديث طارق بن شهاب قال جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا أمير المؤمنين إنكم تقرءون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال عمر رضى الله عنه وأي آية هى ؟
قال اليهودى هى الآية التى تقول { {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} }
فقال عمر رضى الله عنه والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت عشية عرفة في يوم جمعة ..
عمل حجاج بيت الله فى يوم عرفة هو :-
الوقوف على صعيد عرفات من زوال الشمس الى ما بعد الغروب عملهم فى ذلك اليوم ذكر وصلاة واستغفار ودعاء قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مَنْ قَبْلِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ» ..
فإذا غربت شمس ذلك اليوم دفع الناس إلى مزدلفة فيبيتوا فيها إلى طلوع الفجر فإذا طلع الفجر سُن للحاج أن يكون إلى جوار المشعر الحرام وأن يتوجه إلى القبلة بالذكر والدعاء والتضرع لله سبحانه وتعالى ..
( { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} )
ومن بشارات أيام العشر وبركاتها يوم النحر .. يوم العيد .. اليوم العاشر من ذى الحجة ..
فيه رمى الجمرة الكبرى بسع حصيات وفيه ذبح الهدى وفيه طواف الإفاضة وفيه التحلل الأصغر بحيث ..
يحل للحاج كل شئ إلا النساء يوم من أعظم أيام الدنيا
لأجل هذه الأيام المباركة يوم التروية .. يوم عرفة .. يوم النحر فضلت عشر ذى الحجة على غيرها من أيام السنة
قال النبى صلى الله عليه وسلم أفضل أيام الدنيا أيام العشر يعنى عشر ذى الحجة قيل ولا مثلهن فى سبيل الله قال ولا مثلهن فى سبيل الله إلا رجل عُفِّر وجهه فى التراب ..
أيها الإخوة المؤمنون أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بين البشارات التى جائت بها أيام العشر أنها تذكرنا بأن الله تعالى :-
ميزنا وأكرمنا وفضلنا كأمة محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم ميزنا عنهم من غير أن يُنقصَهم من أعمالهم شيئا عهد أخذه الرحمن سبحانه على نفسه {وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ }
جائتنا عشر ذى الحجة لتذكرنا بأننا أمة مرحومة كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال رسول الله ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ..
رضى الله منا بالقليل من العمل وجاد علينا بكثير من الثواب بل الأجمل من هذا أن الله تعالى عدَّ حسن نوايانا عبادة نثاب عليها وإن لم نعملها فإن عملناها كان لنا عند ربنا زلفى وحسن مئاب قالها ربنا سبحانه فى الحديث القدسى
( «من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ومن هم بحسنة فعملها كتبت له عشر حسنات إلى سبعمائة إلى أضعاف كثير» )
حتى السيئات أيها المؤمنون سيئاتنا وهفواتنا وسوء نوايانا إذا كتمناها فى صدورنا وانصرفنا عنها خوفاً من الله تعالى وحياءً من نظر الله واستعذنا بالله من شرها كتب بذلك عمل صالح نثاب عليه قال الله عز وجل فى الحديث القدسى
(ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت عليه واحدة أو يمحوها الله ولا يهلك على الله إلا هالك )
برحمته سبحانه وبكرمه فى الخير يعاملنا ويجازينا على خير أعمالنا وإذا وقعنا فى الشر بضعف نفوسنا وقوة شيطاننا ثم ندمنا على ما كان منا غفر الرحمن لنا أسوء ما عملناه قال ربنا سبحانه
( {وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} )
نسأل الله تعالى أن يسترنا بستره وأن يرحمنا برحمته
محمد سيد حسين عبد الواحد
إمام وخطيب ومدرس أول.
- التصنيف: