ظاهرة العزوف عن الزواج
وفي هذا الزمان الذي نعيش فيه حيث أبواب الفتن على مصراعيها نحتاج لتذكير أنفسنا وتذكير الشباب والفتيات وأولياء الأمور بالتيسير والرفق والرضا بما تيسر سواء في الشروط المتعلقة بالشكل الظاهر أو الوضع الاجتماعي أو الأمور المادية أو غير ذلك .
من الظواهر المقلقة جدا ، والمنذرة بعواقب وخيمة على المجتمع المسلم : ظاهرة العزوف عن الزواج ، وتعسره ، وتأخر سنه ، ووجود طوابير طويلة من الشباب والفتيات الذين تقدم بهم العمر ، دون زواج ، حتى صار تجاوز الثلاثين من العمر - وربما أكثر - أمرا عاديا ، بعد أن كان فيما مضى من الأمور المستغربة .
وكل هذا فضلا عن قائمة أخرى طويلة ومؤلمة من المطلقات والأرامل ! كما أن هناك عائلات كثيرة مقيمة خارج بلدهم ، وتعاني من ضعف العلاقات الاجتماعية ، وندرة الفرص المناسبة .
وأذكر جيدا أنه فيما مضى كانت مناسبة العيدين - الفطر والأضحى - تكتظ بحالات الزواج في دائرة الأقارب والأصدقاء والمعارف ، وهو الأمر الذي صار الآن شحيحا جدا بصورة ملحوظة .
ووالله إنه لأمر شاق على النفس حين ترى شبابا وفتيات قاربوا الثلاثين أو تجاوزوها ولا شيء في الأفق يلوح بشأن الزواج ، وكم من أم وأب تتفطر قلوبهم حزنا وخوفا على بناتهم .
ولا شك أن للظروف الاقتصادية ، وغلاء الأسعار ، والارتفاع الخرافي لتكاليف الزواج أثرا كبيرا جدا ، لكنه ليس العامل الوحيد ، فهناك حالة من تغير المفاهيم لدى الشباب أنتجتها وسائل التواصل الاجتماعي ، وانتشار التفلت الأخلاقي ، والتبرج والاختلاط المحرم ، وظهور أجيال من الشباب عازفة عن تحمل المسئولية ، وفتيات متبرمات من القوامة ، وينظرن للزواج كأنه حلبة صراع على الغنائم ، وليس موطنا للمودة والرحمة والسكن بين الزوجين ، كما أن الشروط والمواصفات التي يضعها كل طرف تخرج أحيانا عن كل حد معقول ، تأثرا بصور خيالية يرونها في العالم الافتراضي .
وفي هذا الزمان الذي نعيش فيه حيث أبواب الفتن على مصراعيها نحتاج لتذكير أنفسنا وتذكير الشباب والفتيات وأولياء الأمور بالتيسير والرفق والرضا بما تيسر سواء في الشروط المتعلقة بالشكل الظاهر أو الوضع الاجتماعي أو الأمور المادية أو غير ذلك .
فاللهم وسع على شباب المسلمين وارزقهم العفاف والغنى ، ويسر لهم أبواب الزواج ، وبارك في كل من سعى بوقته أو ماله أو علاقاته للتوفق بين مسلم ومسلمة في الحلال .
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: