تدبر - الحمد

منذ 2021-01-27

والحمد يكون بالحب الذي يتبعه محبة كل ما يحب الله ويرضاه ومحبة كل من يحبهم الله من الصالحين وأهل الدين, وبغض ما يبغض الله من أمور وأشخاص , فلا يجتمع حب الله في قلب يحب أعداء الله.

الحمد عبادة تتضمن الثناء على الله تعالى والإجلال والتعظيم لذاته العلية 

قال الإمام ابن القيم في كتابه (بدائع الفوائد) : ... فالحمد إخبار عن محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه

والحب والإجلال والتعظيم يقتضون طاعة المحبوب المحمود المعظم.

فإن كان الثناء على الله مجرداً عن  طاعته فهذا مدح وليس حمد.

والحمد يكون بالحب الذي يتبعه محبة كل ما يحب الله ويرضاه ومحبة كل من يحبهم الله من الصالحين وأهل الدين, وبغض ما يبغض الله من أمور وأشخاص , فلا يجتمع حب الله في قلب يحب أعداء الله.

والتعظيم يتضمن تعظيم كلامه بتلاوته وتدبره والعمل بأحكامه والإقبال على شرائعه والعمل بها والدعوة إليها والدفاع عنها.

والإجلال يتولد عن العلم بأسماء الله ومعانيها وعبادته بمقتضياتها , فمن أحب اسم الله الرحيم لابد أن يكون رحيما, ومن أحب اسم الله الغفور لابد أن يؤوب ويستغفر الله من كل ذنب, ومن أحب اسم الله المحيي لابد أن يحيا في رحاب الله وطاعته, ومن أحب اسم الله الرزاق لابد أن يعتمد على الله وحده في الرزق لا على غيره , فيحسن التوكل ولا يمد يده إلى محرم يستعجل الرزق.

ومن مقتضيات حمد الله على نعمه العامة والخاصة أن يشكر العبد النعم بصرفها في خدمة دين الله , وألا يعصي الله بنعمه, أو يتكبر بها على خلقه.

قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسير سورة الفاتحة:

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }  [ الفاتحة :2] 

{ الْحَمْدُ لِلَّهِ } [هو] الثناء على الله بصفات الكمال, وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل, فله الحمد الكامل, بجميع الوجوه. { رَبِّ الْعَالَمِينَ } الرب, هو المربي جميع العالمين -وهم من سوى الله- بخلقه إياهم, وإعداده لهم الآلات, وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة, التي لو فقدوها, لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة, فمنه تعالى. وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة. فالعامة: هي خلقه للمخلوقين, ورزقهم, وهدايتهم لما فيه مصالحهم, التي فيها بقاؤهم في الدنيا. والخاصة: تربيته لأوليائه, فيربيهم بالإيمان, ويوفقهم له, ويكمله لهم, ويدفع عنهم الصوارف, والعوائق الحائلة بينهم وبينه, وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير, والعصمة عن كل شر. ولعل هذا [المعنى] هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب. فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة. فدل قوله { رَبِّ الْعَالَمِينَ } على انفراده بالخلق والتدبير, والنعم, وكمال غناه, وتمام فقر العالمين إليه, بكل وجه واعتبار.

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

 
المقال التالي
الله ربنا