مقصود زيارة القبور للموحدين!
لا تنسوا أحبابكم الذين ماتوا من زيارتهم، فإن زيارة الأحياء للأموات نافعة جدا لقلب ابن آدم ، فيتذكر الموت؛ وإنه مصير كل حي،فيتعظ،ويجد ويجتهد
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :
أما زيارة الموحدين فمقصودها ثلاثة أشياء:
أحدها: تذكّر الآخرة، والاعتبار والاتعاظ، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك بقوله: " «زوروا القبور؛ فإنها تُذكِّركم الآخرة» ".
الثاني: الإحسان إلى الميت، وأن لا يطول عَهْده به، فيهجره، ويتناساه، كما إذا ترك زيارة الحيّ مدة طويلةً تناساه، فإذا زار الحيّ فرح بزيارته وسُرَّ بذلك، فالميت أولى؛ لأنه قد صار في دار قد هَجر أهلَها إخوانهُم وأهلُهم ومعارفُهم، فإذا زاره وأهدى إليه هديةً من دعاءٍ، أو صدقة، أو أهدى قربةً، ازداد بذلك سروره وفرحه، كما يُسرّ الحيُّ بمن يزوره ويهدي له. ولهذا شرع النبي - صلى الله عليه وسلم - للزائر أن يدعو لأهل القبور بالرحمة والمغفرة، وسؤال العافية فقط، ولم يشرع أن يدعوهم، ولا يدعو بهم، ولا يُصليِّ عندهم.
الثالث: إحسان الزائر إلى نفسه باتّباع السنة، والوقوف عند ما شرعه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فيحسن إلى نفسه وإلى المزور. انظر: (إغاثة اللهفان)
لا تنسوا أحبابكم الذين ماتوا من زيارتهم، فإن زيارة الأحياء للأموات نافعة جدا لقلب ابن آدم ، فيتذكر الموت؛ وإنه مصير كل حي،فيتعظ،ويجد ويجتهد،ويعلم إنه سينسى،وسيكون سطرا في التاريخ إن ذكر، فيحمله هذا على العمل والجد فيه.
والذي يأتي القبور زائرا لها، يصطحب معه أولاده وذويه، فيقوم بالدعاء، ويتذكر الأحباب من آباء وامهات؛ الذين فارقوا هذه الديار ورحلوا عنها، فيلين قلبه، ويزيد في عمله، ويسأل ربه لوالديه مغفرة ذنوبهم، ورفع درجاتهم، وما قصرا فيه الآباء والأمهات من حقه سبحانه وتعالى أن يتجاوز عنهم، وما قصرا فيه من حق عباده أن يتحمله عنهم.
ويكون الزائر للقبور، متبعا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتبع السنة، ولا يقول هجرا، فإن فعل ذلك أحسن إلى نفسه، وإلى من زاره. رحم الله آبائنا وأمهاتنا وتجاوز عنهم، وغفر لهم، وأعلى منازلهم في الجنة، ورضي عنهم، وقبل منهم.
أبو حاتم عبد الرحمن الطوخي
باحث شرعي - داعية و إمام بوزارة الأوقاف المصرية
- التصنيف: