كيف تُفرض العلمانية علينا
اكتشف الغرب أن الرصاص وفرض العلمانية فرضا، لا يجدي إلا لوقت محدود، فعمد إلى تغيير الأفكار وتشويهها، وتهوين العقيدة وإفسادها، حتى تنهار الأخلاق والقيم
بعد أن نجح الغرب في فرض العلمانية، وهدم الخلافة الإسلامية، وقتل الآلاف بقوة السلاح، وجد أن ذلك النجاح القسري نجاح مؤقت، فلم تلبث الجماهير أن عادت إلى إسلامها الذي انتزع منها انتزاعا، ولو كان ذلك بعد عشرات السنين.
ومنذ أدرك مفكرو الغرب هذه الحقيقة، بدأ الغرب في تغيير أسلوب فرضه للعلمانية والقيم الغربية على العالم الإسلامي، فلجأ إلى أسلوب "التفاعل الفكري" بدلا من فرض العقيدة العلمانية قسرا، حتى يضمن استيعاب المسلمين للعلمانية "اقتناعا" وليس "فرضا". فقد اكتشف الغرب أن الرصاص وفرض العلمانية فرضا، لا يجدي إلا لوقت محدود، فعمد إلى تغيير الأفكار وتشويهها، وتهوين العقيدة وإفسادها، حتى تنهار الأخلاق والقيم، من خلال نشر أفكار علمنة الإسلام، من خلال دعاة الإسلام نفسه.
وحتى ينجح هذا التفاعل، سعى الغرب وأذرعه الإعلامية والثقافية، إلى نشر مهاجمة الإسلام على أوسع نطاق ممكن، بدعوى حرية التعبير، وإشهار مدّعي تجديد الخطاب الديني الذين يهدفون إلى تزييف العقيدة وهدم القيم. بل فتحت الإذاعات والقنوات الفضائية، وأسست الصحف والمجلات والمؤسسات، وسخّرت صفحات التواصل الاجتماعي لهؤلاء، حتى يبثوا سمومهم الفكرية، فتصل إلى عقول وقلوب الصغار والكبار، أقوى من طلقات الرصاص.
كما لجأ الغرب إلى إشاعة الحرية الفكرية دون أي قيود، إلا حرية العقيدة الإسلامية. فأصبح المسلم في بلده حرا في نشر عقائد الإلحاد والليبرالية والعلمانية والشيوعية، وكل العقائد، عدا العقيدة التي تدعو إلى التحرر من سيطرة الغرب.
ويتسلح الغرب في هذه السبيل، بكتّاب وممثلين وعلماء ودعاة مزيفين من المسلمين، وكذلك بشخصيات يرسمها رسما ويعدها إعدادا من أجل هذه المهمة الشيطانية.
وما زالت هذه الحرب مشتعلة في عقول المسلمين وسلوكهم، من أجل تغيير هويتهم، وإفساد عقيدتهم.
هاني مراد
كاتب إسلامي، ومراجع لغة عربية، ومترجم لغة إنجليزية.
- التصنيف: