من أقوال السلف في مكارم الأخلاق -2
قال الشافعي: ما أوردت الحجة والحق على أحد فقبله, إلا هبته واعتقدت مودته, ولا كابرني على الحق أحد ودافع إلا سقط من عيني.
الوقار:
قال الإمام الماوردي رحمه الله: إذا كان الوقار محموداً, وكان الإنسان به مأموراً, فواجب أن نصف منه فصولاً دالة..
فمن ذلك: قلة التسرع إلى الشهوات, والتثبت عند الشبهات, واجتناب سرعة الحركات, وخفة الإشارات, ثم إطراق الطرف, ولزوم الصمت فإنه أبلغ في الوقار.
- الجود:
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الجود مراتب...والجود بالنفس أعلى مراتبه
والجود بالرئاسة, ثاني مراتب الجود, فيحمل ُالجواد جودهُ على امتهان رئاسته, والجود بها, والإيثار في قضاء حاجة الملتمس.
والجود بالعلم وبذله أعلى مرتب الجود والجود به أفضل من الجود بالمال, لأن العلم أشرف من المال.
والجود بالصبر والاحتمال...هذه مرتبة شريفة...ولا يقدر عليها إلا النفوس الكبار.
والجود بالعرض كجود أبي ضمضم رضي الله عنه, كان إذا أصبح قال: اللهم إنه لا مال لي فأتصدق به الناس وقد تصدقت عليهم بعرضي فمن شتمني أو قذفني فهم في حلٍّ, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من يستطيع منكم أن يكون كأبي ضمضم ) ....وفي هذا الجود من سلامة الصدر, وراحة القلب, والتخلص من معاداة الخلق.
والجود بالخُلُق والبشر والبسطة, وهو فوق الجود بالصبر والاحتمال والعفو, وهو الذي بلغ بصاحبه درجة الصائم القائم, وهو أثقل ما يوضع في الميزان...والعبد لا يمكنه أن يسعَ الناس بماله, ويُمكنُه أن يسعهم بخُلقه واحتماله.
والجود بترفيه ما في أيدي الناس...فلا يلتفت إليه, ولا يتشرف له بقلبه, ولا يتعرض له بحاله ولا لسانه.
ولكل مرتبة من مراتب الجود مزية وتأثير خاص في القلب والحال, والله سبحانه قد ضمن المزيد للجواد, والإتلاف على الممسك, والله المستعان.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: غنى النفس....سبب الجود, والجود في الشرع إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي, وهو أعمّ من الصدقة.
السخاء:
** قال المهلب بن أبي صفرة: نعم الخصلة السخاء, تسدُّ عورة الشريف, وتمحق خسيسة الوضيع, وتحبب المزهو.
** قال الإمام النووي رحمه الله:
& يستحب لمن عليه دين, من قرض, وغيره, أن يردَّ أجود من الذي عليه, وهذا من السنة, ومكارم الأخلاق.
& استحباب أداء الدين زائداً.
& مواساة المحتاج, ومن عليه دين, والحثّ على الصدقة عليه
& فضل إنظار المعسر, والوصع عنه, إمّا كلّ الدين, وإمّا بعضه من كثير, أو قليل, وفضل المسامحة في الاقتضاء.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: السخاء من جملة محاسن الأخلاق, بل هو من معظمها, والبخل ضده.
** قال العلامة المعلمي رحمه الله: الذي يجمعُ ولا يمنع ويشفعُ وينفعُ هو: السخي.
- قضاء حوائج المسلمين:
قال الإمام النووي رحمه الله: فضل قضاء حوائج المسلمين, ونفعهم بما تيسر من علم, أو مال, أو معاونة, أو إشارة بمصلحة, أو نصيحة, وغير ذلك.
- التغافل عن ظهور مساوئ الناس
قال الإمام ابن عقيل رحمه الله: من مكارم الأخلاق التغافل عن ظهور مساوئ الناس وما يبدو في غفلاتهم من كشف عورة أو خروج ريح لها صوت أو ريح ومن سمع ذلك فأظهر الطرش أو النوم أو الغفلة ليزيل خجل الفاعل كان ذلك من مكارم الأخلاق.
- القناعة:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: إيثار القناعة, وعدم الالتفات إلى ما خصّ به الغير من أمور الدنيا الفانية.
- الكناية عمّا يستحي منه:
قال الإمام النووي رحمه الله: & استحباب الكناية عن الوقاع بما يفهمه
& استحباب الكنايات في ألفاظ الاستمتاع بالنساء, ونحوها.
& استحباب الكناية عن الحيض ونحوه مما يستحي منه.
- الاعتذار عن الخطأ:
**قال الإمام ابن حبان رحمه الله الاعتذار يذهب الهموم ويجلي الأحزان ويدفع الحقد ويذهب الصد، فلو لم يكن في اعتذار المرء إلى أخيه خصلة تحمد إلا نفي العجب عن النفس في الحال لكان الواجب على العاقل ألَّا يفارقه الاعتذار عند كل زلَّة
** قال الإمام النووي رحمه الله الاعتذار إلى أهل الفضل إذا أساء الإنسان أدبه معهم
فائدة: الوزير ابن هبيرة, كان يقرأ عند الحديث كل يوم بعد العصر, فحضر فقيه مالكي, فذكرت مسألة, فخالف فيها الجميع وأصرّ, فقال الوزير: أحمار أنت ! أما ترى الكل يخالفونك ؟ فلما كان في اليوم الثاني قال للجماعة: إنه جرى مني بالأمس على هذا الرجل ما لا يليق, فليقل لي كما قلت له, فما أنا إلا كأحدكم. فضج المجلس بالبكاء, واعتذر الفقيه, وقال: أنا أولى بالاعتذار.
- إحسان الظن بالناس:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تظنَّ بكلمةٍ خرجت من أخيك المسلم سوءاً وأنت تجدُ لها في الخير محملاً.
الغيرة على الأعراض:
قال محمد بن أحمد بن موسى القاضي: حضرت مجلس موسى بن إسحاق القاضي بالري سنة ست وثمانين ومائتين, وتقدمت امرأة فادعى وليها على زوجها خمسمائة ديناراً مهراً, فأنكر, فقال القاضي: شهودك, قال: قد أحضرتهم, فاستدعى بعض الشهود أن ينظر إلى المرأة ليشير إلى شهادتها, فقام الشاهد وقال للمرأة قومي, فقال الزوج تفعلون ماذا ؟ قال الوكيل ينظرون إلى امرأتك وهي مسفرة لتصح عندهم معرفتها, فقال الزوج: وإني أشهد القاضي أن لها عليّ هذا المهر الذي تدعيه, ولا تسفر عن وجهها, فردت المرأة وقد أخبرت بما كان من زوجها, فقالت: إني أشهد القاضي أني قد وهبت له هذا المهر وأبرأته منه في الدنيا والآخرة, فقال القاضي: يكتب هذا في مكارم الأخلاق.
- محبة الخير للمسلمين:
** قال النووي قوله صلى الله عليه وسلم (وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم, وبديع حكمة, وهذه قاعدة مهمة فينبغي الاعتناء بها وأن الإنسان يلزم أن لا يفعل مع الناس إلا ما يحب أن يفعلوه معه
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله أفضل الأعمال أن يحب لهم _المسلمين _ما يحب لنفسه وقد وصف الله تعالى المؤمنين عموماً بأنهم يقولون: ﴿ {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} ﴾
- قبول الحق وعدم المكابرة:
قال الشافعي: ما أوردت الحجة والحق على أحد فقبله, إلا هبته واعتقدت مودته, ولا كابرني على الحق أحد ودافع إلا سقط من عيني.
- المدارة:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال ابن بطال: المدارة من أخلاق المؤمنين, وهي خفض الجناح للناس, ولين الكلمة, وترك الإغلاظ لهم في القول, وذلك من أقوى أسباب الألفة.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: