الأدعية المتداولة عبر رسائل الجوال
انتشرتْ مؤخَّرًا رسائلُ على المَحمولِ نصُّها كالتالي:
في ذمَّتك ليوم القيامة دعاء سيّدنا يونس: (لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) أرسلها إلى 8 أشخاص وستسمع خبرًا جيدًا بعد الليلة.
كما انتشرت أيضًا أوراق مكتوبة ومنسوبة للنَّبيّ صلى الله عليه وسلم بِها حديث، ثم قصة رجل أو امرأة عندما قرأت الحديث وأعادتْ نشره جاءتها أخبار جيّدة وآخر أهملها جاءته مصائب، فما حكم الاعتِقاد في مثل هذه الأشياء؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ إرسالَ مثل هذه الأدعية وتَكرارها يتوقَّف حُكمُه على ثُبُوت ذلك عنِ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم من عَدَمه، فإنْ ثَبَتَتْ نِسْبتُها إليه، فإنَّ نَشْرَها من عمَلِ الخَير والتَّعاوُن على البِرّ والتَّقوى والدّلالة على الأعمال الصالحة؛ إن كان الثواب الموعود مما جاء به الشرع.
وأمَّا إنْ لم تَثْبُت نِسْبتُها إلى الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم فإنه لا يجوز نشرُها فقد توعد الرَّسول صلى الله عليه وسلم مَن قال عنْهُ أو حدَّث عنه بِما لَم يَقُلْ، فقال: "" (رواه مسلم).
وراجعِ الفتوى: "حكم العمل بالحديث الضعيف والموضوع".
وأمَّا الدُّعاء بدعاء نَبيّ الله يونس الوارد في السؤال، فقد صحَّ عن النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "" (رواه الترمذي عن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنْه وصحَّحه الألباني).
وعليه؛ فلا بأس من نشره لأنه من جملة الشرع، ولكن ما احتف بالدعاء مما ذُكِرَ في السؤال يدخله في جملة الممنوع؛ فقول االمُرسِل: "في ذِمَّتك إلى يوم القيامة" لا يَجعل هذا الأمر في ذمَّة المُرْسَل إليه، وإنَّما هو لغْوٌ لا يترتَّب عليْه شيءٌ، كما أن قوله: "وستسْمَعُ خبرًا جيدًا بعد الليلة" فمِن الغيب الذي يتوقَّف على دليلٍ من الكتاب أو السُّنَّة، فقد استأثَرَ الله بعلم الغيب، قال تعالى: {} [آل عمران: 179]، وقال: {} [الأنعام: 59]، وقال سبحانه على لسانِ نبيّه: {} [الأعراف: 188] وقال: {} [النمل: 65].
ومن القواعد المقررة في الشرع أن التنصيص على الثواب بابه التوقيف على الكتاب والسنة.
وأيضًا فإنَّ العدد المعيَّن في الدّعاء أو الأشخاص المطلوب إرسال الدُّعاء إليْهِم لا يَصْلُح أن يَكون مقصودًا لِذاتِه حتَّى تَخرُج من الإحداث في الدين، وقد قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلَّم: "" (متَّفق عليه)، وقال صلى الله عليه وسلم: "" (رواه مسلم في صحيحه).
ثُمَّ إنَّنا ننبّه على أنَّ جَميع ما يتعلَّق بالعبادة، بِما في ذلك كيفيَّة الذّكر وعدده ووقْتُه والدَّعوة إليه: هو أمرٌ توقيفيّ ينبغي أن يُقْتَصر فيه على ما وَرَدَ عنِ الشَّارِع، ويجتنَب مَا لَم يَرِدْ، فالواجِب على المسلم عدَم المُشاركة في نشْر الضَّلالات والخُرافات، وفي صحيح السُّنَّة كفاية.
أمَّا الشّقّ الثَّاني من السؤال فَقَدْ سَبَقَ الجَوابُ عليْهِ في فتوى بعنوان: "حكم نشر الوصية المزعومة" فنرجو الاطّلاع عليها،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: