هل الإنشاد الموسيقي حرام؟

الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَن وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:

فالشريعة الإسلامية أباحت الإنشاد هو الحداء للمصلحة، كحال الجهاد أو في الأعياد والسفر والأفراح، ونحوها؛ ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه، قال: كانت أم سليم في الثقل، وأنجشة غلام النبي صلى الله عليه وسلم يسوق بهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أنجش، رويدك سوقك بالقوارير"، والثقل: ضعفاء المسافرين كالنساء والشيوخ والأطفال وتكون معهم الأمتعة، وكان أنجشة يحسن الحداء، والقوارير: النساء.

وفي الصحيحين عن البراء رضي الله عنه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو ينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره، وكان رجلاً كثير الشعر، وهو يرتجز برجز عبد الله:

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الأعداء قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا

يرفع بها صوته

وروى أحمد أن عامر بن ربيعة كان يرجز يوم خيبر بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم النبي صلى الله عليه وسلم يسوق الركاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من هذا؟"، قال: عامر يا رسول الله، قال: "غفر لك ربك"، قال: وما استغفر لإنسان قط يخصه إلا استشهد، فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله، لو متعتنا بعامر، فقدم فاستشهد.

الأحاديث بهذا المعنى كثيرة.

غير أنه يشترط في الإنشاد أن يكون بدون موسيقا؛ لأن الشرع حرم جميع آلات الملاهي والموسيقا إلا الدف للنساء، وهو مذهب عامة أهل العلم، وقد سبق بيان هذا في فتوى: "هل أتعلم عزف الموسيقا؟".

كما يشترط أيضًا في الإنشاد أن يخلو الإنشاد من مظاهر الغلو كالاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو التوسل غير المشروع، إلى غير ذلك مما يغلب على قصائد المدح، ومن الأمثلة على ذلك قصيدة البردة، وهي من أَشهر قَصَائِدِ الْمَدِيحِ، وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَعَان وَعِبَارَات جَيِّدَة؛ كَمَدْحِ الصَّحَابَةِ في ثَبَاتِهِم، وَعُلُوِّ شَأْنِهِم، وَتَمَكُّنِهِم في الجهاد، واشْتَمَلَت في نفس الوقت على طَوَامَّ عِظَامٍ، وكُفر صَرِيحٍ، ويراجع لها فتوى: هل قصيدة البردة تشفي المريض؟!

إذا تقرر هذا؛ فلا يجوز الإنشاد بالموسيقا،، والله أعلم.