تفصيل هام في غرامة التأخير

منذ 2019-04-23
السؤال:

اريد شراء سيارة قسط من البنك وانا مصرى فاشترط البنك فى العقد غرامة تاخير مائة جنيه فى حال تاخر قسط من الاقساط علما بانهم يدفعوا هذه الغرامة لاعمال البر التى ينفق عليها البنك

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإن كان البنك المذكور رِّبويًا أو تجارًا، فلايجوز التعامل معه في شراء السيارة؛ لأن البنك الربوي مؤسسة لإقراض واستقراض الأموال، وشراءه للسيارة عن طريقه يكون بالقرض الربوي ولا يتملك السيارة، فهو قرض يسدد أكْثَرَ مِمَّا دفع، وهو من ربا الديون المجمع على تحريمه، ولا يَجوزُ لِلمسلِم أن يُقْدِمَ على ذلك؛لقول النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم -: "لَعَنَ اللهُ آكِلَ الرِّبَا، ومُوكِلَهُ، وكاتِبَهُ، وشاهِدَيْهِ، وقال: هُمْ سواء"؛ رواه مُسلم.

أما إن كان شراء السيارة عن طريق البنك الإسلامي، فجائز  بشروط:

1- خلوُّ العقد منِ اشْتِراطِ غرامةٍ في حال التأخُّر عنِ السَّداد؛ لأنَّ هذا الشَّرطَ من الرِّبا المحرَّم فلا يَجوزُ دفْعُه ولا يَجوزُ أَخْذُه، وهذا ما قرَّره أكْثَرُ الفُقَهاءِ قديمًا وحديثًا، وأخذت به المجامعُ الفِقْهيَّة المعتمدة، فقد جاء في قرار مَجلس المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرَّمة ما يلي:

"إنَّ الدَّائن إذا شَرَطَ على المَدين أو فَرَضَ عليْهِ أن يَدفَعَ له مبلغًا من المال غرامةً ماليَّة جزائيَّة محدَّدة أو بنسبة معيَّنة، إذا تأخَّر عن السداد في الموعد المحدَّد بينَهُما، فهو شرط أو فرض باطل، ولا يجب الوفاء به، ولا يَحِلُّ سواءٌ أكان الشارطُ هو المصرف أو غيره؛ لأنَّ هذا بعينِه هو ربا الجاهليَّة الذي نَزَلَ القرآن بتحريمه".

2- ملكيَّة البَنْكِ الكاملة لِلسَّيَّارة؛ لأنَّهُ لا يجوز بَيْعُ سِلْعةٍ قَبْلَ شِرائِها وحيازتِها؛ لِما ثَبَتَ عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من حديث زيد بن ثابتٍ - رضي الله عنه - قال: "نَهَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ"؛ رواه أبو داود، قال الشيخ الألباني: حسنٌ لغيره، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه"؛ رواه مسلم، وقال -صلى الله عليْهِ وسلَّم: "لا تَبِعْ ما ليسَ عِنْدَك"؛رَواهُ أحمد وأبو داودَ من حديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ،وصحَّحه الشَّيْخُ الألْبانِيُّ في صحيح الجامع.

وقال ابن عمر - رضي الله عنهما -: "كنَّا نشتري الطعام جُزافًا، فيَبْعَثُ إليْنَا رسولُ الله -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم -مَنْ يَنهانَا أن نَبِيعَهُ حتَّى ننقلَه إلى رِحالِنا متفق عليه.

فإن تحققت تلك اشروط ولكن بقي شرط غرامة التأخير، فلا يجوز  الإقدام على عقد يحتوي على شرط ربوي كغرامة التأخير، ولو مع الاحتراز من الوقوع في هذا الشرط؛ لأن وجود الشرط الربوي يجعل العقد محرما لا يجوز الإقدام عليه، وقد اتفق العلماء على حرمة الربا، ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله.

ولكن إن كان هذا الشرط مما عمت به البلوى، وأصبح عامًا في كل بيوع الأقساط، فلا إثم على المسلم في الشراء بالتقسيط  إن دعت الحاجة إليه، ولكن بشرط المبادرة إلى السداد قبل لزوم الغرامة، وأن يتيقن أو يغلب على ظنه أنه لن يتأخر في السداد؛ حتى لا يقع في الربا، أما إن كان يمكن اجتناب غرامة التأخير في مكان آخر  فلا يجوز  التعامل مع من يشترط الغرامة،، والله أعلم.
 

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام