حكم مشاهدة المسلسلات التاريخية
أرجو قراءة السؤال كاملا والإجابة بشكل واضح (هل علي إثم إن شاهدت مسلسل تاريخي ليس فيه موسيقى ولا مشاهد محرمة أحكم مشاهدة المسلسلات التاريخيةم أن هناك أمور أخرى تجعل المسلسلات التاريخية محرمة غير الموسيقى والمشاهد المحرمة وهل اذا كان في هذا المسلسل إضافات كثيرة من المنتج مخالفةللتاريخ أو تحريف للبعض من النصوص التاريخية هل يحرم المسلسل كاملا بسبب هذا التحريف القليل أو الإضافة مع العلم ان هذا حكم مشاهدة المسلسلات التاريخيةالمسلسل فيه فوائد عظيمة وعديدةوهل مفسدة التحريف او الإضافة تهمل لإنها مفسدة مقابل الكثير من المصالح فإن القاعدة تقول إذا زادت المصالح على المفاسد قدمت المصالح على المفاسد وشكرا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فمن المعلوم أن رسول صلى الله عليه وسلم بعث بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وأن كل ما أمر الله به فمصلحته راجحة، وما نهى عنه، فمفسدته راجحة، ومن تأمل تلك القاعدة علم جواز مشاهدة المسلسلات التاريخية المنضبطة بالضوابط الشرعية، ومراعاة الثوابتَ الدينية، والقيمَ الإنسانية الثابتة، ولم تَخْرُج عمَّا استقرَّ مِن الأسس الفكرية والأخلاقية.
ومن تلك الضوابط، والمعاييرَ:
سلامةُ النصِّ في فكرته وتوجُّهه وعباراته وصوره البيانية، وغيرِ ذلك، مِن أيِّ انحرافٍ وتجاوُزٍ يؤثِّر في الصورة الكليَّة للنصِّ الأدبيِّ المكتوب.
ومنها: عَدَمُ مُصادمة الشريعة الإسلامية والقيم الأصيلة، فيجب أن يخلوَ النصُّ الروائيُّ مِن تمجيدِ الشخصيات الفاسدة، سواء كانت اعتباريَّة أو حقيقية، أو فكرة فاسدةٍ عَقَديًّا أو أخلاقيًّا، وألَّا يدعوَ إلى سلوكٍ منحرفٍ دينيًّا أو أخلاقيًّا.
ومنها: البُعد عن كلِّ ما يُثير الشهواتِ، أو يُشيع الفاحشة، أو سوء الخُلُق، حتى وإن احتوتِ الروايةُ على صورٍ واقعيةٍ مِن فسادِ بعض المجتمعات، فالواجبُ توظيفُها إيجابيًّا، ببيان سوء عاقبة المفسِدين، وكيفية المَخْرَج منها، وما إلى ذلك.
ومنها: الاحتياطُ الشديد في إبراز مشاهد العلاقات الزوجية أو الأسرية بين الرجل والمرأة، ووضعُها في قالبٍ مقبولٍ وَفْقَ الحدود الشرعية، وقِيَم المجتمع، وإيجادُ بدائلَ للمشاركة النسائية، والبُعدُ عن الموسيقا.
ومنها: وَضْعُ هدفٍ واضحٍ مِن كتابة السيناريو، وهو: إبراز قيمة معيَّنة؛ كالشجاعة، أو الأمانة والصدق، وغير ذلك، ثم بناء نصٍّ واضحٍ وَفْقًا للهدف، ولا يعني هذا: أن تكون متحجِّرةً؛ بل على العكس، فرسالةُ الأدب الإسلاميِّ رحبةُ الآفاق، هادفةٌ بنَّاءة من خلال التصوُّر الصحيح للإسلام، فلا حجرَ على الكاتب في تناول أيِّ موضوع، ما دام ملتزمًا بحدود الشريعة الإسلام، فلا يحتجُّ بحرية الإبداع فيُزيِّن الباطل أو المنكر، أو يدعو إلى فكرة جاهلية، أو إلى ترسيخ مبدأٍ إلحاديٍّ أو تغريبيٍّ أو غير ذلك.
ومنها: الاستعلاء الإيمانيُّ، والحذر عند الكتابة من الوقوع في فخِّ الانهزام النفسيِّ؛ فهو رأسُ كلِّ شرٍّ، وبَرزخُ كلِّ رذيلة.
ومنها: العملُ على أن يكونَ فنًّا مُشوِّقًا لتعويض ما اعتاد عليه الناسُ مِن مخالفات وفنٍّ هابط، يُشيع الرذيلةَ ويُزيِّنها، ويشجِّع على هدم الثوابت، ويشكِّك في العقائد.
أما كون بعض أحداث المسلسل غير حقيقية، فلا يحرم المشاهدة؛ وهو أقرب ما يكون مِن باب ضَرْب الأمثال، والمواعظ، والتعليم؛ فالدِّراما لا تخلو مِن الكذب عادةً، ويُغتفَر هذا للمصلحة الراجحة التي سبق الإشارة إليها، شريطةَ ألَّا يكونَ المضمون مُخلًّا بالشريعة الإسلامية، ولا يشتمل على ما يُناقض أصول الإسلام وعباداته وأخلاقه وآدابه العامَّة، أو يزيِّن الباطل بالقول أو بالفعل والحركة،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: