تونس.. هذه هي السّلفيّة؟ نصيحة إلى كلّ التّونسيّين

منذ 2012-04-30

...هذا هو ديننا وهذه هي السّلفيّة الحقّة، فلا تغرّنكم أفعال هؤلاء الّذين يريدون تشويه الإسلام وتشويه السّلفيّة، ولعلّ بعضهم مدفوع من جهات أجنبيّة، همّها تمزيق وحدة المسلمين، وتنفير النّاس عن دين ربّ العالمين، فكونوا على حذر.


بسم الله الرّحمن الرّحيم، الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يضلل الله فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، ونشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى، ولا يضرّ إلا نفسه ولا يضرّ الله شيئًا، أمّا بعد،

ما أحوجنا اليوم أن نعي خطورة المرحلة الّتي تمرّ بها تونسنا العزيزة، وأن نكون على يقظة لما يكيده لها الكائدون، وما أحوجنا أن نتسلّح بالعقيدة وأن نجعلها نبراسنا في العلم والعمل، وشعارنا في الغضب والرضا، ننفي عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.

ليس من السلفيّة في شيء، وليس من الإسلام في شيء كلّ ما رأيناه يحدث من بعضهم من فوضى في تونس مؤخّرًا، فقد يعمد أحدهم إلى علم البلاد فيضعه ويرفع علمًا أسود ويظنّ أنّه من المحسنين، وقد يكسر بعضهم واجهة قاعة مسرح أو سينما وهو يظنّ أنّه بفعلته هذه قد ردّهم عمّا يفعلون، فيفرح بأفعالهم المرجفون ويقوم لها أعداء الدّين ولا يقعدون، وغالبًا ما ينجح العلمانيّون في استفزازهم وجرّهم إلى الاندفاع والتّهوّر، وليس من منهج السلفيّة الحقّة أساليب التهييج للشّباب الّتي يقوم بها بعضهم على المنابر فيثيرون العوام، ويحرّضون الغوغاء، ويزعمون أنهم يسعون لتوحيد الحاكميّة، بل قد يصل بعضهم إلى حمل السّلاح ليغيّر به المنكر بزعمه، فتسال الدّماء، وتهدر الأرواح، وهذا لم يفعله إلا الخوارج، نقول لهؤلاء: ليس من السلفية في شيء ما تفعلونه، والإسلام بريء من تصرفاتكم، وإنَّه لينكر أفعالكم الهوجاء الرّعناء.

ونقول لهم : أنتم تعينون العلمانييّن بأفعالكم وأنتم لا تشعرون، وتعطونهم الفرص لينفّروا النّاس عن هذا الدّين القويم ويخوّفوهم من الإسلام والمسلمين، وتظنّون أنّكم تحسنون؟ وهل يقتل المسلم مسلمًا؟ قال تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]، وقال صلى الله عليه وسلّم لأسامة بن زيد لمّا قتل مشركًا بعد أن نطق بالشّهادة: «يا أسامة أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله»، قال أسامة: فما يزال يكرّرها حتّى تمنّيت أنّي لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم (متفق عليه). وعقّب الإمام الذّهبي على هذه الحادثة بقوله -رحمه الله- : انتفع أسامة من يوم النّبيّ صلى الله عليه وسلّم، إذ يقول له: كيف بلا إله إلا الله يا أسامة، فكفّ يده، ولزم بيته، فأحسن. (يقصد أيام الفتنة الّتي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم). إنّ علماء الإسلام يحذرون أشدّ التّحذير من تكفير المسلم أو لعنه، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما» (متفق عليه)، وقال أيضا: «لعن المؤمن كقتله» (رواه البخاري)، وحتى لا يكون التكفير مطيّة كلّ ناعق، فيكفّر النّاس بعضهم بعضًا، فقد وضع لنا علماء الإسلام شروطًا لتكفير المعيَّن لا بدّ من توافرها، وموانع لا بد من نفيها، ويبقى مناط تحقّق ذلك كلّه لكبار علماء الأمّة المشهود لهم بالعلم والـصّلاح.

ولا يخفى على التونسيّين الفطنين أنّ بعض هذه الأعمال المنسوبة للسلفيّين، قد يكون وراءها أيادٍ خبيثة وخفيّة تسعى لإيقاع الوقيعة بين المسلمين في تونس وعودتهم الزكيّة إلى دينهم الحنيف، فقد تكون أغلب تلك التّصرّفات غطاء تتخفّى وراءه جماعات وأحزاب لا يروقها حبّ التونسي لدينه، همّها إيجاد جوّ من الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد بعد أن رأت كثيرا من مصالحها تضيع، فهي تسعى لإخافة النّاس من الإسلام ومن السّلفيّين، وإثارة جوّ من الخوف والرّعب منهم، خاصّة بعد أن رأت أغلب الشّباب الّذي يعتاد المساجد يختار السّلفيّة منهجًا ونبراسًا. فهمّها أن يهجر النّاس المساجد، ويعمّ التميّع و التفسّخ الأخلاقي البلاد والعباد، بدعوى الانفتاح والتحضّر (يزعمون).

ماذا يحدث في تونس اليوم؟ لقد كثرت الفرق والأحزاب وكلّ يزعم أنّه على حقّ، وأنّه يعمل لصالح البلاد؟ وأنّه يسعى لتحقيق التّوافق المنشود بين التونسييّن؟

فاعلم -يرحمك الله- أنّه لا يمكن أن يتحقّق التّوافق بين التونسييّن إلّا بالرّجوع إلى كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم صلى الله عليه وسلّم بفهم السّلف الصّالح، قال صلّى الله عليه وسلّم: «فإنَه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا وإيَاكم وَمحدثات الأمور فإنّها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين عضّوا عليها بالنّواجد» (أخرجه الإمام أحمد، وقال التّرمذي حسن صحيح، وصححه الحاكم). وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني -رحمه الله- في رسالته: "واللّجوء إلى كتاب الله عزّ وجلّ وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم، وإتّباع سبيل المؤمنين، وخير القرون من خير أمّة أخرجت للنّاس نجاة، فقد أوجب القرآن إتّباع الصّحابة رضوان الله عليهم ولزوم طريقتهم، وتوعّد من يخالف سبيلهم بالعذاب الأليم"، قال الله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 117] وقال تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّـهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137]. هذا دليل صريح في أنّ الّذي كان عليه الصّحابة رضوان الله عليهم هو الهدى والحقّ، ومن اهتدى به فإنّه على هدى وعلى صراط مستقيم. فالصّحابة هم المعنيّون بما في الآية أولًا، ثمّ من سار على دربهم واقتدى بهم من بعدهم ثانيًا، قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إنّكم قد أصبحتم اليوم على فطرة وإنّكم ستحدثون ويحدث لكم فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالعهد الأوّل". وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى: "لا يصلح آخر هذه الأمّة إلا بما صلح به أوّلها" (الموطأ: الإمام مالك). وحتّى تعرف حقيقة الدّعوة السّلفيّة المباركة، وأهدافها ها أنا ذا أجيبك على أهمّ التّساؤلات الّتي تجول بخاطرك:

فمن هم السّلف الصّالح؟ هم الصّحابة والتّابعون وتابعوا التّابعين، ثم من بعدهم من اعتقد معتقدهم وسلك سبيلهم ممّن شهد له بالإمامة والتّقى ومات على ذلك، والمنهج السلفي هو المنهج الّذي سار عليه السّلف رضي الله عنهم في العقيدة والعلم والعمل والسّلوك والدّعوة وفي كلّ أمور الدّين والدّنيا، فالسّلفيّة منهج وليست حقبة تاريخية كما يزعم بعض أصحاب الأقلام المأجورة.

ولماذا هذا الاسم: السلف؟ كان النّاس يكتفون باسم الإسلام فلمّا ظهر البدع والمبتدعة وانتشروا وسط بلاد الإسلام وعقول العباد، كان لا بدّ من تمييز أولئك الّذين ظلّوا متمسّكين بالإسلام الحقّ الّذي انتهجه الصّحابة ومن تبعهم بإحسان، فالسّلفيّة هي بوّابة فهم الدّين، وهي ليست حزبًا، وليست مذهبًا، و ليست جماعة من دخلها كان منها ومن فارقها فليس منها، السلفيّة هي منهج الإسلام، وهي الفرقة النّاجية والطّائفة المنصورة التي سمّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمّتي على الحق منصورين لا يضرّهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عزّ وجلّ» (حديث رواه ابن ماجه والطّبري والسّخاوي). وفي رواية: «لا تزال طائفة من أمّتي على الحق ظاهرين لا يضرّهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك» (رواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي والبيهقي).، فكلّ من كان على العقيدة الصّحيحة والعمل الصّالح واقتفى سنّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وآثار الصّحابة والتّابعين وعلماء الأمّة في العقيدة والعلم والعمل والسلوك والدّعوة فهو منهم، ومع ذلك فنحن لا نتعصّب لهذا الاسم ولكن نسعى لتطبيق دلالاته.

السّلفيّة لا تريد أن ترجع بالنّاس إلى القرون الأولى كما يزعم أعداء الإسلام، وهي ليست ضدّ التّقدّم الحضاري، أو ضدّ العلم، بل تدعو إلى تفهّم معاني القرآن والسنّة فهمًا صحيحًا، والتعامل مع الواقع تعاملاً صحيحًا، دون مسّ أصول ديننا الحنيف، فكلّ ما يتماشى مع ديننا ولا يتعارض معه من وسائل، أو معدّات، أو طرق، فهو مشروع، قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85].

السّلفيّة لا تدعو للتّحزّب والحزبيّة، ولا تركّز على السياسة وتجعلها دندنتها ودندنة عوّام النّاس، فقد نهى أهل العلم عن ذلك (وهذا لا يعني أنّ السّياسة ليست من الدّين) وإنما لا يشتغل بالسّياسة إلّا أهلها، قال الله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النّساء: 83]. وقال الإمام الشّافعي رحمه الله: "ولا يشاور إذا نزل المشكل إلّا أمينًا عالمًا بالكتاب والسنّة والآثار وأقاويل النّاس والقياس ولسان العرب" (مختصر المزني). لا بدّ من شغل الشّباب بحفظ الكتاب والسنّة، وإلّا فإنّ اشتغالهم بالسياسات لن يؤدّي إلّا إلى الأخطاء الفادحة، وقد يجرّ البلاد إلى الفساد والفتن.

أمّا أهداف هذه الدّعوة المباركة فهي:
- تحقيق مرضاة الله بتعبيد النّاس لله بإقامة التّوحيد أوّلاً، وتعليمهم من التّوحيد ما يثبت إيمانهم ويزيد يقينهم، ونزع كلّ أنواع الشّرك والخرافات عنهم.
- نشر السنّة ومحاربة البدعة، وإزالة المنكر ومحاربة الانحراف.
- حماية الدّين.
- إصلاح البلاد والعباد.

ويسعى السّلفيّون الحقّ للتّعلّم، وتعليم النّاس، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، والدّعوة إلى الله، وإقامة الواجبات الاجتماعية كمساعدة الفقراء والمساكين وذوي الحاجات، وإقامة المشاريع الخيريّة، وتوجيه النّاس، وجمع شمل المسلمين وتوحيد كلمتهم، وهمّهم إقامة دولة الإسلام في قلوب النّاس ونفوسهم أوّلا وإيجاد الطّائفة المؤمنة، حتّى يتسنّى إقامة دولة الإسلام بعد ذلك.

لا بدّ من تربية النّاس على التوحيد أوّلاً، وتطهير عقائدهم من شوائب الشّرك الظّاهر الجليّ، والشّرك الخفيّ، وتعليمهم أحكام دينهم وردّهم إليها، وردّهم لسنّة سيّد المرسلين. لقد منع النّاس سنين طويلة من العلم والعلماء في تونس، ومنع الدّعاة من القيام بدورهم، فلم تكن هناك دروس ولا حلقات لعامّة النّاس في المساجد، ولا دورات علميّة إلّا ما كان يقع منها في الخفاء، كان الأولى بهؤلاء الذّين يثيرون الفوضى في تونس أن يعبّدوا النّاس لربّهم عبادة صحيحة قائمة على الدّليل. وهل كانت مهمّات الرّسل شيئا آخر قبل هذا؟ قال الله تعالى: {ولقد بعثنا في كلّ أمّة رسولا أن أعبدوا الله واجتنبوا الطّاغوت} [النّحل: 36]. ولقد ظلّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعو النّاس في مكّة ثلاث عشر عامًا ينزع عنهم عقائد الجاهليّة الفاسدة ويعلّمهم التّوحيد والعقيدة الصّحيحة، ويوم يأتيه خبّاب بن الأرت يشكو إليه ما يلقاه الصّحابة من العذاب والهوان من الكفرة أعداء الدّين يغضب ويقول: «قد كان من كان قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثمّ يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه والله ليتمنّ الله هذا الأمر...ولكنكم تستعجلون» (متفق عليه).

أمّا معاقبة وردع المرضى والمنافقين من الّذين يسعون لإشاعة العقائد الضالّة والممارسات المنافية للإسلام، أو الاستهزاء بالذّات الإلهيّة أو بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو ببعض أحكام ديننا الحنيف، واستفزاز مشاعر المسلمين، فإنّه من جملة مهمّات الدّولة، فهي المسئولة عن حماية الإسلام ومنع نشر وإشاعة الممارسات المنافية للدّين، بسنّ قوانين تجرّم الاعتداء على المقدّسات الإسلامية عمومًا، وإيقاع أشدّ العقوبات على من يفعل ذلك، وبصفة أخصّ الذّات الإلهيّة والقرآن الكريم والأنبياء والمرسلين، كالّذي وقع مؤخرًا في بعض القنوات التّلفزيونيّة المأجورة، أو المسّ بشخصيّة الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم وأزواجه أمّهات المؤمنين وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين كما حدث من بعض الرّافضة في بعض الإذاعات المحليّة، وما كانوا يجرئون من قبل على فعل كهذا، ونقول لهؤلاء الملاحدة العلمانيّين ما قاله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ هذا الديّن يسر ولن يشادّ الدّين أحد إلّا غلبه» (متفق عليه). فمهما حاربتم دّين الله فإنّكم تموتون ويبقى هذا الدّين، فالغلبة لدين الله دومًا مهما تفعلون، فاخسئوا واربعوا على أنفسكم فالنّور ساطع والحقّ أبلج والقافلة مستمرّة في مسيرها، قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّـهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّـهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التّوبة: 32].

ونقول لكلّ التّونسيّين لا يغرّنكم ما يفعله بعضهم وهم يزعمون أنّهم سلفيّين، إنّ السّلف الحقّ هم أصحاب محمّد صلّى الله عليه وسلّم ومن سار على نهجهم من بعدهم، السلفيّون الحقّ لا يفعلون ما يفعل هؤلاء، وإنّما تراهم يدعون الناس لدين الله بالحكمة والموعظة الحسنة، يعلّمونهم التّوحيد وأحكام الدّين الحنيف، وكيف لا وهم يقتفون أثر النبيّ ويسعون للاقتداء به، وقد كان صلّى الله عليه وسلّم ينهى عن الغدر والخيانة، ويأمر بالصدق والعفاف والأمانة، وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا أمّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: «اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا» (رواه مسلم). وفي رواية: «ولا تجبنوا، ولا تقتلوا وليدا، ولا امرأة، ولا شيخا كبيرا» (الطبراني في المعجم الصغير) فحرَّم صلّى الله عليه وسلّم قتل النساء، والأطفال، والشيوخ، الذّين لا يستطيعون القتال ولا يُقاتلون، مع أنّهم كفار، وحرّم الإفساد في الأرض، قال سبحانه وتعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّـهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]. وأخبر أنَّه لا يحب المفسدين. فإذا كانت هذه معاملاتهم مع غير المسلمين فهي مع المسلمين أرحم وأحسن، قال الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله تعالى: "...إنّه دين نزل من السّماء، ليضرب بهدايته في أرجاء المعمورة، ويعلّم الأمم أرقى نظم الاجتماع وقد ارتفعت في الشّرق والغرب رايته، يوم تولّى أمره زعماء لبسوا من آدابه برودًاً سنيّة، وتحرّوا في الدّعوة إليه سبلاً سويّة..." (محمد الخضر حسين: سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين).

هذا هو ديننا وهذه هي السّلفيّة الحقّة، فلا تغرّنكم أفعال هؤلاء الّذين يريدون تشويه الإسلام وتشويه السّلفيّة، ولعلّ بعضهم مدفوع من جهات أجنبيّة، همّها تمزيق وحدة المسلمين، وتنفير النّاس عن دين ربّ العالمين، فكونوا على حذر.


أبو عبد الرحمن زهير رزق الله
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 157
  • 17
  • 15,046

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً