ثورة العيد في الأحواز.. والقمع السريع

منذ 2012-08-16

تحدثت المنظمات الحقوقية عن أحكام الإعدام التي أصدرتها طهران بحق النشطاء العرب، معربة عن قلقها على سلامة المحتجزين وغيرهم من الإيرانيين العرب، فضلا عن حملة الاعتقالات الهستيرية التي تقدم عليها سلطات الاحتلال الإيرانية منذ سنوات وازدادت في الشهور الأخيرة بين شريحة الشباب والمثقفين..


احتجاجات ليست عادية تلك التي تنوي المعارضة الأحوازية في الإقليم الواقع شمال غرب إيران القيام بها هذا العيد، فأمام القمع والإعدامات والاعتقالات التي تصاعدت مؤخرا ينوي عرب الأحواز القيام بثورة في أول أيام عيد الفطر المبارك ضد الاحتلال الفارسي، استبقتها بالطبع طهران بحملة شعواء من الاعتقالات والقمع تحسبا لهذه الانتفاضة ضد ظلم النظام القمعي الفارسي منذ عشرات السنين.

ودعت المعارضة الأحوازية العرب السنة في كل أنحاء الأحواز للخروج في مظاهرات عارمة في جمع أنحاء البلاد في عيد الفطر، ونشرت البيانات وكتبت الشعارات المناهضة للاحتلال الإيراني في مختلف أرجاء الأحواز خلال شهر رمضان احتجاجا على القمع الوحشي خاصة الذي تنتهجه ضد السجناء السياسيين، وهو ما واجهته بحملة مسعورة من الاعتقالات.

وفي ظل ما تمارسه الجمهورية الإيرانية من بطش وقمع ضد الشعب العربي الأحوازي وضد الشعوب والقوميات غير الفارسية، فقد ازدادت نسب ضحايا هذه السياسة في الشهور الأخيرة، وفق تقارير منظمة حقوق الإنسان الدولية (هيومان رايتس ووتش) ومنظمة العفو الدولية والتي أظهرها (أحمد شهيد) المبعوث الدولي الخاص بحقوق الانسان في إيران، والتي ما تزال تمنعه السلطات الرسمية الإيرانية من دخول أراضيها بغية التقصي وبحث الوثائق الكثيرة التي بحوزته، وتدين إيران وتفضح جرائمها.

وتحدثت المنظمات الحقوقية عن أحكام الإعدام التي أصدرتها طهران بحق النشطاء العرب، معربة عن قلقها على سلامة المحتجزين وغيرهم من الإيرانيين العرب، فضلا عن حملة الاعتقالات الهستيرية التي تقدم عليها سلطات الاحتلال الإيرانية منذ سنوات وازدادت في الشهور الأخيرة بين شريحة الشباب والمثقفين.

وشهدت الأحواز المحتلّة -أو عربستان أو خوزستان- منذ احتلالها عام 1925 أكثر من خمس عشرة انتفاضةً وثورةً شعبية، اشتهرت منها الانتفاضة العارمة في عام 2005م، وتقود المقاومة الأحوازية المدنية والعسكرية ضد الاحتلال الفارسي الإيراني: مجموعة من المنظمات، مثل: المنظمة الإسلامية السنية الأحوازية، وحركة التحرير الوطني الأحوازي، والجبهة العربية لتحرير الأحواز، وغيرها من المنظمات التي تأثرت بحركات التحرر العربي والإسلامي.

وتمثل الأحواز العربية المحتلة إيرانيًا أهمية إستراتيجية بالغة من النواحي الجغرافية والاقتصادية والسياسية والتجارية، فامتدادها على طول الساحل الشمالي والشرقي للخليج العربي، جعلها صلة الوصل بين إيران والعالم الخارجي، وذلك عبر موانئها ومنافذها البحرية.

ومما أكسب الأحواز أهميةً بالغةً إضافية، هو اكتشاف النفط والغاز الطبيعي فيها منذ عام 1908م، وهو الأمر الذي أثار مطامع الغرب وإيران، وكان أحد أسباب احتلالها، فالنفط في الأحواز العربية يمثل (87%) من النفط الإيراني، فيما يمثّل الغاز المستخرَج من الأراضي الأحوازية نسبة (90%) من مجمل الغاز الإيراني.

كما تشتهر الأحواز بوفرة مياهها، إذ يمر فيها خمسة أنهارٍ كبيرة، أهمها أنهار: (الكارون، والكرخة، والجراحي)، وتمثّل مياهها نصف المخزون المائيّ لإيران المستهلك لمياه الشرب والري، ونظراً لخصوبة أراضيها فقد اشتهرت الأحواز بزراعة: القمح والأرز، وقصب السكر، والحمضيات والنخيل.

ومنذ احتلالهم الأحواز، قام الفرس وما يزالون يقومون، بحزمةٍ من الإجراءات التعسّفية الظالمة، لطمس الهوية العربية لشعب الأحواز، ومن بينها منع تدريس اللغة العربية، ومصادرة كل ما في البلاد من كتبٍ عربية وفرض التعليم باللغة الفارسية.

هذا بالإضافة إلى فرض الحكم العسكري الفارسي، وإلغاء كل أشكال مؤسسات الحكم العربية، وعدم الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الأحوازيّ، وحرمانه من أبسط الحقوق السياسية.

كما يستولي النظام الإيراني على الأراضي الزراعية العربية، وعلى مياه الشرب التي تم تحويلها إلى المناطق الفارسية، وإقامة المستوطنات الفارسية لتغيير التركيبة الديموغرافية العربية، والسيطرة على ثروات البلاد بمنح امتيازات استثمارها للشركات الأجنبية.

ويقوم نظام الملالي بحملات تفريس البلاد، بتغيير الأسماء العربية للمعالِم والمدن والشوارع إلى الأسماء الفارسية، وتغيير الملامح العربية في المدن، واقتطاع بعض الأراضي وضمّها إلى المدن الإيرانية المجاورة، وتهجير الأسر العربية والاستيلاء على أراضيها، لإحلال الأسر الفارسية محلها.

ولا ينبغي إغفال استخدام أبشع أساليب القمع والاضطهاد بحق السكّان العرب، وذلك بفرض الضرائب الباهظة، وبالتشريد والسجن والاعتقال والقتل والملاحقة والإعدام.

واستشهد خلال انتفاضة 2005 وغيرها العشرات وجرح المئات واعتقل الآلاف من أبناء هذه الأرض العربية وما زال الكثير منهم يرزح في الزنزانات الانفرادية ويمارس ضده أبشع التعذيب.

ويعيش النظام الإيراني حالة من الخوف بحسب مراقبين من الثورة الأحوازية المقبلة في ظل الأزمات الداخلية والدولية التي تمر بها طهران وتخوفها من قرب سقوط حليفها العلوي بشار الأسد وإتيان الدور عليها بعد سوريا، وإدراكها الرغبة الملحة لشعب الأحواز العربي بالتحرير من هيمنة الدولة الإيرانية، وهو ما جعلها ترفع مستوى القمع والاعتقالات.

لذا يتوقع خبراء أن يقوم نجاد بقمع هذه الثورة في مهدها أو إخمادها سريعا حتى لا يلقى مصير زعماء الربيع العربي والذي أطيح بهم وينضم إليهم قريبا بشار الأسد.


إيمان الشرقاوي

29/9/1433 هـ
 
  • 0
  • 0
  • 2,952

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً