معارك (التحرير، والجمل، والنائب العام)

منذ 2012-10-22

اندلعت بمصر عدة معارك متتالية أرخت بظلالها الكئيبة على المشهد المصري في أعقاب العديد من الإنجازات المحسوبة لحكم الرئيس محمد مرسي، كان أبرزها معركة ميدان التحرير الجمعة، وقبلها تداعيات تبرئة المتهمين فيما عرف باسم (معركة الجمل)..


اندلعت بمصر عدة معارك متتالية أرخت بظلالها الكئيبة على المشهد المصري في أعقاب العديد من الإنجازات المحسوبة لحكم الرئيس محمد مرسي، كان أبرزها معركة ميدان التحرير الجمعة، وقبلها تداعيات تبرئة المتهمين فيما عرف باسم (معركة الجمل) التي اندلعت بين بلطجية ومنسوبين لجهاز أمن الدولة السابق من جهة، والمتظاهرين المطالبين بتنحي الرئيس السابق مبارك من جهة أخرى.

عادت الاشتباكات بعد مدة طويلة إلى (ميدان التحرير) بعد أن اقتصر دوره مؤخرًا تقريبًا على الاعتصامات قبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية والأجواء الاحتفالية بعدها، حيث شهدت الجمعة حوادث اعتداءات على المتظاهرين يمكن استنتاج مغزى بعضها، حيث تسعى القوى العلمانية بمصر حثيثًا من أجل الاستمساك بأي وسيلة تمكنها من إطاحة الرئيس المصري المنتخب، واستغلال وتوظيف أي حدث لتوزيع الشتائم والسباب على الرئيس وجماعة الإخوان ومرشدها العام وحزبها السياسي.

وقد جاء التعهد بتنفيذ برنامج الـ(100 يوم) الذي قدمه مرسي فرصة جيدة للقوى التي تراه لم يلتزم بما نص عليه في بنوده، فدعت لجمعة (كشف الحساب) بغرض إحراج الرئيس، ورأت جماعة الإخوان في المناسبة فرصة للتواجد بميدان التحرير للاحتجاج على الحكم الصادر قبل يومين من الجمعة بتبرئة متهمي ما يعرف بـ(معركة الجمل) من الاتهامات المنسوبة إليهم، وإلى تقويض أهداف تلك المظاهرات العلمانية في آن واحد، غير أن ذلك قد منح المغرضين فرصة للتحريش بين الفئتين بالتحرير ودس (بلطجية) في الميدان يعملون لحساب جهات رأت أنها تضررت ماديًا من حكم مرسي أو تضررت أيديولوجيا من هذا الحكم.

خلاصة الصراع تدور حقيقة حول مسألة جوهرية تتعلق بهوية مصر، حيث تصعد القوى العلمانية من أجل كبح جماح الإسلاميين الساعين إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، والذي يمكن له أن يكون حقيقة مع استمرار حكم مرسي، ومع صياغة طبيعية للدستور المصري، لذا فتلك القوى لا ترى فيما يصنعه مرسي من تطهير لأجهزة الدولة ومحاولة النهوض بها ما يدعوها لمساندته بل على النقيض تسعى إلى استغلال أي خلل يحدث في تطبيق برنامجه للحؤول دون ازدياد شعبيته.

كما أنها ترى أن في تشكيل تأسيسية الدستور المتوازنة، فرصة للتمهيد لتطبيق الشريعة ولو تدريجياً لذا فهي تسعى إلى طمس تلك المساعي والسعي إلى حد التدويل لوقف طموحات الشعب المصري عبر ممثليه بالتأسيسية نحو حكم يعلي من قيمة الهوية المصرية الإسلامية.

وفي الطريق وبرغم إلحاح تلك القوى في أوقات سابقة من أجل تنحية النائب العام المحسوب على مبارك، فإنها وجدت مساحة ما من التردد وعدم دقة التقدير الرسمية مكنتها من استغلالها للمزايدة على مؤسسة الرئاسة في التعامل مع النائب العام تارة، وفي تصوير محاولة إزاحة النائب العام المصري على أنها اعتداء صارخ على القضاء المصري! برغم كل ما انتقدته النخبة العلمانية لهذا النائب.

وقعت السلطة في مأزق عارض الآن بعد أن أخفقت مؤسسة الرئاسة حتى الآن في إزاحة النائب العام أو نقله بسبب الحصانة التي يتمتع بها، لكنها ستحاول الخروج منه بسرعة بحيث لا تمنح المغرضين فرصة إما للمزايدة أو النقد السلبي وكلاهما -برغم تناقضهما- تمارسه القوى العلمانية.

نعود ونقول: إن تلك عوارض سواء ما يتعلق بالغضب الممنهج لتبرئة متهمي (الجمل) أو عملية إزاحة النائب العام المستمرة، أو صراع المنصات والحجارة بميدان التحرير، لمرض علماني واحد هو: مرض رفض الشريعة، وعليه يقوم الاشتباك السياسي اليوم بين القوى السياسية المتباينة.
 
  • 0
  • 1
  • 1,534

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً