رسالة إلى شيخنا السجين بظلم.. العلامة محمد الحسن بن الددو

منذ 2005-07-05
في أواسط التسعينات اتصل بي صديق مثقف من مدينة بتسبرج في الولايات المتحدة, وطلب مني أن نستضيف في مؤتمر التجمع القادم الشيخ محمد الحسن ابن الددو الشنقيطي، وأثنى عليه ثناء كثيراً، وعند قرب موسم المؤتمر حاولنا دعوته ولم يتيسر حتى كان مؤتمر عام 2000م ثم مؤتمر عام 2001، وحضرهما الشيخ في مدينة شيكاغو, فكان الخُبر أصدق من الخَبر !!

وقد كان مهوى قلوب الحاضرين في المؤتمر، ولفت انتباه الجميع علماء ومشاركين ومشاركات لما وهبه الله من ذاكرة من أعجب ما وهب البشر، ومن اتساع معارفه في علوم الإسلام، مع حداثة سنّه.

وفي إحدى أمسيات المؤتمر عقدت جلسة ثقافية أدبية حوارية شارك فيها الشيخ الددو إلى جانب الشيخ جعفر إدريس، وأدراها الأستاذ خالد حسن, رئيس تحرير هذه المجلة، وقد كانت أمسية في غاية الفائدة والطرافة، وانتشرت أخبارها.

فقد استمتع الناس بعلم الشيخ وغرائب حفظه، كما استمتعوا بحديث الشيخ جعفر وعقله المكين, وكل منهما ساق من طرائف حياته وطلبه للمعرفة ما أبدع فيه، فلما سئل الشيخ الددو عن محفوظاته من الكتب ألمح بتواضع لكثرتها، وأشار لحفظه بعض المتون في النحو وغيره هو بعد في الخامسة من عمره، ولما حلق السامعون في سماء المحفوظات ، عقب الشيخ جعفر قائلاً "أما أنا فلا أحفظ أي كتاب" فضجت القاعة بالضحك، لشدة التناقض، فإن فات الشيخ الحفظ فلم يفته عقل فيلسوف مؤمن..

وقد أبان اللقاء مع علمين من أعلام عصرنا عن تعدد المواهب بين العلماء، وتنوع الطرق للمعرفة والإصلاح والتأثير, وسماحة العلماء، وعمقهم وتأثيرهم.


وحديثنا هنا عن الشيخ محمد الحسن، ففي كل مكان ذهب إليه ترك أثراً وعجباً وحباً وتقديراً، فمن لم يلمح ذاكرته العجيبة رأى دينه المكين، ومن لم يدرك سعة علمه رأى سماحة خلقه، وحسن تصرفه.


وقد أثنى الشيخ بكر أبو زيد في تقديمه لبحث "مقومات الإخوة الإسلامية"على الددو وقال عنه بأن: "هذه مقدرة يندر توفرها" ص 3.


أما الآن وقد وقع الشيخ وصحبه من العلماء والمصلحين في محنة السجن، والتعذيب والتشهير فإن من واجب كل مسلم مناصرتهم على من ظلمهم, وشرح قضيتهم، وتنبيه الناس لها، عسى أن ترتفع عنهم المحنة، ونخفف من الزحف على المسلمين في ودينهم في موريتانيا، ولا نخذلهم ولا نسلمهم ولا نسكت عن مظالمهم، قال الددو: "حتى في أضيق الظروف والأزمات في الحروب منع الإسلام الفرار من الزحف وجعله إحدى الموبقات. ومن ذلك عدم فرار الأخ المسلم عن أخيه ورغبته بنفسه عن نفسه" ص 16.

قال تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [التوبة:71]


ونقول لإخواننا في موريتانيا: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً } [النور:55].

إن واجب المسلمين في كل مكان الاهتمام بمحنة الإسلام في موريتانيا، متمثلاً في رموز علماء الإسلام وقيادات الأمة، ونوابغها في ذلك البلد. فحقّ هؤلاء المصلحين على علماء الأمة ومفكريها وأهل الرأي والشهامة عامة وخاصة، أن يقفوا مع المصلحين المضطهدين، وحقّ هؤلاء العلماء والدعاة المساجين على الأمة أن تسارع بطلب تخليصهم من السجون وإنهاء محنتهم، والاتصال بالسفارات الموريتانية، والحكومة وبعث الرسائل، والفاكسات والبريد الإلكتروني، وأن تصاغ بلغة هادئة ومؤدبة مؤثرة، جرياً على سنّة { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} .

إن من حق الشيخ وإخوانه أن يقف معهم المسلمون، وأهل الإنصاف من كل أمة، ولو كان المظلوم يهودياً أو نصرانياً للزم رفع الظلم عنه، فكيف بمن عرف عنهم الخير والعلم والإصلاح، وعلى كل مؤمن أن يناصر العدل، وأن يحقق واجبه وولاءه للمؤمنين: قال تعالى { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ } [المائدة:55].
المصدر: مجلة العصر

محمد الأحمري

رئيس التجمع الإسلامي بأمريكا الشمالية

  • 9
  • 1
  • 23,689
  • د.ابراهيم بن يحيى

      منذ
    [[أعجبني:]] احبه في الله تعالى حبا جمالا ارى لنفسي عملا صالحا الا حبك في الله حبا خالصا من الاغراض.جمعنا الله بكم في الجنة وان قصرت بنا اعمالنا [[لم يعجبني:]] قصر الموضوع
  • ابو خليل

      منذ
    [[أعجبني:]] لقد كان الشيخ قبل ايام ضيف برنامج الجواب الكافي على قناة المجد،وكانت هذه أول مرة أرى اواستمع فيها إلى الشيخ.وقد وقع في قلبي حبه بأول جملة سمعتهامنه. فجزاه الله خيرا وبارك الله فيه
  • عبد الله

      منذ
    [[أعجبني:]] جزاكم الله خيرا اعجبني المقال بشكل عام [[لم يعجبني:]] أود لو أضفتم سبب محنة الشيخ وبأي ذنب سجن؟ كما وددت لو وضعتم عنوانا للسفارة الموريتانية ليسهل على الزوار دعم الشخ وصحبه
  • صالح البرماوي

      منذ
    لم يعجبني: ما هي الاسباب وراء اعبقال الحبيب الشيخ محمد و ما السبيل إلى نصرته؟
  • السيد بن صالح

      منذ
    [[أعجبني:]] اعجبني علم الشيخ وفقه والدعوة الي الله علي علم وبصيره وان نناشد المسؤلين المورتانيين بطريقة فيها لطف ولين في القول كما علمنا القران [[لم يعجبني:]] انني ولاول مره اسمع عن الشيخ فعلي الدعاه الي الله ان يعلموا الناس ما هو الطريق الصحيح علي الكتاب والسنه ونهج السلف الصالح
  • عبد الله

      منذ
    [[أعجبني:]] من الطبيعى ان يوذى كل داعيه لدين الله لان هذه سنه الله وان كان رسول الله قد اوذى وجميع الانبياء والرسل من قبل [[لم يعجبني:]] تكاسل الناس عن قول الحق واخوف من العقاب ولقد تناسوا قل لن يصبنا الا ما كتب الله لنا
  • عيسي ربيعي(الجزاءري

      منذ
    [[أعجبني:]] مقالة في القمة. نسال أله العضيم رب العرش العضيم ان يطلق صراح الشيخ وصراح اخوانه أمين. حسبنا اله ونعم الوكيل.
  • نوفان

      منذ
    [[أعجبني:]] ----------------- [[لم يعجبني:]] اللهم أنصر أوليائك وأخذل أعدائك وأعدائهم ياقوي يا متين.
  • الدكتور رامي محمد ديابي

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبني أنها تحض على نصرة علماء الأمة ولوقامت الأمة على قوس واحد ورمت الظالمين لما انخفض سعر الدم المسلم لما عليه اليوم
  • حماده

      منذ
    [[أعجبني:]] النصره فهى حق على كل مسلم الم به ما يتعرض له العلماء العاملين والدعاه المصلحين ولكن نقول صبرا قليل بل والله قليل من الصبر واله منجز وعده نقول لهم ابشروا فهذه ضريبه العمل وقد سبق فى هذا محمد بن عبد اللع عليه الصلاه والسلام لا نطيل فى هذا الله اسال ان يقر اعينكم بنصره الاسلام والمسلمين انه ولى ذلك والقادر عليه واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً