شريعة الله كلها خير لو كانوا يعلمون

منذ 2012-12-10

قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]. لقد عاشت الأمة الإسلامية أزهى عصورها حينما كان الإسلام يحكم الحياة في الوقت الذي كان العالم يحيا في شقاء الشرك والجهل منغمسًا في ظلمات العصور الوسطى.

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فشريعة الله كلها خير، ولقد جاء الإسلام لإصلاح الحياة في كل مجالاتها، وجعل الله عز وجل سعادة الدارين وخير الدنيا والآخرة منوطًا بالتزام هذا الدين وشريعته، قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].

ولقد عاشت الأمة الإسلامية أزهى عصورها حينما كان الإسلام يحكم الحياة في الوقت الذي كان العالم يحيا في شقاء الشرك والجهل منغمسًا في ظلمات العصور الوسطى.

وفي ظلال هذه الشريعة استطاع المسلمون في زمن وجيز أن ينشروا دين الله عز وجل في الأرض، وأن يشيعوا فيها النور الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وامتد حكم الإسلام ليشمل ربوع المعمورة على اختلاف أنحائها، وتقدمت الأمة في كل مجالات الحياة وأبهرت العالم -ولا زالت على ضعفها وقلة حيلتها لا ينعدم منها الخير-، ولمَ لا وقد جاء الإسلام بأعظم منهج إصلاحي للفرد والمجتمع في شتى مناحي الحياة؟

فعقيدة أهل الإسلام يحصل بها أمان القلب وسكينته، والصلاة والصيام والعبادات تربية وتزكية لضمير الفرد وتوجيه له نحو البر والإحسان ومحبة الخير للناس، ولا شك أن مَن هذا صفته أجاد صناعته وزراعته، ولم يغش في تجارته، ولم يقبل رشوة إن كان موظفًا، وحافظ على الأموال العامة من الضياع، ولا شك أن مجتمعًا تكون عامته وأكثريته على هذا النحو سيكون مجتمعًا عظيمًا سعيدًا يلفه الرخاء والثروة وزيادة الإنتاج، ويعمه الأمن والأمان.

فالتزام الإسلام وإقامة شريعة الله تعني انفتاح البركات وزيادة الخيرات، قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96]، وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [المائدة: 66]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِقَامَةُ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ مَطَرِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فِي بِلادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» [رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني].

وبقدر الابتعاد عن شريعة الله بقدر ما يقع من البؤس والشقاء وقلة الرزق، قال الله تعالى عن أصحاب السبت: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 163]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا تَبايَعْتُمْ بالعِينَةِ وأخَذْتُمْ أذْنابَ البَقَرِ ورَضِيتُمْ بالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الجِهَادَ سَلَّطَ الله عليكُمْ ذلاً لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» [رواه أبو داود، وصححه الألباني].

فكان طريق المجد وسبيله هو الاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولما حصل الانحراف والبعد عن هذا السبيل ووقع ما وقع من ضعف المسلمين وتسلط الأعداء، ونادى أهل الحق بأن أمر أمة الإسلام في مصرنا -وغيرها من بلاد الإسلام- لن يصلح إلا بما صلح به أولها، وأن النجاة والخير بأكمله في الحكم بما أنزل الله والتمسك بشريعته.. خرج علينا مَن هم مِن جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ووقفوا في خندق الكافرين، وزعموا أن تطبيق الشريعة الإسلامية ردة حضارية وعودة للوراء.

وصرنا نسمع في بلاد الإسلام مَن يناهض ويعارض شرع الله صراحة، وصارت ديكتاتورية الأقلية -من شتى الاتجاهات والمناهج- التي لا وزن فعلي لها في مجتمعات المسلمين هي عنوان المرحلة، حتى وصف بابا الكنيسة المادة 219 المفسرة للمادة الثانية بأنها مادة كارثية، دون مراعاة للأغلبية المسلمة التي لا تقبل أن تُحكم إلا بشريعة الله.

وصاغ هؤلاء وأولئك شبهات من بنات أفكارهم ومن وحي الشياطين إليهم لوثوا بها أسماع الناس -والتي ربما علقت بأذهان بعضهم- في وسائل إعلامهم وفضائياتهم في حرب سافرة لا يدخرون فيها جهدًا أو وسعًا، ونحن على يقين بأن سعيهم سيخيب، {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: من الآية 81]، {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال: من الآية 36].

ومن أبرز تلك الشبهات المثارة على عامة الناس عبر القصف الفضائي المركز:

- قولهم: إن الإسلاميين أنفسهم مختلفون في فهم الشريعة فكيف يتسنّى تطبيقها مع تعدد المذاهب والأقوال والترجيحات... هذا مع إصرارهم على تجاهل تصريحات الإسلاميين -خصوصًا رموز الدعوة السلفية- من أنه لا مانع عندهم من أن يكون الأزهر هو المرجعية في تفسير النصوص الشرعية على اعتبار أنهم لم يفتئوا يذكرون الأزهر ويصفونه بأنه المؤسسة الممثلة للإسلام الوسطي المعتدل، ومع تجاهلهم أن قوانينهم الوضعية -المقدسة عندهم- فيها من ألوان الاختلاف ما يزيد على النصوص الشرعية، وكلما علموا شيئًا من الشرع يخالف أهواءهم رموا أهل العلم بأن هذا تفسيركم أنتم، وفهمكم الذي تريدون فرضه علينا.

ومن عجائب ما سمعنا في ذلك: ما ذكرته الدكتورة منال الطيبي في سياق الكلام على ما يسمونه بزواج الأطفال (صغيرات السن) في مداخلة مع د. ياسر برهامي في حلقة فضائية نهائية مع وائل الإبراشي قالت ما نصه: "أشكر د. ياسر لأنه أكثر صراحة من بعض الأعضاء الذين يحاولون الالتفاف حول تفسير موضوع زواج الأطفال (صغيرات السن) أنه كان أكثر صراحة، لدرجة أنه كمان لم يشترط سن البلوغ، ده حتى فسَّر الآية الكريمة بمن لم تحض بعد...". في حين أن د. ياسر لم يزد على تلاوة الآية الكريمة وهي قول الله تعالى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: من الآية 4]، وذكر لها د.ياسر أن هذا كلام الله ونص الآية الكريمة، وإلا فما تفسيرها عندكِ إن كنتِ تؤمنين بالقرآن وتعتقدين صدقه؟

ولكن هم حُفِّظوا هذا الكلام ولا يعرفون سواه، بل بلغ الأمر ببعضهم أن صرَّح بأن هذا الخلاف في فهم نصوص الشريعة موجب لترك التحاكم إلى الشريعة بالكلية.

وهم بهذا الزعم: يريدون أن يصوروا للناس أن تطبيق الشريعة غير ممكن بحال لا في الحاضر ولا في المستقبل، ولسان حالهم -بل مقالهم أحيانًا- يصرخ هاتفًا: كيف تريدون أن نترك القوانين الوضعية وحكم الجاهلية وعبادة الأهواء ونتحاكم إلى شريعة الإسلام؟ وكأن من ينادي بتطبيق الشريعة يريد أن يحرم البلاد والعباد من سعادة وهناء ونعيم يرفلون فيه، وكأن مصر قبل الثورة -وغيرها من بلدان العالم الإسلامي قبل ثورات أهل الإسلام- كانت تنعم وأهلها في ظل القوانين الوضعية بالأمن والأمان والكرامة والرفاهية والحرية والحضارة والمدنية... ثم لما بزغ نجم الإسلاميين أرادوا بدعوتهم إلى تحكيم الشريعة أن يحرموا الناس من هذا الهناء وهذه السعادة المزعومة.

وإلا فقد عاشت بلادنا -وغيرها- زمنًا تتقلب فيه من اشتراكية إلى رأسمالية إلى ليبرالية وتعددت عليها القوانين الوضعية والمناهج الفكرية المختلفة... ولكن ماذا كان حال البلاد؟ كانت تحيا حياة القهر والاستبداد مما هو معروف ومعلوم.

فماذا قدمت تلك القوانين الوضعية التي حُكمت بها بلدان المسلمين غير البؤس والشقاء والمذاهب الإلحادية والمناهج المنحرفة، والفساد والمجون و...؟ هل قدمت غير ذلك؟ وهل قادت البلاد إلى نهضة حقيقية في أي مجال من مجالات الحياة؟

ولكن هؤلاء صاروا لا يطيقون حتى رائحة الشريعة ولا يتصورون حياتهم بغير قوانينهم المقيتة المحلة للربا والزنا والخمور... بل بلغ الحال ببعضهم وهو عمرو موسى أن ساوم د. ياسر برهامي في التأسيسية على المادة الثانية، وقال له: "عديلي المادة الثانية وأنا أعديلك مادة الرق" وإلى الله المشتكى.

وهم -كذلك- بزعمهم أن الاختلاف في فهم النصوص الشرعية يحول دون تطبيقها، يصورون الإسلام وكأنه دين جديد حديث الولادة لم يسبق له أن يحكم الحياة ويصلحها لقرون متطاولة، بل إن سقوط الخلافة الإسلامية لم يمر عليه مائة سنة بعد، فكان الإسلام حاكمًا مطبقًا ينعم به الناس مسلمهم وكافرهم رغم اختلاف المذاهب والأفهام وتعدد الأقوال -التي يحتملها الدليل- التي كانت في الحقيقة تثري الفقه الإسلامي والعقل المسلم، ولم يكن هذا مانعًا بحال أبدًا من تطبيق شرع الله في أي عصر أو أي مصر من أمصار الإسلام، بل ساد الإسلام وانتشر في العالم وتلقفته قلوب الورى بشوق ولهفة، وحكَّموه في دمائهم وأموالهم حتى اتسعت رقعة الإسلام إلى ما يعلمونه جيدًا، فلا تكاد تخلو بقعة في العالم من جالية مسلمة لولا العدوان عليها واضطهادها بالحديد والنار والمذابح الوحشية لكانت أغلبية مطلقة.

ثم هل التزموا هم بما لم يختلف المسلمون في تفسيره وأجمعوا عليه أم هو معارضة الوحي واتباع الهوى؟!

ومن النصوص ما ليس له إلا وجه واحد، وأجمع الفقهاء المعتبرون -لا المستأجرون- عليه، فهل يقبلونه؟!

إضافة إلى أن هذا الزعم منهم يتضمن مدحًا لقوانينهم المقيتة الممتلئة بألوان الاختلاف وتعدد الآراء المتناقضة، وصدق الله تعالى إذ يقول: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: من الآية 82].

وعمومًا فالعبرة عند الاختلاف إنما هو بما قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: من الآية 59]، ولكنهم لا يقبلون بمرجعية الشريعة أصلاً.

وقد يحاول بعض هؤلاء أن يتلطف في معارضته لتطبيق الشريعة بزعم أنه يخشى من سوء تطبيق القائمين عليها، وكأنه لا يعلم أن هذا يسري كذلك على القوانين الوضعية التي يرضى بها ويقبلها، بل ظن ذلك بأهلها وبمن يقوم عليها أولى من الإسلاميين، ولم يكن هذا مانعًا عنده من قبول تلك القوانين؛ فلماذا لا يمرر هذا مع الإسلام؟!

- وكذا قولهم:

إن النصوص الشرعية ظنية الدلالة: فيأتون إلى نصوص القرآن الكريم التي هي قطعية الثبوت فيقولون: إنها ظنية الدلالة، والسنة لا يجهلون أن أكثرها ظني الثبوت -وأما المتواتر منها فهو قطعي الثبوت- فيقصدون بذلك التوصل إلى ترك تحكيم الشرعية بالكلية! بل قال بعضهم وهو عمار علي حسن -أحد أبرز الليبراليين الحريصين على فرض الليبرالية في مجتمعنا المسلم- لـ د.ياسر برهامي في حوار بينهما حول قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]، فقال: "السارق في تعريفه خلاف، والقطع فيه خلاف، وأيديهما -أيضًا- فيها خلاف: من الكف أم من المرفق أم من الإبط، وفي القرآن: {{C}{C}{C}{C}وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ{C}{C}{C}{C}} [يوسف: من الآية 31]، خلاص نجيب الحرامي ونجرح يده بمشرط، ونكون قد طبقنا الآية، فالكلام محتمل وليس قطعيًّا"، هذا مع كون السُنّة أوضحت ذلك وأجمع العلماء على قطع وإبانة يد السارق من الكف الأيمن، فقال له د. ياسر: "أنتَ بهذا لن تبقي في الشريعة أي ثوابت" فقال: "أجيب لك من الآخر يا شيخ ياسر السياسة ليس فيها ثوابت".

وهذا الزعم منهم ظاهر البطلان، لأن كون الدليل ظني الدلالة لا يُسقط وجوب العمل به، وإن لم يكفر منكره؛ لكونه لم يثبت قطعيًّا، وأكثر الأحكام الشرعية من وجوب وتحريم واستحباب وكراهة ثبتت بأدلةٍ ظنية الدلالة، وقد حصل إجماع الصحابة على قبول خبر الواحد والعمل به في وقائع لا تنحصر، فكانوا يقبلون من بعضهم بعضًا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ويعملون بها.

- وكذلك قولهم: إن الغرب تقدم لما تخلى عن الدين وألقاه وراءه ظهريًّا، وفصل الدين عن الدولة، بل عن الحياة.

وهذه مغالطة خبيثة وتسوية بين الحق والباطل والهدى والضلال، فالتقدم والتأخر مرتبط بالأخذ بالأسباب والاجتهاد، ونحن بالفعل لا نطبق الشريعة الإسلامية ومع ذلك لم نلحق بركاب القوم، وقد تقدمت أمم وحازت أسباب القوة وهي لا تزال على وثنيتها وشركها سواء في الماضي كالفراعنة والفرس والروم أو في الحاضر كاليابان والصين وعباد البقر وغيرهم... ودين هؤلاء خالف العقل الصريح وحارب العلم والعلماء، وسيطر على مقدرات حياتهم، وقامت دولتهم الثيوقراطية على أساس أن الحاكم يستمد سلطته وحكمه من الرب، وأنه ظل الإله في الأرض، وكانت الباباوات والأحبار والرهبان يعطون ويمنعون ويصفحون ويعذبون ويحلون ويحرمون بأهوائهم.

فكانت ثورتهم وتمردهم على ما خالف المنقول والمعقول -وهم مع ذلك لم يتخلوا عن دينهم بالكلية، بل ينصون في دساتيرهم على ديانتهم ومللهم، ويبذلون الأموال الطائلة فيما يسمونه بالتبشير بدينهم- فتقدموا ماديًّا -ولا يزالون في شقاء روحي وعذاب نفسي وانحلال أخلاقي- لما أخذوا بأسباب القوة والتقدم التي يأمر بها إسلامنا وديننا، في الوقت الذي تكالبوا فيه على أهل الإسلام هم وصنيعتهم في بلاد المسلمين من الحكام العملاء وغيرهم... ليمنعوا المسلمين من تلك الأسباب.

أما الإسلام فلم يعرف قط الدولة الثيوقراطية أو التعارض بين العلم والدين، بل الدولة الإسلامية نموذج فريد من نوعه، وما تقدم المسلمون وما سادوا العالم إلا بالإسلام، ولن يعود لهم مجدهم إلا بمراجعة دينهم والعودة إلى المنهج الإلهي المتمثل في شريعته.

هذا وليس الغرض استقصاء الشبهات المثارة حول تطبيق الشريعة، والله متم نوره ولو كره الكافرون.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



محمود عبد الحفيظ
 

  • 2
  • 0
  • 4,752

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً