مفاهيم ربانية (3-3)

منذ 2013-02-07

هل تعتقد أن أنفسنا ستعلو وأن إسلامنا سينهض وأن قلوبنا ستطمأن بدون أن ننهض إلى ربنا في كل حال, فنقيم الصلاة على وقتها دون نظر أو اعتبار لأي كائن, ونعطي للعبادات حقها كما يرغب ربنا ويرضى.

 

اليوم نستعرض إن شاء الله الجزء الثالث والأخير من مفاهيم ربانية.

(8) صَلاحُك أولاً.. مفهوم رباني نحو صلاح بنوك وأهل بيتك:

هل تعتقد أن يتحقق صلاح الأبناء في حين أن مُربيّهم وراعي بيتهم كثيرا ما يظهر بحال بئيس أمامهم.
فهو يكذب ويسرق ويخادع ويؤذي جيرانه بالضَجّ والضجيج والصَخَبِ الشديد..
يرتشى عمله ويكسب من حرام..
هل تعتقد أن الأبناء من الممكن أن ينصلحوا دون أن تنصلح قدوتهم..
ألست معى أيها الأب المربى أن صلاحك في الدنيا وقاية لأبنائك بعد مماتك..
حسب قول الله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّـهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9]، فإذا أردت الحفظ والوقاية لأولادك بعد مماتك فأصلح حالك أنت في حياتك وكن تقياً صالحاً مصلحاً.

(9) نهوضك مع الخالق.. مفهوم رباني نحو نهوضك مع الخلائق:

هل تعتقد أن أنفسنا ستعلو وأن إسلامنا سينهض وأن قلوبنا ستطمأن بدون أن ننهض إلى ربنا في كل حال, فنقيم الصلاة على وقتها دون نظر أو اعتبار لأي كائن, ونعطي للعبادات حقها كما يرغب ربنا ويرضى، وأنه عندما تكون غايتنا ومبتغانا هو الله, فإنه يجب أن تتكسر أمامها كل الغايات الأخرى.

ألست توافقنى الرأي في الاعتقاد بأن نظافة يدك وطهارتها وتعففها عن المال الحرام هو خطوة أكيدة نحو تكسبك لرزق حلال طيب مبارك طاهر يكون لك سببا في استجابة دعائك عندما ترفع يديك إلى مولاك و خالقك؟! «ياسعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة» (إسناده ضعيف).

صدّقني أخي الكريم..

إن خوفك من الله سيكون خطوة أكيدة نحو تخويف الخلق منك وأمانك منهم وذيوع سلطانه لك عليهم.

صدقني أخي الكريم..

إن جمال علاقتك مع الله سيفرز حتماً جمالا ً في علاقتك مع الناس.. أو يجب أن يفرزها كنتاج حتمي.

(10) حُبّ العمل لدينك.. مفهوم رباني نحو نجاتك:

هل تعتقد أن تكون مسلماً بحق دون أن توقن وتفهم وتعلم وتطمأن تماماً بأن الدين عند الله الإسلام، وأنه لا نجاه في غيره طريقا ًومنهجاً فهو السبيل الوحيد الذي يستطيع أن يصل بنا وبغيرنا وبكافة الدنيا بأمن وأمان إلى جنات الله في الدنيا قبل الآخرة, فالإسلام دين يتميز بشموله الرائع فهو أخلاق وصدق وذكر وثقافة وريادة ووسطية واجتماع ومحبّة وإخاء وسلام ولين وٌبعد عن الجفاء والتشدد والتعصب والمزايدات والتنطع, وهو دين فيه الحلول لمشاكل الأخلاق والاقتصاد والاجتماع والمال والنفس والعائلة.

مما يجعلك منوطاً بالعمل لرفعة دينك ونشر سماحاته وذوقياته وأخلاقياته وشرائعه وهدى نبيه في كل مجال وبأى مكان وعلى مر الدهور والأزمان.. فالنجاة في أن تنهج نهج الأنبياء والمرسلون الذين تحمّلوا الأمانة وأبلغوا الرسالة.

وقد كان نبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم على رأس قائمة الأنبياء الدعاة الكرماء الذى ما توقف لحظة وما شغله شاغل عن العمل لدين ربه فبلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وأذهب عنها الغُمّة وتركها على المحجة البيضاء السمحة الجميلة التي لايزيغ عنها إلا هالك...
فكن كمحمداً ناصحاً للناس مُبلّغاً رحيماً خَلُوقاً مبشراً غير منفرٍ محباً للناس محبباً غير مؤذياً, تنجو بإذن الله وتسعد وتلقى ربك وهو عنك راضياً.

(11) تواضُعك وذَوقُك.. مفهوم رباني نحو امتلاكك للقلوب:

هل تعتقد أنك من الممكن أن تنال حب الناس بدون أن تتواضع وتلين لهم القول وتتبشش في وجوههم وتصنع لهم الخير وتحب لهم ماتحبه لنفسك وتبذل لهم المعروف وتنصح لهم بالحسنى والرفق وتخاف عليهم من النار مثلما تخاف على نفسك وتعتقد في أن الناس بالناس والكل بالله رب الناس وتسعى لهم في حوائجهم وتحفظ لهم أموالهم وتستر عليهم في دنياهم ومعايبهم وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر وتدعو بالخير لهم وتحمل همّهم وهمّ خلاصهم من قيودهم الدنيويّة التي هي طالما تكالبت على أعناقهم فكبلتها وأثقلتها فلم يعد أمامهم سوى صرخات التضرع والتذلل لخالقهم ومولاهم.

فيا أيها الحبيب.. إذا أردت حُب الناس فلا تؤذى جارك ولا تَرُدّ سائِلُك, ولاتغفل عن زيارة المريض ولاتسفّه رأيه ولاتُثقّل عليه دمك, وكن كالنحلة ضع شهداً وعسلاً كلما ذهبت هنا أو هناك وكن ذا أثر, وكن ممن إذا غاب عن الناس تشوّقوا لرؤيته وتمنَّوا لُقْيَتَه والاستمتاع بإشراقته وطَلّتِه..

واعلم أنك إذا أحرزت نجاحاً في ذلك فإن ذلك يعني أنك تكون قد وقفت علي بداية طريق أصحاب الدعوات الصادقة واللآلئ المشرقة.

خاتمة:

الحمد لله الذي لا ينسى من ذَكَرَهُ, ولا يُضيَّع من شكره, الحمد لله الذي لا يـُخَيِّبُ من قصده.
الحمد لله مَنْ وَثَقَ به لا يَكِلَه إلى غيره, الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحساناً وبالصبر نجاةً وغفراناً.
الحمد لله الذي هو رجاؤنا حين تسوء الظنون بأعمالنا, الحمد لله الذي هو ثقتنا حين تنقطع الحيل عنّا.
الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته, وذلَّ كُلُّ شيءٍ لعزته وخضع كُلُّ شيءٍ لملكه.
الحمد لله الذي سكن كل شيء لهيبته, وأظهر كل شيء بحكمته وتصاغر كل شيء لكبريائه.
الحمد لله الذي بعزته وجلاله تتم الصالحات.

نسأل الله أن يتقبل منا هذه السلسة من (مفاهيم ربانية) سائلينه تعالى أن يجعلها لوجهه خالصة له وحده وألا يجعل فيها ولا معها شيئا لأحد غيره, وأن ينفع به أمة الحبيب.
وصلً اللهم على نبينا وحبيبنا محمد طب القلوب ودواؤها.


 

نبيل جلهوم


 عضو اتحاد الكتّاب والمثقفين العرب.
 

 

  • 0
  • 0
  • 1,704

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً